عجلون.. تمويل المشاريع “طوق نجاة” لشباب وسيدات من مستنقع الفقر والبطالة

عجلون- يسعى شبان وفتيات في محافظة عجلون إلى بناء مشاريعهم الخاصة الصغيرة والمتوسطة، بما يتوفر لديهم من قدرات مالية، وسط سعيهم للتشبيك مع جهات داعمة ومانحة، وأخرى تعنى بالتدريب والتأهيل، لإعداد أنفسهم واكتساب المهارات والخبرات الضرورية، وتطوير مشاريعهم باستمرار.

ويؤكد هؤلاء، أن دافعيتهم تأتي في ظل تراجع فرص العمل ومحدوديتها، سواء في القطاع العام  أو الخاص، أو الحاجة لانتظارها طويلا، رغم محدودية الأعداد المستفيدة من تلك الفرص، مؤكدين أن منح المشاريع المقدمة من عدة جهات داعمة، تبقى هي الفرصة وبارقة الأمل لانتشالهم من الفقر والبطالة.

الناشط محمد عنانبة يقول، إن الكثير من الشباب والأسر تمكنوا من إنشاء مشاريعهم الخاصة المدرة للدخل، بحيث حقق الكثير من المستفيدين من هذه المشاريع التي تتنوع في مجالات التصنيع الغذائي والنباتي والمشاربع السياحية الصغيرة وغيرها قصص نجاح لافتة، بحيث باتت هذه التجارب الناجحة تدفع الكثير من الشباب لخوض التجربة، إلا أنها قد تصطدم بعدم توفر رأس المال أو المكان المناسب، ومحدودية الدعم، ومعاناتهم مع عدم توفر الخدمات الكافية في بعض المواقع  التي تصلح لتنفيذ مشاريعهم، خصوصا السياحية والزراعية.
ودعا مجلس المحافظة إلى إيجاد مخصصات لدعم المشاريع التنموية  والعمل على إيجاد مشاريع تنموية كبرى بالتشاركية مع القطاع الخاص تساهم في التشغيل. وقال أحد أصحاب المشاريع الناجحة حمزة شويات، إن الخروج من حالة التعطل يكون بإنشاء مشاريع خاصة، وهو طموح يراود العديد من شباب وشابات محافظة عجلون التي تفتقر لفرص العمل، بينما يصطدم هذا الطموح بمعضلة التمويل، وأحيانا ضعف خدمات البنى التحتية في المناطق المقترحة لتنفيذ المشاريع، لافتا إلى أن العديد من المؤسسات الداعمة أسهمت بإحياء الأمل ونقل بعض الشباب من البطالة إلى الريادة بالأعمال.
وأضاف شويات، أن الشباب في عجلون بحاجة إلى دعم ومساندة فيما يتعلق بالمشاريع التنموية الاقتصادية  الصغيرة والمتوسطة والتي تعمل على تشغيل أكبر عدد ممكن من أبناء وبنات المحافظة، مشيرا إلى أهمية التشاركية مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع خاصة ممولة من قبل المنظمات والقطاع الخاص مثل المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية (جيدكو)، حيث إن هناك أفكارا ريادية شبابية بناءة ومبتكرة ولكنها بحاجة إلى تمويل حتى يتم تنفيذها على أرض الواقع، الأمر الذي يساهم في التقليل من الفقر والبطالة.
وعملت جهات ومؤسسات مانحة وداعمة، على توقيع اتفاقيات لتنفيذ عدد من المشاريع التنموية، وعقد دورات تدريبية في المحافظة، بحيث تضمن إنشاء مشاريع ناجحة وطموحة، ومن بينها ما نفذته (جيدكو)، عبر تقديم منح غير مستردة لـ75 مشروعا خلال العامين الماضيين.
ويؤكد القائمون على المؤسسة أنها تهدف إلى إحداث نقلة تنموية تتيح للفتيات والشباب المتعطلين عن العمل تنفيذ مشاريعهم الخاصة التي تتلاءم وخصوصية المحافظة السياحية والزراعية، وتوفر فرص عمل دائمة للشباب المتعطل عن العمل، لافتين إلى أن المؤسسة عملت على تدريب مباشر للقائمين على هذه المشاريع بهدف دعمهم لنجاح مشاريعهم الإنتاجية الجديدة في القطاعات السياحية والصناعية والحرفية والخدمية والزراعية.
وتؤكد المدربة في مجال المشاريع  ولاء بني سلمان، أن المشاريع الإنتاجية تهدف إلى توفير مصدر دخل للفرد بهدف تحقيق العيش الكريم، موضحة أن تنفيذ المشروع يبدأ بالتخطيط والتنظيم والتوجيه والمتابعة والتقييم، وعمل مسح لاحتياجات المنطقة الجغرافية التي سيخدمها المشروع، مشددة في الوقت ذاته على أهمية المشاريع الصغيرة وكيفية تطويرها، وذلك من خلال طرح الاستفسارات لتوضيح المعلومات الضرورية، وعمل مجموعات واقتراحات لبعض المشاريع الخدمية والإنتاجية التي تخدم المجتمع المحلي.
وكانت بلدية عجلون الكبرى وقعت سابقا مع مركز تطوير الأعمال- BDC- في القرية الحضرية اتفاقية لتمكين خمس سيدات اقتصاديا من خلال دعمهن بمنح لإقامة مشاريع صغيرة مدرة للدخل.
وجاءت الاتفاقيات ضمن برنامج “تعزيز مشاركة النساء الاقتصادية في الأردن” الممول من الاتحاد الأوروبي، والذي ينفذه تحالف تقوده المبادرة النسوية الأورومتوسطية بالتعاون مع مركز تطوير الاعمال، ويهدف إلى تمكين النساء اقتصاديا وتعزيز مشاركتهن في التنمية المحلية، وتقديم الدعم والخدمات اللازمة للمرأة لضمان نجاحها في تأسيس مشاريعها.
وثمنت إحدى السيدات المستفيدات من مشاريع الدعم عنود القادري، جهود بلدية عجلون الهادفة إلى خلق فرص عمل للسيدات من خلال التشبيك مع الجهات المانحة والداعمة، مشيرة إلى أن هذه الاتفاقيات تمثل فرصة حقيقية لها لبدء مشروعها الخاص وتحقيق مصدر دخل لأسرتها، خصوصا أن نسبة البطالة بين الخريجات من الشابات في المحافظة، باتت تتجاوز الـ40 %، ما يتطلب وجود مثل هذه الاتفاقيات والمنح البرامج التدريبية.

أحد المستفيدين من المنح، سليمان جميل، يقول إنه تحصل على منحة بقيمة 25 ألف دينار، مؤكدا أن المشاريع الممولة من (جيدكو)، وخاصة السياحية منها، تعد من أبرز وأنجح المشاريع التي أصبحت بالفعل قصة نجاح كبيرة في المحافظة، بفضل المتابعة والإشراف الدائم ودراسة الجدوى الاقتصادية التي تشرف عليها المؤسسة من خلال كوادرها المميزة التي تتعامل مع المراجعين وأصحاب المشاريع.
وأكد جميل أهمية دعم المشاريع الممولة والمحافظة على فرص العمل القائمة في ظل محدودية التعيين في القطاعين العام والخاص، وتجسيدا لمبدأ التشغيل بديلا عن التوظيف للشباب، خاصة للأفكار الريادية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وكان مجلس إدارة (جيدكو)، قرر إنشاء وحدة للمشاريع الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة تتولى توجيه الشباب، خاصة في المحافظات، وتشجيعهم على إقامة مشاريع صغيرة ذات جدوى اقتصادية وتسهم في معالجة مشكلتي الفقر والبطالة.
ووفقا لبيان صدر عن المؤسسة حينها، فإن الوحدة ستعمل على دعم المشاريع الناشئة والصغيرة والمتوسطة فنياً وإدارياً وتسويقياً للوصول إلى بيئة مستدامة ومعايير دولية تزيد من تنافسيتها وتقديم الدعم المادي والفني المتاح اللازم للمشاريع الاقتصادية في ضوء إمكانيات المؤسسة لغايات تطويرها وتمكينها من المنافسة.
من جهتها، تقول الناشطة الاجتماعية منى اليعقوب، إن الكثير من السيدات والفتيات في المحافظة تمكنَّ من تحقيق قصص نجاح متنوعة، تمثلت بتأسيس مشاريع رائدة خاصة بهن، بحيث استطعن تطويرها، وتمكن من خلالها من إعالة أنفسهن وأسرهن، مشيرة إلى أن بعضهن  يعملن على صناعة وبيع المواد الغذائية بأنفسهن أو من خلال الجمعيات، فيما استطاع بعضهن من تحويل أجزاء من المنازل إلى مطاعم ريفية تقدم أكلات شعبية، بحيث باتت تلك المشاريع التي تخصص جلسات ريفية، وتقدم فيها وجبات غذائية من المنتجات المحلية “البلدية”، تلقى رواجا وإقبالا من قبل الزبائن، وتدر دخلا جيدا.
يذكر أن وزارة الزراعة استحدثت برامج للتدريب على التصنيع الغذائي للشابات والشباب في المحافظة، في مسعى منها للحد من تفاقم البطالة بين صفوفهم، مؤكدة أن استثمار فرص وبرامج التدريب، والانخراط فيها، يتمكن المتدربين من التأهيل لدخول سوق العمل بمشاريعهم الخاصة والإنتاج، ما ينعكس عليهم إيجابيا.
وتؤكد السيدة أم أحمد، أنها باتت تحقق نجاحا لافتا في مشروعها الذي أنشأته بمنزلها، ويشتمل على تقديم وجبات الإفطار المحلية مع خبز “الطابون” البلدي، لافتة إلى أن كثيرا من الزبائن باتوا يأتون من مختلف محافظات المملكة لتناول الوجبات مع أسرهم، ومشيرة كذلك إلى أن المشروع بات يوفر دخلا جيدا للأسرة، كما أنها توظف معها عددا من الفتيات لمساعدتها.
وأكدت أم أحمد أن العديد من الفتيات استفدن من برامج معهد التدريب والشركة الوطنية ضمن مشروع “التشغيل الذاتي”، وكذلك مشروع لجان الدعم المجتمعي الذي ينفذه الصندوق الأردني الهاشمي “جهد”، من خلال الانخراط في دورات تدريبية في التصنيع الغذائي لتمكين وتدريب سيدات المجتمع المحلي وإكسابهن المهارات.
من جهته، أكد رئيس مجلس محافظة عجلون عمر المومني، أن عجلون تتميز بطابعها السياحي والزراعي ما يعطيها أولوية لتنفيذ مثل هذه المشاريع في المحافظة لتعزيز التنمية المستدامة، والحد من الفقر والبطالة، من خلال توفير فرص عمل لأبناء المجتمع المحلي في هذه المشاريع، مشيدا بجهود الجهات الداعمة لإقامة ومساندة أصحاب المشاريع الزراعية الصغيرة، ومنها مؤسستا “جيدكو” ونهر الأردن.
كما أكد المومني، أن المجلس يركز على قضايا الفقر والبطالة والشباب وضرورة تشغيل الشباب عبر تخصيص مبالغ جيدة من موازنة المجلس لصالح توفير بيئة ملائمة وداعمة لإقامة مشاريع تنموية في المحافظة من شأنها توفير فرص عمل لشباب وشابات المحافظة والاستفادة من ميزات المحافظة وخصوصيتها الزراعية والسياحية الفريدة من نوعها.
من جانبه، يؤكد رئيس بلدية عجلون حمزة الزغول، أهمية الدور المحوري الذي تلعبه البلديات باعتبارها مؤسسات خدمية تنموية ذات تماس مباشر مع كافة القطاعات، خصوصا في مجال توفير وإقامة مشاريع تسهم بتشغيل الأيدي العاملة بما يسهم بالحد من مشكلتي الفقر والبطالة.
وأوضح أن هذه المنح تأتي لدعم وتعزيز مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية في المحافظة، مؤكدا أن البلدية ستعمل على توفير كافة التسهيلات اللازمة لضمان نجاح مشاريع حالية ومستقبلية وتحقيق أهدافها، والالتزام  بمد جسور التعاون مع كافة الجهات الداعمة للمرأة ولأبناء المجتمع المحلي.

عامر خطاطبه/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة