=
يتسابق غالبية أبنا المجتمع الأردني إلى الصفوف الأولى في المجتمع وإلى الكراسي الأمامية كنوع من الوجاهة الاجتماعية ، شيوخ عشائر ، ومخاتير ، ونواب ، واعيان ، ووزراء ، وقيادات مجتمعية ، ورموز علمية وإعلامية وثقافية ، ورئاسة عطوات وصلحات ، ووجهاء أفراح واحتفالات واتراح ،وارقام مميزة للوحات المركبات بمبالغ خيالية ، والبحث عن المعدلات والجامعية والثانوية ، وأوائل دورات ،ورؤساء جمعيات ، ومدراء منظمات ، وأمناء أحزاب ، حتى في المساجد هناك كراسي محجوزة في الصف الأول لفلان وعلان ، وليس لدى أحد قابلية تركها ، والتنازل عنها بطواعية بل غالباً تتم بطريقة فك رقبة إحالة على التقاعد ، موت ، طرد …الخ .
وهذه العقدة المجتمعية تشكلت عبر الموروث الاجتماعي المتوارث كنوع من التركات الاجتماعية للمحافظة على الوجاهة الاجتماعية رغم كلفتها المادية والاجتماعية الباهظة ، ولدى أصحاب العديد من المسميات الاستعداد لدفع مبالغ باهظة للحصول على لقب نائب، أو عين، أو وجيه ، ولا يقف الأمر عند الكلفة المادية ، ويحدث أن ينشأ عن ذلك الصراع المجتمعي المعلن والمخفي ، وما يظهر من المشاجرات في المجتمع، أو في الجامعات على خلفيات مناطقية أو جهوية أو عشائرية كنوع من أنواع الدفاع عن العقلية التي تحاول إثبات وجودها ولو على حساب غيرها دون النظر إلى الطريقة والأسلوب فوراء الأكمة ما وراءها .
ومن المؤسف مجتمعياً أن المؤسسات الإعلامية والتربوية والتعليمية والثقافية لم تتمكن من الارتقاء بفكر وثقافة وسلوك المجتمع بعيدا عن الاستعراض الاجتماعي، وبعضها زاد الطين بلة لتتعزز الممارسات الخاطئة على حساب القيادات المجتمعية الوازنة علماً وعدالة اجتماعية وخدمة للمجتمع بدلاً من التمثيل عليه والبحث عن الشعبوية، وغالب المعالجات التي كانت تتم تعالج العرض دون المرض مما جعل المرض الاجتماعي يستفحل ويصعب معالجته، ولا يتوقع في ظل هذه الظاهرة أن يتقدم المجتمع والحال إلى تراجع رغم الكلفة الباهظة مجتمعياً وحضارياً .
وليس بعيداً عنا ما يجري في البلدان العربية من عبث وخراب ودمار دوافعه الوجاهة وحب السلطة، ودمرت بلدان لتتراجع مئات السنوات مما زاد الجهل والتخلف والتبعية لغيرنا، وما زال حداة القوم يعزفون على وتر لنا الصدر دون العالمين أو القبر، ألا تباً لوجاهة بعدها الندامة، ألا تباً لمظاهر اجتماعية لا تلامس مشاكل المجتمع، ألا تباً لكل يمثلُ على الناس دور الوجيه دون أن يكون أهلاً لذلك، كان الله في عونك مجتمعاتنا، والله المستعان.
شكرا لكم.
التعليقات مغلقة.