قيادات هامده وشعوب راكده وامال ذابله فإين المنتهى// د. باسم القضاة

المنتهى حيث تبدأ الإرادة بالاشتعال من جديد، وحيث تنهض العزائم من سباتها. لا شيء يبقى هامدًا للأبد، فحتى الجذور المدفونة في الأرض تعرف كيف تشق طريقها نحو الضوء.
وكل ليل يعقبه فجر، وكل صمت تليه صرخة، وكل يأس تحمله الرياح بعيدًا حين تُبعث في النفوس حياة جديدة. المنتهى ليس نهاية، بل بداية لمن يبحث عن النور وسط العتمة.
فليس العيب في غياب النور، بل في العيون التي تأبى أن تراه. حين يصرّ الجميع على العمى، يصبح الظلام اختيارًا لا قدَرًا. لكن حتى لو أغمضت العيون، فالنور لا يختفي، والفجر لا ينتظر إذنًا ليبزغ. سيأتي، ولو لم يره أحد.
وحين يصبح الدم سيولًا، وتُزهق أرواح الأطفال كأنها لا وزن لها، يكون الصمت جريمة، والاستنكار الأجوف خيانة. يصرخ البعض “واعرباه”، ثم يعودون إلى صمتهم وكأنهم لم يسمعوا صدى دموع الأمهات.
لكن التاريخ لا ينسى، والدم لا يجف دون ثمن. سيبقى الصفير في الأجواء، لكنه لن يطغى على صوت الحق حين يجد من ينطقه بلا خوف.
وفي كل مرة تُقرع فيها طبول الحرب، هناك من يسارع لحمل السلاح، وهناك من يكتفي بالكلمات التي لا توقف نزيفًا ولا تعيد طفلًا إلى حضن أمه. يرددون الشجب والإدانة كأنها تعويذة تبرئهم من الذنب، بينما الأرض تمتلئ بالجثث والسماء تضيق بالصراخ.
لكن التاريخ لا يرحم المتخاذلين، ولا تنسى الشعوب من باعها بأوهام الدبلوماسية العقيمة. ففي النهاية، تبقى آثار الأقدام واضحة: من سار نحو العدل، ومن فرّ من مواجهة الحقيقة.
الرحمة للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل حرية الأرض وكرامة الإنسان، والصبر لمن فقدوا أحبائهم، فالألم في قلوبهم لا يُحتمل، لكنهم يحملون في صدورهم ذكريات من ضحوا من أجلهم. نسأل الله أن يسكب السكينة في قلوبهم ويعزّهم بالصبر والسلوان، وأن يجعل دماء الشهداء زهورًا تثمر على هذه الأرض التي لن تنسى تضحياتهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة