فقراء الغور الشمالي يستنجدون بحرق الملابس القديمة للحصول على التدفئة
الغور الشمالي- لم يكتف برد الشتاء بإلقاء ظلاله القاسية على المزروعات والأهالي في لواء الغور الشمالي، إذ أجبر فقراؤهم الذين اعتادوا الطقس الحار أو المعتدل في المنطقة، على استخدام المدافئ لمواجهته، لكن ذلك زاد معاناتهم، لعدم قدرة غالبيتهم على توفير الوقود، جراء ارتفاع أسعارها.
واشتعلت في أغلب منازل فقراء اللواء وسائل تدفئة بدائية، استخدم الحطب أو البلاستيك أو الملابس المستعملة وقودا لها.
ويلجأ أطفال ونساء هذه الشريحة منذ ساعات الصباح الباكر، الى جمع الحطب من المزارع المنتشرة في المنطقة، وخصوصا بعد إنهاء مزارعين من تقليم أشجارهم في الحقول والكروم، الى جانب لجوء أفراد هذه الشريحة الى الحاويات المنتشرة، بحثا عن مواد أخرى تساعدهم على الاشتعال كالملابس والقطع البلاستكية لعل وعسى تساعدهم على تدبير قليل من الدفء لمواجهة الصقيع الذي لم يعتد عليه أهالي اللواء.
كما وتؤكد الأربعينية نوف العلي من منطقة وقاص من سكان اللواء، أن دخول وسائل التدفئة إلى منزله، بأنه أمر غير مرغوب فيه، جراء عدم القدرة المالية لدى العديد من المواطنين وخصوصا الفقراء منهم، ولكن لا بديل عن ذلك، وخصوصا أن برد الشتاء قارس هذا العام، ومختلف عن الأعوام الماضية، وأن انتشار فيروس كورونا أسهم بحاجة تلك الوسائل في البرد لحاجة الجسم للتدفئة صحيا.
وأشارت الى أن صحتها لم تعد كما كانت، إذ تعاني العديد من الأمراض المختلفة، التي أجبرتها على تقبل وسائل التدفئة المتنوعة، رغم ارتفاع أسعار المحروقات الذي وصفه بـ”الجنون”، رغم تأكيد الحكومة أنها لم ترفع الأسعار، لكن الأسعار الحالية غير مناسبة لأوضاع المواطنين.
وأكدت أنها كانت في الماضي لا تعتمد على أي وسيلة تدفئة، لأن المناخ في المنطقة يتميز بدفئه واعتداله أحيانا، ولا يستدعي استخدام تلك الوسائل المتنوعة والمختلفة للتدفئة، إذ كان أهالي المنطقة يعتمدون على وقاية أنفسهم بارتداء ملابس مناسبة وتناول الحلويات، لتمنحهم الطاقة، خصوصا ممن يعملون في الزراعة.
وتؤكد أم محمد الرياحنة، أنها تضطر الى العمل حاليا لفترتين صباحية ومسائية في المزارع، للحصول على أجرة تمكنها من إشعال موقد التدفئة، ويأتي عملها المرهق هذا في نطاق محاولتها لتغطية أسعار المحروقات والكهرباء المرتفعة، موضحة أن الصقيع أثر أيضا على طبيعة عملها، فقد كانت تعمل 5 ساعات متواصلة، لكنها حاليا تعمل فقط لـ3 ساعات في كل “شفت”، ما زاد من الأعباء المالية عليها.
ورغم حرص أهالي اللواء على عدم استخدام الوسائل البدائية في التدفئة والمواد البلاستيكية والملابس المستعملة، اتقاء لأمراض الحساسية، والحرائق والحوادث التي تتسبب بها، الا أنهم وجدوا أنفسهم مضطرين لاستخدامها.
وأكد علي التلاوي، أنه يستخدم كانونا للتدفئة لعدم قدرتة المالية على شراء مدفأة حديثة، أو محروقات أو دفع فواتير الكهرباء في حال كانت لديه مدفأة كهربائية، مشير الى أن التدفئة أصبحت تشكل عبئا كبيرا عليه، وأنه اضطر الى توقيع شيكات مقابل الحصول على مبلغ مالي يمكنه من شراء الكاز، ليصبح مهددا بالحبس جراء تراكم الديون عليه.
وأكد أنه لجأ الى استخدام الحطب، لتدفئة أطفاله، رغم معرفته بخطورة ذلك على صحتهم، ولكنه يضيف “ليس باليد حيلة”.
ويشير إلى أن عدم توافر الكاز في محطات الوقود أحيانا، ضاعف من تفاقم المشكلة، وهذا يضطره إلى الذهاب الى المناطق المجاورة في اللواء لشراء صفيحة كاز، فيتضاعف عليه العبء المالي، مشيرا إلى أن عملية التنقل من وإلى المناطق المجاورة تكلفهم عناء جسديا وماديا.
ويطالب سكان في لواء الغور الشمالي، بتكثيف الزيارات الميدانية لمحطات المحروقات للتأكد من توافر مادة الكاز، مشيرا إلى أن غيابها في ظل المعطيات الاقتصادية الحالية، وعناء البحث عنها، يكلف أهالي المنطقة مبالغ مالية هم بحاجة لصرفها على متطلبات أخرى في حياتهم القاسية.
وأكد الناشط خالد العربي، أن هناك مبادرات شاببية ينظمها شباب، تعمل على توفير بعض الاحتياجات للفقراء، ولكن كمية التبرعات في الوقت الحالي ضئيلة، في وقت ارتفع فيه عدد المحتاجين في اللواء، ما يحد من مهمتهم وتغطيتهم لعدد أكبر من المحتاجين.
وأشار الى أن المبادرة تعمل على توزيع مادة الكاز أو الخبز أو المواد التمونية، ولكن العدد كبير جدا، مطالبا الجهات المعنية بتكثيف الروافد الاجتماعية وتعزيز التكافل الاجتماعي لمساعدة الفقراء.
وطالب العربي بفتح مراكز وجمعيات ومدارس لإيواء المحتاجين، توقعا للجوء الفقراء اليها، بخاصة وأن منازل في اللواء تشهد سقوط أسقفها، بسبب عجزهم عن صيانتها المستمرة وقدمها.
يذكر أن لواء الغور الشمالي يعد من المناطق الفقيرة، ويعتمد أهالي اللواء على العمل في القطاع الزراعي، مقابل الحصول على أجور زهيدة، فيما يعمل البعض الآخر في الوظائف الرسمية، إلا أن ارتفاع الأسعار والضريبة زاد من معاناة أهالي المنطقة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 130 ألف نسمة.
علا عبداللطيف/ الغد
التعليقات مغلقة.