عصابات ومافيات تجني ملايين الدولارات من لقاحات مزيفة لـ”كورونا”
وفر التسابق المحموم من دول العالم للحصول على أكبر كمية ممكنة من جرعات لقاح كورونا أرضية خصبة لمافيات وعصابات في العالم، دخلت على خط المتاجرة باللقاحات، إما مزيفة أو سرقتها، أو حصلت عليها عبر طرق فاسدة.
وتحدثت تقارير وتصريحات لمسؤولين إما في الشرطة الدولية “الانتربول”
أو الجهات الرسمية في أكثر من بلد أو منظمة الصحة العالمية أن تلك اللقاحات حققت أرباحا بملايين الدولارات للعصابات.
وظهرت عصابات استغلت الظرف الراهن والحاجة الملحة للقاحات لتقوم بتصنيع وتصدير وبيع لقاحات مزيفة، ظهرت أنواع مختلفة منها في دول عدة، الا أن بدايتها كانت في الصين.
فقد تم إعتقال زعماء وافراد أكثر من عصابة هناك تمكنت من الاحتيال على مستشفيات وأشخاص ببيعهم لقاحات مزيفة، وجمعوا عبر ذلك ملايين الدولارات مقابل محلول ملحي ومياه معدنية على أنهما لقاحات فيروس كورونا.
وكانت منظمة الشرطة الجنائية الدولية “الإنتربول” أعلنت، مطلع الشهر الحالي أن الشرطة في الصين وجنوب إفريقيا صادرت مؤخراً آلاف الجرعات المزيفة من لقاحات كوفيد19، محذرة من أن هذا لا يمثل سوى “قمة جبل الجليد” في الجرائم المتعلقة باللقاحات.
وقالت الوكالة من مقرها في ليون/ فرنسا إنه تم العثور على حوالي 2400 جرعة تحتوي على لقاح مزيف في مستودع في جيرميستون خارج جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا، كما تم ضبط أقنعة مزيفة، وتم اعتقال ثلاثة صينيين ومواطن زامبي.
وبحسب بيان لشرطة جنوب إفريقيا، فإن الأجانب الذين تم اعتقالهم، حاولوا تسويق اللقاحات المزيفة داخل جنوب إفريقيا، ما يدلل على أن هذه اللقاحات قد يكون مصدرها شبكات إجرامية في الصين أيضاً.
وذكرت “الإنتربول” أن الشرطة في الصين نجحت بالتعاون معها من تحديد شبكة إجرامية تبيع لقاحات كورونا المزيفة، وتم القبض ضمن عملية أمنية على حوالي 80 مشتبها بهم بتزوير اللقاحات كما تمت مصادرة أكثر من 3000 لقاح مزيف.
وعقب أكثر من حادثة لبيع لقاحات مزيفة أعلنت الصين أنها “تتخذ إجراءات صارمة ضد الجرائم المتعلقة بلقاحات كورونا”، حيث اعتقلت العشرات بتهم إنتاج وتوزيع لقاحات مزيفة والتلاعب بالأسعار والتطعيمات غير القانونية.
وأضافت أنه في حالات أخرى، تم بيع لقاحات مزيفة بأسعار مرتفعة، ضمن برامج التطعيم الطارئة في المستشفيات، أو تم تهريبها إلى الخارج.
وحول خطورة هذه اللقاحات، كان الإنتربول أصدر في بداية العام الحالي “الإشعار البرتقالي” تحذيراً للسلطات في جميع أنحاء العالم، وتنبيهاً لها إلى ضرورة الاستعداد لشبكات الجريمة المنظمة التي ستعمل على الاستفادة من أزمة لقاحات كورونا، سواء على المستوى المادي أو عبر الإنترنت.
ونبه الأمين العام للإنتربول، يورغن ستوك إلى أن ما كشف عنه ليس إلا القليل من فيض الجرائم المتعلقة بلقاح كورونا”، مضيفاً أنه بالإضافة إلى الاعتقالات في جنوب إفريقيا والصين، فإنه تلقى أيضاً تقارير أخرى عن توزيع لقاحات مزيفة عبر الإنترنت، مشيراً إلى أن “أي لقاح يُعلن عنه على مواقع الويب أو الويب المظلم (Dark Web) لن يكون شرعياً ولم يخضع للاختبارات المطلوبة، وقد ينطوي على خطر كبير”.
وحذر ستوك كان من ارتفاع حاد في معدلات الجريمة المرتبطة بلقاحات كورونا بعد بدء طرحها، وشمل ذلك السرقات واقتحام المستودعات والهجمات على شحنات نقل اللقاح.
وغير الصين وجنوب إفريقيا، أعلنت المكسيك في 18 شباط (فبراير) الماضي عن اعتقال العديد من المجرمين شمال البلاد بزعم تهريبهم لقاحات مزيفة تشابه لقاحات “فايزر” المضادة لفيروس كورونا.
وقال مساعد وزير الصحة المكسيك هوغو لوبيز جاتيل “لدينا دليل مباشر على أن اللقاحات الاحتيالية بيعت لما يصل إلى 40 ألف بيزو (حوالي 2000 دولار) للجرعة الواحدة”، مضيفاً أن اللقاحات المزيفة تم تقديمها على أنها لقاحات فايزر، والتي لا تتوفر إلا في المكسيك من خلال فرق التطعيم الحكومية، مشيراً إلى أن السلطات عثرت على عيادة خاصة تعرض لقاحات مزيفة للبيع في مدينة مونتيري في ولاية نويفو ليون الحدودية.
وفي شرق وغرب إفريقيا أعلنت وكالة الإنتربول في 26 شباط (فبراير) الماضي، أن عصابات الجريمة المنظمة لديها جميع الشبكات والأساليب اللازمة لتهريب لقاحات كورونا المزيفة في جميع أنحاء إفريقيا، وذكر محلل استخبارات الجريمة في الإنتربول جون باتريك بروم، ، قوله إن العصابات الإجرامية في شرق إفريقيا تستورد أدوية مزيفة من آسيا، ومعظمها من الصين والهند، كما هو الحال في بقية القارة. وقال إن الأدوية المزيفة تفتقر إلى أي مكونات نشطة، والعديد منها يحتوي بالفعل على مواد ضارة.
وأضاف بروم: “تدخل اللقاحات والأدوية غير المشروعة في المقام الأول السوق من شرق إفريقيا من خلال تجنب اللوائح، وهناك إجرام قائم على العنف، وهناك أيضاً فساد، وفساد على عدد من المستويات المختلفة”.
ونقلت شبكة “VOA” نقلا عن الصحفية النيجيرية “رونا ماير”، قولها إن مسؤولين حكوميين ومسؤولين تنفيذيين في شركات الأدوية يعملون مع المجرمين لتوزيع لقاحات وأدوية مضادة لكورونا مغشوشة في غرب إفريقيا، مضيفة أن هذا بالفعل “إشارة حمراء كبيرة”.
وتقول ماير إنه لن يكون هناك لقاحات كافية، ومع ارتفاع معدلات الإصابة والوفيات في بعض البلدان، سيدخل المجرمون المنتجات المقلدة إلى سلاسل التوريد. وتشير إلى أنهم فعلوا ذلك بسهولة من قبل مع “الكلوروكين”، عندما ارتفع الطلب عليه كعقار مضاد للملاريا العام الماضي بعد أن تم وصفه بأنه علاج لفيروس كورونا.
وضمن هذا السياق حذرت منظمة الصحة العالمية أمس، من عمليات النصب التي تمر عبر لقاحات مزيفة معربة عن قلقها بشأن احتمال قيام جماعات إجرامية باستغلال الطلب العالمي الهائل، على اللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
وحدا هذا الامر بأن أبلغت المنظمة عدة وزارات صحة وسلطات وطنية تنظيمية ومنظمات مشتريات عامة عن تلقيها عروضا مشبوهة لتزويدها باللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
وقال مديرها العام تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، خلال المؤتمر الصحفي الاعتيادي في جنيف أمس، من قيام جماعات إجرامية بإعادة استخدام قوارير اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستخدمة والفارغة، وبيع منتجات مغشوشة عبر الإنترنت، خاصة عبر الشبكة المظلمة.
وقال: “نحث على التخلص الآمن من قوارير اللقاح المستخدمة والفارغة، أو إتلافها لمنع إعادة استخدامها من قبل الجماعات الإجرامية”.
وأضاف “نحث جميع الناس على عدم الحصول على اللقاحات المضادة لهذا الفيروس خارج برامج التطعيم التي تديرها الحكومة”، مشيرا إلى أن “أي لقاح يتم شراؤه خارج هذه البرامج، ربما يكون دون المستوى المطلوب أو مزيفا، وأنه قد يتسبب بأضرار جسيمة”.
ولفت غيبرييسوس إلى أن أي ضرر ناتج عن منتج مزيف لا يعكس سلامة اللقاح المضاد لفيروس كورونا الأصلي، مؤكدا أن منظمة الصحة العالمية على دراية بتقارير أخرى عن الفساد وإعادة استخدام قوارير اللقاح الفارغة.
ودعا للابلاغ عن أي عملية بيع مريبة للقاحات إلى السلطات الوطنية التي ستبلغ منظمة الصحة العالمية.-(أ ف ب)
التعليقات مغلقة.