قرض حسن // مصطفى الشبول
=
يروي لنا احد الشباب عن حياة جده أبو كمال رحمه الله والذي كان يسكن في القرية القديمة ، يقول : كان جدي أبو كمال في ساعات الظهيرة يجمع كل المجانين والهبل في هذا الموعد ويجلسهم في المضافة ويطعمهم ويسقيهم القهوة السادة (المرّة) ويجلس يحدثهم … وفي احد الأيام وأنا في المرحلة الإعدادية كنت راجع من المدرسة إلى البيت وجدت جدي جالس مع نفس الأشخاص ( المجانين والهبل) وكان مشغول بالحديث معهم … فسألته : يا جدي أنت تطعمهم وتعطف عليهم وهذا شيء طبيعي ، ولكن ما سبب حبك لحديثهم ونقاشهم … فقال لي : يا جدي هذول الناس ما بحكوا غير الحقيقة لأنهم ما بعرفوا الكذب ولا بعرفوا النفاق .. و ياريت كل الناس (خوث وهبل ومجانين) مثلهم …
قبل سنوات معدودة اتصل أبو فلاح بنسيبه ( اخو زوجته ) طلب منه أن يَكفله في احد البنوك بقرض من اجل البناء ، وبعد النقاش بينهم وعلى قول ( أنت عبارة عن كفيل على الورق فقط وأنت بتعرف إني موظف رح ينخصم القسط عليّ .. وهاي فرصة خلينا نعَمّر مشان أختك أم فلاح ) … ومن باب الحياء ذهب الشاب إلى البنك ووجد أبو فلاح مجهّز أوراق القرض والكفالة بانتظار توقيع الكفيل فقط ، وفعلاً قام الشاب بالتوقيع بعد أن استقبله أبو فلاح بالسلام الحار مع التقبيل … حتى أن الشاب لم ينتبه إلى قيمة القرض … أبو فلاح اقترب من الخمسين من عمره وما زال على رأس عمله ، كما يُعرف عن أبو فلاح بأنه زلمه عاز حاله ومدللها ..ومن هو شب يملك سيارة آخر موديل وكل سنة سنتين بجدد ، وكل سنة عنده طلعه بره البلد يشم هوا .. كما أنه يعرف بطلاقة لسانه وكلامه الجميل مع الناس ، وصاحب العقل الراجح والذي يُستشار بكل أمر لمعرفته الواسعة في كافة المجالات …
مرت الأيام وكل شهر يتم خصم قسط القرض عن الشاب (نسيب أبو فلاح ) وعند مراجعته بذلك ، يكون رد أبو فلاح لنسيبه : ول يا رجل أصبر علينا شوي ، أنت شايف بعيونك كيف غرقانين بالعمار ، صبرك علينا شوي مش مشاني ، مشان أختك أم فلاح … وها هي السنوات تمشي ومازال الشاب ما بين مد وجزر مع نسيبه أبو فلاح … ويحلف الشاب بالله بأن نسيبه أبو فلاح اتصل به قبل أيام ويطلب منه أن يكفله بقرض آخر من البنك ، وعلى قول : نسيبي الغالي بدي آخذ المرة هاي قرض بسيط اسمه قرض حسن يعني ما عليه مرابح ولا فوائد وما بتجاوز الألف دينار عايزهن ضروري بدي أطلع أني وأختك أم فلاح على العمرة …
وقال شو: