قصر البنت… أيقونة تاريخية شاهدة على ازدهار العمارة النبطية وفرادتها

يرجع تاريخ قصر البنت في البترا إلى النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد. واستعمل في القرن الثاني الميلادي في العصر الروماني ولكنه تعرض للنهب والحريق في أواخر القرن الثالث قبل أن يضربه الزلزال عام 363م. ووجدت آثار ترجع إلى القرون الوسطى على الدرج الخارجي .
بدأت أعمال الحفريات والترميمات في معبد قصر البنت منذ أواخر الخمسينات بإشراف المدرسة البريطانية للآثار في القدس، وهي مستمرة بإشراف دائرة الآثار العامة الأردنية. ُبني معبد قصر البنت النبطي في ساحة واسعة مرصوفة ولا يزال قائماً بارتفاع 23م ويحيط به حرم أضيفت إليه مقاعد لا تزال بينها قاعدة لتمثال الحارث الرابع، كما تشير إلى ذلك كتابة مثبتة بين هذه المقاعد. وقد وجدت كتابة أخرى في الزاوية الشمالية الشرقية للحرم. تزين الواجهة الشمالية أربعة أعمدة كان يُصعد إليها بدرج من الرخام الأبيض. وأقيم مذبح التقادم إلى الشمال بمواجهة قدس الأقداس. حيث كان الكهنة يدخلون المعبد من الفناء الخارجي إلى الهيكل ثم إلى قدس الأقداس الثلاثي، حسب نظام المعابد السورية.
كانت تقوم أنصاب الآلهة على منصة مرتفعة في المحراب الأوسط، ويذكر المؤرخون في القرن الرابع الميلادي أن المعبد كان مكرساً للإله ذى الشرى ولأمه العذراء وهي العزى- أفروديت. وقد أكدت الكتابات التي وجدت أثناء الحفريات هذه الرواية، بالإضافة إلى جزء من نصب مزين بعينين يتوسطها الأنف؛ كانت ترتفع عليّتان فوق الحجرتين الجانبيتين يصل إليهما درج مثبت في سمك الجدار. وكانت هذه الغرف الجانبية مخصصة لاجتماعات الأندية المقدسة وقد وجدت فيها بقايا مقاعد من الرخام. في العليتين كانت تحفظ التقادم والوفاء كانت جدران المعبد مزينة من الداخل والخارج بالجص على شكل مداميك منتظمة وتماثيل بارزة وزخارف نباتية، بالإضافة إلى إفريز من الرخام بارتفاع 70سم من الداخل.
العمارة النبطية
الطراز المعماري الذي عُرفت به حضارة الأنباط في جنوب بلاد الشام. ازدهر في الفترة الممتدة من القرن الرابع قبل الميلاد، وحتى القرن الثاني للميلاد. امتاز بإسلوب العمارة المحفورة بالصخور، وقد تأثر بفن العمارة المصرية والفارسية والآشورية والإغريقية، حيث يظهر هذا جلّيا في كثير من مباني العمارة الجنائزية.
وتعتبر مدينة البتراء في جنوب الأردن، أهم التحف المعمارية المحفورة بالصخور التي قام الأنباط بإنشاءها. كما قام الأنباط بإنشاء عدد من المدن الأخرى في المنطقة، من أهمها مدن النقب الصحرواية في فلسطين التاريخية، و مدائن صالح في السعودية، وأم الجمال والربة في الأردن.
أنواع العمارة النبطية:
*العمارة الدينية هي العمارة المتمثلة بالمعابد النبطية، وتمثلها عدة نماذج معمارية بنيت لتناسب طقوس العبادة، كالمعبد الكبير، ومعبد الأسود المجنحة.
*العمارة السكنية وتشمل القصور والمنازل الكبيرة والمنازل الريفية والمنازل البسيطة.
*العمارة العامة تعتبر مباني البتراء خير مثال على هذ النوع من المباني باعتبارها المدينة – العاصمة التي تضم جميع أنماط المباني العامة إضافة للمباني الخاصة. لقد بُنيت مباني البتراء وفق مخطط المدينة العام، حيث الشارع الرئيس الذي تأثر بمخطط المدينة الرومانية. إذ أن الشارع يكاد يقسم المدينة إلى نصفين، وهو يحاذي الوادي مما اضطر المهندس النبطي لبناء بعض القنوات تحت أرض الشارع. وكذلك العبارات والأقواس الحجرية التي ترتفع عن سيل الوادي في فصل الشتاء. وما يزال بالإمكان ملاحظة بعض آثار هذه المرافق في الشارع الرئيسي بعد الانتهاء من ساحة الخزنة.
*العمارة الجنائزية المتمثلة بالمقابر الملكية المنحوتة، والمقابر المبنية بالحجر المقطوع. لقد اهتم الأنباط اهتماما كبيرا بمقابرهم؛ ما انعكس في عمارتها التي حُشد فيها الكثير من الفنون المعمارية والفنية ومما يوحي باهتمام الأنباط «بالحياة الآخرة» بالنسبة للأموات. وبالنسبة للمقابر الملكية المنحوتة، فتُعتبر من أكثر ما اشتهر به الأنباط. وقد أجريت عليها العديد من الدراسات المتخصصة أظهرت أن المهندس النبطي جمع بين التأثيرات الخارجية من الحضارات المجاورة مع الذوق النبطي، ويمكن مشاهدة الكثير من هذه القبور في أماكن مختلفة من البتراء وما حولها وخصوصا في الطريق قبل الوصول إلى السيق. من قبور البتراء الشهيرة: قبر «المسلات» وقبر «الجرة» و «القبر ذو النوافذ».

الدستور

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة