فرص حقيقية لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر

– في ظل تسارع دول العالم نحو إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر يؤكد خبراء أن الأردن يمتلك فرصة كبيرة ليكون لاعبا رئيسا في هذا السوق.
ياتي هذا في وقت أكد فيه وزير الطاقة والثروة المعدنية د. صالح الخرابشة أخيرا التزام الأردن بتطوير صناعة الهيدروجين الأخضر، فيما أشار إلى أن البلاد تطمح لأن تصبح مركزًا عالميًا للطاقة الخضراء، مع التركيز على تعزيز تنافسية إنتاج الهيدروجين الأخضر وتقليل تكلفة إنتاج الأمونيا الخضراء.

كما أوضح الوزير أن الحكومة تعمل على تحديد إطار تنظيمي متكامل لدعم الاستثمارات في هذا المجال.
كما بين أن بعض الشركات التي تعمل مع الحكومة في مجال الهيدروجين قد وصلت إلى مراحل متقدمة، وأن الحكومة تعمل حاليًا على تحديد نوعية الحوافز التي يمكن تقديمها للمستثمرين لتسهيل أعمالهم وتحقيق الفائدة المرجوة للطرفين. وترتبط الحكومة حاليا بمذكرات تفاهم مع 14 شركة متخصصة، بالإضافة إلى اتفاقية إطارية واحدة مع شركة أخرى بحسب الوزارة.
وقال الخبير في قطاع الطاقة د.فراس بلاسمة “إذا تم تنفيذ استثمارات ذكية في هذا القطاع، يمكن للأردن تحقيق أمن طاقي أقوى، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير فرص تصدير مربحة للأسواق الإقليمية والدولية”.
وبين بلاسمة أن الهيدروجين الأخضر يعد أحد أهم الحلول المستقبلية بالتحول الطاقي عالميًا، فيما يتميز الأردن بموقعه الإستراتيجي وإمكاناته في الطاقة المتجددة، مما يجعله مرشحًا قويًا للدخول في سوق الهيدروجين.
توفر مقومات صناعة الهيدروجين
وأوضح بلاسمة أن أهم مقومات وفرص إنتاج الهيدروجين في الأردن تتمثل في امتلاك مصادر الطاقة المتجددة، إذ يمتلك الأردن موارد قوية للطاقة الشمسية والرياح، مما يجعله مؤهلًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر عبر التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الكهرباء النظيفة.
وحول توفر البنية التحتية، قال بلاسمة إن “الأردن لديه شبكة كهربائية متطورة نسبيًا، ويمكن توظيف الفائض من الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين، كما أن قرب الأردن من الأسواق الإقليمية في الخليج وأوروبا يعزز فرص تصدير الهيدروجين ومشتقاته مثل الأمونيا، هناك توجه حكومي لدعم مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين، مع اهتمام بتطوير الإطار التشريعي والتعاون مع الشركات العالمية ما يوفر إطارا تشريعيا لذلك”.
وقال بلاسمة، “دور الهيدروجين في زيادة الاعتماد على الذات بالطاقة يساعد على تقليل استيراد الوقود الأحفوري، كما يمكن استخدام الهيدروجين كوسيلة لتخزين فائض الطاقة الشمسية والرياح، مما يحقق استقرارا أكبر في الشبكة الكهربائية، كما أن تعزيز إنتاج الهيدروجين سيؤدي إلى نمو الصناعات المرتبطة به مثل التحليل الكهربائي والهندسة الكيميائية”.
أما فيما يخص التصدير من إنتاج الهيدروجين الأخضر، أوضح بلاسمة أن دولا في المنطقة بحاجة لإعادة الإعمار مثل سورية وغزة والتي هي بحاجة إلى حلول طاقة مستدامة، ويمكن للهيدروجين الأردني أن يكون خيارا مناسبا لمشاريع إعادة الإعمار، كما يمكن للهيدروجين أن يكون مصدر طاقة مهما للصناعات الثقيلة في هذه المناطق، مثل الإسمنت والصلب، كما يمكن أن يستفيد الأردن من الشراكات مع دول الجوار لإمدادها بالهيدروجين الأخضر بأسعار تنافسية.
إجراءات وتحديات
ويتطلب النجاح في هذا المجال وفقا لبلاسمة عددا من الإجراءات منها تسريع تنفيذ مشاريع تجريبية لإنتاج الهيدروجين، والتعاون مع مستثمرين عالميين لإنشاء مصانع إنتاج وتخزين، إضافة إلى تطوير إستراتيجية وطنية للهيدروجين تستهدف التصدير والاستخدام المحلي وكذلك البحث عن تمويل دولي لدعم مشاريع الهيدروجين الأخضر.
وقال بلاسمة “الأمر لا يخلو من تحديات تواجه هذه الصناعة، منها أن إنتاج الهيدروجين الأخضر ما يزال مكلفا، ولكن مع تطور التكنولوجيا قد تنخفض التكاليف كما يجب تطوير وسائل نقل الهيدروجين برا أو تصديره على شكل أمونيا أو ميثانول إلى جانب الحاجة إلى سياسات داعمة واستثمارات من القطاعين العام والخاص”.
من جهته، قال مدير برامج الطاقة والبيئة في بعثة الاتحاد الأوروبي عمر أبو عيد إن “ملف الهيدروجين الأخضر أصبح جزءا من إستراتيجية قطاع الطاقة ومن رؤية التحديث الاقتصادي، وهو أيضا جزء من تحول الأردن والعالم إلى الطاقة النظيفة والمستدامة”.
تقدم تكنولوجي كبير
وبين أبو عيد أن التكنولوجيا تقدمت بشكل كبير، وأمام الأردن فرصتان للمشاركة بها، إما من خلال إنتاج الهيدروجين، أو من خلال إنتاج الأمونيا الخضراء والبناء على صناعات قائمة في المجالات الكيماوية في البوتاس والفوسفات بحيث تضيف الأمونيا الخضراء إلى إنتاجها.
ومن المتاح أيضا وفقا لأبو عيد إنشاء مشاريع جديدة وفتح الباب أمام مطورين جدد في هذا المجال مشيرا إلى مذكرات التفاهم الموقعة مع وزارة الطاقة، إذ انتقل عدد كبير من الشركات الموقعة لها إلى مراحل متقدمة لإنتاج الأمونيا الخضراء والهيدروجين.
وأكد أبو عيد أن هذا المجال يدعم جهود أمن التزود بالطاقة على المستوى المحلي، وأيضا يوفر فرصة كبيرة للتصدير على الرغم من عدم وضوح كامل حتى الآن بأهم الأسواق التصديرية، إذ إن عددا من الدول الكبرى بدأت استخدامه لكن ليس على مستوى تجاري بعد.
كما توجد منافسة اليوم على التطوير لتكنولوجيا الهيدروجين الأخضر بحسب أبو عيد والذي يمكن أن يلاقي مستقبلا فرصا للوصول إلى أسواق منوعة.
ويرتبط ملف الهيدروجين بعوامل أخرى مثل المرافق الخاصة، وتوفير المياه وتحليتها والطاقة للإنتاج التي تكون في الغالب من مصادر الطاقة المتجددة سواء من الشمس أو الرياح التي تخدم إنتاج الهيدروجين، وفقا لأبو عيد.
تنسيق بين قطاع الطاقة والمياه
وقال عضو هيئة التدريس في الجامعة الأردنية د. أحمد السلايمة إن “الإردن مهيأ لإنتاج الهيدروجين، لكن ذلك يتطلب التخطيط مبكرا له خصوصا في ظل وجود مشاريع مثل الناقل الوطني داعيا إلى التنسيق بين قطاعي الطاقة والمياه من أجل زيادة كميات المياه التي يمكن تحليتها من هذا المشروع واستخدام جزء من المياه المحلاة لمشاريع الهيدروجين”.
كما يمكن وفقا للسلايمة في المرحلة الأولى استخدام خط الغاز العربي، لضخ 10 %-  20 % من الهيدروجين المنتج فيه للتوفير من كلف البنية التحتية في هذه المرحلة، وضخ الغاز الطبيعي مستقبلا إلى سورية ولبنان مع جزء من الهيدروجين الأخضر، وأن ذلك يمكن أن يوفر أيضا عوائد من التصدير.
وقال السلايمة “التصدير إلى خارج الأردن يحتاج أيضا لتقنيات لحفظ ونقل الهيدروجين” مشيرا إلى أن هذه الظروف مهيأة محليا، مذكرا بأن هذا يحتاج إلى تخطيط شمولي عالي المستوى.
وأظهر التقرير السنوي لسير العمل في البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي (2023 – 2025) أن عـدد التقاريـر الفنيـة الأولية المسـتلمة مـن الشـركات المهتمـة فـي مجـال الاسـتثمار لإنتاج الهيدروجيــن الأخضر بلغ  9 تقاريــر فنيــة كما تم توقيـع اتفاقيـة اسـتخدام الأراضي مـع عـدد مــن الشــركات لإنتاج الهيدروجيــن الأخضر.

رهام زيدان/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة