قانون الطاقة المتجددة بتعديلاته ينفر المستثمرين من دخول القطاع
انتقد خبراء، التعديلات الجديدة على قانون الطاقة المتجددة في ظل احتوائها على تفاصيل يمكن أن تؤثر على شهية الاستثمار في القطاع، ما قد يؤثر على تصنيف الأردن عالميا في هذا المجال.
وأقر مجلس النواب الإثنين الماضي، مشروع قانون معدل لقانون الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة لسنة 2024، كما أقرته لجنة الطاقة والثروة المعدنية النيابية.
وجاءت الأسباب الموجبة للمشروع، لتنظيم آليات بيع وشراء الطاقة الكهربائية المنتجة من المنشآت والمساكن، التي لديها أنظمة طاقة متجددة لتوليد الطاقة الكهربائية، ولتحديد أنظمة وأجهزة ومعدات مصادر الطاقة المُتجددة، وترشيد استهلاك الطاقة التي تعفى من الرسوم الجمركية وتخضع للضريبة العامة على المبيعات بنسبة أو بمقدار (صفر)، بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية.
وقالت وزارة الطاقة والثروة المعدنية: “إن تعديل القانون كان لسببين أولهما، تنظيم آليات بيع وشراء الطاقة الكهربائية المنتجة من المنشآت والمساكن التي لديها أنظمة طاقة متجددة لتوليد الطاقة الكهربائية وذلك لجعلها أكثر عدالة، إذ إن كلفة توليد الكهرباء من النظام الكهربائي تختلف في أوقات معينة وخاصة، وقت ذروة الطلب على الكهرباء عن أوقات أخرى يكون فيها الطلب أقل ما يمكن”.
وعليه ولتحقيق العدالة، فإن عملية المبادلة ستكون على مبدأ صافي القيمة وليس صافي القياس، أي قيمة الكهرباء الموردة على الشبكة في وقت معين مع قيمة الكهرباء المستهلكة من الشبكة في وقت آخر.
أما السبب الثاني لتعديل القانون، فهو لتحديد أنظمة وأجهزة ومعدات مصادر الطاقة المتجددة وترشيد استهلاك الطاقة التي تعفى من الرسوم الجمركية وتخضع للضريبة العامة على المبيعات بنسبة أو بمقدار (صفر) بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية، إذ ستتيح هذه المادة على سبيل المثال تحديد مقدار ترشيد الطاقة المطلوب في أجهزة معينة والتي تكون مستحقة للإعفاء لضمان دخول أفضل المنتجات الموفرة للطاقة إلى المملكة.
وأكدت الوزارة، أن كلا التعديلين المذكورين لا يؤثران في مجال الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة والمحافظة على صدارة الأردن بهذا المجال في دول الإقليم والمنطقة، علماً بأن نسبة أنظمة الطاقة المتجددة المركبة لغايات تخفيض الاستهلاك وصلت إلى 44 %، من الاستطاعة الكلية المركبة في نهاية العام الماضي.
وقال عميد الكلية الوطنية للتكنولوجيا د.أحمد السلايمة: “إن تغيير التشريعات يمكن أن يسبب تراجعا في مراتب الأردن المتقدمة التي حققتها سابقا، على صعيد الطاقة المتجددة على الساحتين الدولية والإقليمية”.
وأوضح، أن التعديل سيؤدي إلى تباين في سعر الطاقة الكهربائية المزودة من أنظمة المستهلكين على الشبكات بين الليل والنهار، وفقا للأحمال وهذا سيحد بدوره من التوجه نحو الطاقة المتجددة.
وقالت المستشارة في قطاع الطاقة رانيا الهنداوي: “شكل التعديلات غير واضح أمام المعنيين في القطاع وشركاء وزارة الطاقة في هذا الشأن”، مبينة أن هذه التعديلات مرتبطة بإصدار نظام لاحق يحكم هذه التعديلات وقد تؤثر تفاصيله على العملية الاستثمارية في القطاع.
ومثال ذلك، يحسب ما بينت الهنداوي أن الأطراف المعنية قدمت ملاحظاتها حول هذه التعديلات وأثرها على وضع قطاع الطاقة في الأردن وموضوع تحديد تعرفة البيع الذي كان منوطا بهيئة الطاقة والمعادن بصفتها الجهة الراقبية والناظمة للقطاع.
غير أن التعديلات الجديدة تضمنت أن تحدد التعرفة “جهة” من دون بيان طبيعة هذه الجهة، وأن ذلك سيحدده النظام الذي سيصدر لاحقا وينظم العديد من التعديلات التي تضمنها القانون المعدل، وهذا يشكل بحد ذاته ضبابية ومخاوف لدى المستثمرين الجدد وكذلك الحاليين، في القطاع.
المستثمر في القطاع حنا زغلول قال: “إن هذه التعديلات غير منصفة للمستثمرين ولمستخدمي أنظمة الطاقة المتجددة، كما أنه توجد مخاوف لدى المستثمرين من الدخول في مشاريع تتعلق بهذه الأنظمة وفي مشاريع الطاقة المتجددة”.
وبين زغلول، أن هذه التعديلات ما تزال غير واضحة ولا تراعي الآثار على القطاعات الأخرى المستخدمة للطاقة المتجددة مثل، النقل والخدمات والسياحة وغيرها من القطاعات، وهذا كله يتعارض مع الأهداف الاستراتيجية ورؤية التحديث الاقتصادي برفع مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكلي.
ورأى زغلول، أن هذه التعديلات أتت لخدمة أطراف معينة في منظومة الطاقة على حساب المستثمرين، وليس لخدمة الأردن، مبينا في الوقت ذاته أن شركة الكهرباء الوطنية تتحمل كثيرا من الأعباء والمديونية بما يتجاوز 5 مليارات دينار، ولا يتوقع أن تتيح هذه التعديلات معالجة هذه الديون ولا حتى في سداد فوائد هذه الديون، خصوصا بعد إعلامهم من قبل وزارة الطاقة، باحتمالية زيادة هذه المديونية إلى ما يتجاوز 10 مليارات دينار في سنة 2030.
وقال: “الأجدر بالحكومة أن تبحث عن حلول أخرى بعيدة عن تحميل المستثمرين كلفا إضافية بما يؤثر على مراتب الأردن الاستثمارية في هذا المجال عالميا”.
وتحمل التعديلات، بحسب زغلول، أبعادا سلبية بحق مستخدمي أنظمة الطاقة المتجددة، إذ إن الأسلوب في تبادل الطاقة بين الأنظمة والشبكات قائم على أسلوب صافي القياس، أي أن المستخدم للأنظمة يولد كمية معينة من الطاقة لتغطية استهلاكه الخاص وبيع الكمية الفائضة إلى الشبكة، إذ تقوم شركات التوزيع بدورها بترصيد هذه الكمية للمستهلك، بما يخفض من الكلفة في المساء على سبيل المثال.
أما وفقا للأسلوب الجديد بموجب التعديلات، فإن الكميات المباعة مساء ستحتسب بأسعار التعرفة العادية من دون وضع أو تحديد نسبة معينة للكميات التي ستحتسب وفقا لذلك، وجعلت الكمية مفتوحة وفقا لزغلول.
من جهته، قال الخبير في مجال الطاقة د. فراس بلاسمة: “إن الأردن اتخذ خطوات ملموسة نحو تحسين البنية التحتية والقوانين لدعم نمو الطاقة المتجددة وتمت مراجعة قانون الطاقة المتجددة، لتحقيق أهداف عدة تشمل تعزيز كفاءة استعمال الطاقة وتعظيم أهمية تصنيع المكون المحلي في هذا المجال”.
وبين، أن الأردن واصل الحفاظ على مراتب متقدمة في مجال الطاقة المتجددة، حيث رفع اعتماده على هذا النوع من الطاقة إلى أكثر من 20 %، والدولة تسعى إلى زيادة مساهمة الطاقة المتجددة من مزيج الطاقة الوطني إلى 50 % بحلول العام 2030، وقد تم تحقيق تقدم كبير بهذا الاتجاه من خلال إنشاء مشروعات طاقة رياح و أخرى شمسية.
إضافة إلى ذلك، يظهر التقدم الأردني في مجال الطاقة المتجددة من خلال الاستثمارات والمشاريع الجديدة، حيث تمتلك الدولة الآن قدرة مركبة كبيرة من مشروعات توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، وهي تستهدف رفع هذه القدرة إلى نسب أعلى في السنوات المقبلة، على الرغم من التحديات.
وللحفاظ على تقدم الأردن في مجال الطاقة المتجددة، يمكن تحديد عوامل رئيسية عدة، أسهمت في ذلك مثل، إعادة النظر وتحديث قانون الطاقة المتجددة لتحقيق أهداف محددة، وتعزيز كفاءة استعمال الطاقة وتعظيم العائد من تصنيع المكون المحلي.
يضاف إلى ذلك بحسب بلاسمة، التزام الحكومة بالاستدامة والحياد الكربوني بحلول العام 2050، ما يدل على التزامه بالاستدامة وتخفيف آثار تغير المناخ والموقع الجغرافي والموارد الطبيعية، الموقع الجغرافي للأردن ووفرة موارده الطبيعية، مثل الشمس والرياح التي تعتبر محفزات اقتصادية مهمة، لتطوير الطاقة المتجددة.
ومن هذه العوامل أيضا، الاستثمار في البنية التحتية للكهرباء والربط الكهربائي مع الدول العربية، وتعزيز دور التكنولوجيا والابتكار في قطاع الطاقة المتجددة، بما يشمل تطوير المدن الذكية والشبكات الذكية وتصنيع السيارات الكهربائية، وكذلك الاستفادة من القروض والتمويل الدولي، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص وتنمية الكفاءات الفنية المحلية لدعم الاقتصاد الأخضر وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة.
غير أن بلاسمة توقع، أن تسهم التعديلات في قانون الطاقة بتحسين الكفاءة والترشيد، حيث يهدف القانون إلى تعزيز ممارسات ترشيد الطاقة وتحسين كفاءة استعمالها.
وقال: “يجب أن يتم وضع تعليمات واضحة تراعي مصالح القطاعات كافة، مما يسهل على الشركات والمستثمرين فهم الإطار التنظيمي ويشجع على المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع، إضافة إلى تعزيز المكون المحلي، بحيث يشجع القانون على تعزيز وتعظيم أهمية تصنيع المكون المحلي في مجال الطاقة المتجددة، وهو ما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي ويعزز من الدخل المحلي.
وقال: “التحديثات والتعديلات يجب أن تعكس التجربة الرائدة للأردن في مجال الطاقة المتجددة، وإلى جانب تشجيع الابتكار والتطوير في قطاع الطاقة المتجددة، يسهم القانون في تحفيز البحث والتطوير، ويدعم ظهور حلول طاقة جديدة ومستدامة”.
وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة، قال سابقا: “إن القانون الجديد لا يفرض أي أعباء إضافية أو جديدة ولن تفرض أي رسوم جديدة، والمعمول فيه هو موضوع صافي القيمة”.
وأشار إلى أن أنظمة الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة معفاة بالكامل من الرسوم والضرائب كافة، ولا يتم تقاضي أي رسوم أو ضرائب عليها، وهذا بموجب القانون وهذا أيضا بالقانون الحالي، حيث ستبقى معفاة وبنسبة الصفر سواء كانت أجهزة ومعدات مصنعة بالكامل أو مدخلات لصناعات محلية”.
يذكر، أن الأردن حقق في السنوات السابقة مراتب متقدمة في تصنيفات دولية في مجال الطاقة المتجددة، حيث حقق الأردن المرتبة الأولى في نسبة الاستطاعة المركبة لمصادر الطاقة المتجددة من دون احتساب الطاقة الهيدرومائية، وفقاً لتقرير المؤشر العربي لطاقة المستقبل AFEX للعام 2022، الذي يعده المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (RCREEE).
كما حقق المرتبة الأولى بحصة الفرد من الاستطاعة من الطاقة المتجددة على مستوى الدول العربية، وفق تقرير (RCREEE) العام 2020.
وحقق أيضا المرتبة الأولى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والسادسة عالميا، وفقا لتقرير كلايمت سكوب 2019 في مجال الاستثمار بالطاقة المتجددة.
التعليقات مغلقة.