في ذكرى “يوم الأرض”: هل بقيت أرض لإقامة دولة فلسطينية؟

– يتبدد حلم الفلسطينيين بإقامة دولتهم المنشودة، في الذكرى السنوية الخامسة والأربعين لـ”يوم الأرض”، بعدما تسببت السياسة الإسرائيلية في نهب أكثر من 60 % من مساحة الضفة الغربية المحتلة، وتهجير زهاء 14500 مواطن مقدسي قسراً من مدينتهم، تمهيداً لجثوم ما يزيد على 700 ألف مستوطن ضمن الأراضي الفلسطينية المسلوبة.
ويحي الفلسطينيون اليوم ذكرى “يوم الأرض”، المُصادفة للثلاثين من آذار (مارس) لعام 1976، بإقامة العديد من ألأنشطة والفعاليات للتعبير عن تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه وهويته الوطنية وحقوقه المشروعة.
غير أن الفلسطينيين يحتكمون، اليوم، على أرض أقل بنسبة 15 % من إجمالي مساحتها الإجمالية المخصصة لإقامة الدولة الفلسطينية المتصلة، بعدما باتت “مُشققة” بالطرق الاستيطانية الالتفافية والحواجز العسكرية والمستوطنات المترامية ضمن 503 مستوطنات، منها 29 مستوطنة في مدينة القدس المحتلة.
وتذهب النسبة الأكبر من المساحة الفلسطينية المنهوبة إسرائيلياً؛ طبقاً لدائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، للمستوطنات التي تسيطر على مناطق نفوذ تبلغ نسبتها حوالي 9.3 % من إجمالي مساحة الضفة الغربية، يخدمها شبكة طرق على مساحة 2.3 % من الضفة الغربية.
وتسيطر سلطات الاحتلال، أيضاً، على 40 % من مساحة الضفة الغربية بدعوى أنها “أراضي دولة”، وعلى 20 % أخرى بدعوى أنها “مناطق عسكرية مغلقة”، فضلاً عن المساحات الفلسطينية الشاسعة المصادرة لإقامة المناطق الصناعية الاستيطانية في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة التي تحوي أكثر من 228 ألف و500 مستوطن.
وتستغل سلطات الاحتلال فعلياً “أكثر من 85 % من مساحة فلسطين التاريخية، البالغة حوالي 27 ألف كيلومتر مربع، حيث لم يتبق للفلسطينيين سوى حوالي 15 % من مساحة الأراضي فقط”، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ومنذ العام 1967؛ تمكنت سلطات الاحتلال، عبر القتل والتنكيل والعنف، من “مصادرة نحو أربعة ملايين دونم من أراضي الضفة الغربية، وهدم نحو 26 ألف منزل فيها بمعدل 500 منزل سنوياً”، بحسب دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير.
وبموازاة ذلك؛ أحكم الاحتلال سيطرته على مناطق “ج”، التي تشكل حوالي 62 % من مساحة الضفة الغربية، وتتمتع بالإمكانات الطبيعية والاقتصادية والاستثمارية، خلافاً لمنطقة “أ” التي حصر السلطة الفلسطينية ضمنها، وهي تضم مساحة المدن والقرى والمخيمات.
ويمضي الاحتلال في نهب الموارد الطبيعية الفلسطينية، والتحكم في الاقتصاد والمعابر والحدود والتجارة الخارجية، وشل الحياة في الضفة الغربية بالجدار العنصري والمستوطنات، ومحاصرة قطاع غزة وعزل مدينة القدس وحرمان السلطة من عائداتها السياحية وضرب حركتها التجارية. ويشكل الاستيطان أحد أكبر التحديات الثقيلة أمام الفلسطينيين؛ وسط دعوات فلسطينية متواترة مؤخراً لإنهاء الانقسام، الممتد منذ العام 2007، لمواجهة التحديات المحدقة بالقضية الفلسطينية، مقدرين بأهمية خوض الانتخابات التشريعية المقبلة كخطوة في طريق تحقيق الوحدة الوطنية.
الأرض جوهر الصراع مع الاحتلال
من جانبه، قال المجلس الوطني الفلسطيني إن جرائم الاحتلال “تحدث على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 لمحاولة إلغاء الوجود الفلسطيني الأصيل فيها، تنفيذا للمشروع الاستيطاني الإحلالي، ومنع إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة والمتصلة جغرافياً وعاصمتها مدينة القدس”.
وأوضح المجلس بأن جرائم هدم المنازل الفلسطينية وتشريد سكانها، تُصنف في إطار جرائم بحق الإنسانية وتحت مسمى الإبادة الجماعية في حالات معينة، ويمكن مماثلتها ببعض جرائم الحرب، وتصنيفها كجريمة ضد الإنسانية بموجب مبادئ وأحكام المحكمة الجنائية الدولية.
وتوقف عند ما يجري في أحياء مدينة القدس المحتلة من قبل الاحتلال والمستوطنين؛ عبر الإخلاء القسري للبيوت والسيطرة عليها، وهدم البعض منها، وتشريد أصحابها، بما يعد تطهيراً عرقياً وجريمة ضد الإنسانية.
وأكد المجلس ضرورة التدخل الدولي لوقف الجرائم الإسرائيلية، وذلك في رسائل متطابقة أرسلها رئيسه، سليم الزعنون، لعدد من الاتحادات البرلمانية العربية والإسلامية والإفريقية والأوروبية واللاتينية والاتحاد البرلماني الدولي.
ودعا إلى تفعيل الآليات الدولية القانونیة؛ لضمان مساءلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي وأدواتها الاستيطانية، ومحاسبتها عن انتهاكاتها المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني، ومنع إفلاتها من العقاب، في ظل تكرار وخطورة تلك الانتهاكات.
وحث المجلس البرلمانات والاتحادات لبذل الجهود لضمان اتخاذ الإجراءات التي نص عليها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، من أجل تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني وملاحقة مجرمي الحرب ومعاقبتهم على جرائمهم ضد المدنيين الفلسطينيين العزل.
بدوره؛ اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، تيسير خالد، أن يوم الأرض يجسد العلاقة الفلسطينية المصيرية بين الشعب والأرض والتاريخ، وسط المساعي الإسرائيلية الحثيثة لتزوير الحقائق، معتبراً أن “الأرض ستظل جوهر الصراع مع الاحتلال ضد مشروعه الاستيطاني الإستعماري الإحلالي”.
ونوه إلى أهمية “استنهاض القوى الوطنية في مواجهة عدوان الاحتلال ومحاولاته لفرض تسوية للقضية الفلسطينية تستهدف إزاحة القدس عن طاولة المفاوضات، والتنازل عن حق اللاجئين في العودة الى ديارهم، وحل وكالة الغوث الدولية “الأونروا”، والسيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على فلسطين”.
وبين المسعى الإسرائيلي “لضم الكتل الاستيطانية وإقامة كيان فلسطيني في قطاع غزة ومناطق “أ” و”ب” وبعض الجيوب في مناطق “ج” بدون السيادة على الأرض مع بقاء المياه الاقليمية والأجواء والموجات الكهرومغناطيسية تحت السيطرة الكاملة لدولة الاحتلال” .
ودعا خالد، لإعادة الاعتبار لهيئات ومؤسست منظمة التحرير، وتنفيذ برنامج مواجهة وطنية واسعة وشاملة مع الاحتلال بوقف التنسيق الأمني معه وسحب الاعتراف عن كيانه، والبدء بخطوات فك ارتباط معه، ونقل ملف الاستيطان مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي ومطالبته بتحمل مسؤولياته في دفع سلطات الاحتلال لاحترام قراراته وتنفيذها”.
وبالمثل؛ أكدت الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات على حقوق الشعب الفلسطيني بأرضه وحريته وعاصمته القدس الشريف، مهما طال الزمن وتوالت السنوات، فالأرض الفلسطينية كانت وستبقى فلسطينية حرة ابية.
وتوقفت الهيئة عند مواصلة العدوان الإسرائيلي بحق الأرض وضد الشعب الفلسطيني بالقتل والتنكيل والاعتقال، ومصادرة الأراضي، والتوسع الاستيطاني، ومواصلة بناء جدار الفصل العنصري، داعية إلى مواجهة المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تهويد الأرض الفلسطينية وطمس معالمها العربية.

وكالات

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة