غزة.. مناوبات ليلية لحماية النازحين في الخيم من خطر الأفاعي
تتناوب عائلة حامد في مناوبات حراسة ليلية، لتأمين عائلتهم من أي خطر قد يحدق بهم، بعد أن شهدت الأيام الأخيرة تسجيل العشرات من حالات لنازحين تعرضوا للدغات أفاعي وعقارب أثناء نومهم في المخيم الذي يقطنون فيه بمواصي خان يونس جنوب قطاع غزة.
أحمد وكرم وإسماعيل، أخوة ثلاثة قرروا توزيع الأدوار بينهم في حراسة الخيمة لتحذير عائلاتهم وجيرانهم عند اقتراب أي أفاعي أو عقارب قد تتسلل إلى المخيم، فأشعلوا نارا على باب الخيمة رغم درجات الحرارة المرتفعة، وأناروا هواتفهم على رمال المخيم، وبقوا على يقظة طوال ساعات الليل.
يقول الأخ الأكبر أحمد، “لم نعد نجدا وقتا للراحة، ففي النهار ننشغل في تأمين احتياجات العائلة من المياه وانتظار تكيّات الطعام، وما أن يحل الليل نبدأ بتوزيع الأدوار بيننا في نوبات الحراسة، فلكل منا ثلاث ساعات حراسة ليلية نوزعها بيننا حتى شروق الشمس”.
وأضاف “حذرتنا وزارة الصحة والأونروا من مخاطر التعرض للدغات الأفاعي أو العقارب، في ظل انهيار المنظومة الصحية التي لن تستطيع أن تقدم الرعاية المطلوبة عندما يتعرض أحد لهذا النوع من اللدغات السامة”.
ويتابع “سيزيد من الأعباء الملقاة على عاتقنا كعائلة، إذ أننا كحال الكثيرين من الأسر النازحة والتي فقدت كل شي، لن تتمكن من تحمل وجود مصاب أو أكثر بلدغات الأفاعي أو العقارب، لأن ذلك سيتطلب منا رعاية طبية مضاعفة وهو ما لا يمكن توفيره، كما أن العقاقير المخصصة لمثل هذه الحالات غير متوفرة في المشافي أو الصيدليات”.
ومع اشتداد درجات الحرارة التي تقترب من الـ 40 مئوية، وترتفع في الخيام أكثر من ذلك لتتحول لما يشبه الفرن، تبدأ الثعابين والعقارب السامة بالخروج من جحورها، لتجد في طريقها خيام النازحين الذين لا يمنعهم عن محيطهم الخارجي سوى قطع من القماش والنايلون.
يعرف هذا النوع من الأفاعي بأفعى فلسطين، الذي ينتشر بكثرة في الأحراش والصحاري، وفي غزة تمثل منطقة المواصي بيئة مثالية لتكاثر هذا النوع من الأفاعي بسبب الطبيعة الصحراوية.
وبالفعل تعرض كثير من سكان غزة للدغات أثناء النوم، واضطروا لزيارة النقاط الطبية للحصول على مراهم مضادة للالتهابات التي ظهرت على الجلد، إلا أن الرعاية الطبية لم تكن بأفضل حالاتها وفقا لشهادات من تعرضوا ذويهم لهذه الإصابات.
يشير أحد الأطباء العاملين بالمشفى الميداني بمواصي خان يونس، إن “حالات كثيرة رصدناها في الأيام القليلة الماضية للدغات أفعى فلسطين وأخرى من قرصات عقارب وقوارض، وهي حالات نجد صعوبة في التعامل بسبب قلة توفر الأسرة للمتابعة المرضية خصوصا في الـ24 ساعة الأولى من تسجيل الحادثة”.
لذلك وفقا للطبيب، “نقوم بإعطائه حقن مضادة للتسمم، وأدوية خافضة للحرارة والحمى، وننصح ذويه بتوفير محاليل وريدية لمواجهة أي مخاطر لحدوث الجفاف الذي قد يؤدي لمضاعفات خطيرة حال استمر لفترات طويلة”.
وأضاف الطبيب من جانب أخر، “كثير من الحالات التي وصلتنا فارقت الحياة بسبب عدم استجابة أجسادهم للمضادات الحيوية، أو أن مناعتهم لم تستطع مقاومة السم الذي فتك بهم”.
ورصد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” انتشارا مستمرا للأمراض المعدية في ظل تفشي الحشرات والقوارض والثعابين بين خيام النازحين، والافتقار شبه الكامل إلى مواد النظافة ومرافق الصرف الصحي.
وفقا لأستاذ العلوم البيئية عبد الفتاح عبد ربه، فإن “بعض الحشرات التي نلاحظها لا تطير، لكن بيضها كثير، فالبيئة التي نعيش فيها جاذبة للحشرات والبكتيريا والعفن داخل الخيام وهذه عوامل تجذب القوارض والفقاريات والحشرات الضارة”.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة إلى استشهاد 38 ألفا و919 شهيدا، وإصابة 89 ألفا و622 آخرين، إلى نزوح نحو 1.9 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.
(قدس برس)
التعليقات مغلقة.