كاس شاي/ مصطفى الشبول
بعد أن تطورت أمور السهرات والتعاليل لأبناء الحي الشمالي ، وبعد أن كانت مقتصرة على رجال الحي أصبحت تشمل النساء وذلك من باب الستيرة منهن ، والخلاص من كلامهن الزائد والتعليق على سهرات الرجال وتأخرهم لآخر الليل، فأصبح يأتي الرجل برفقة زوجته للسهرة (فالرجال يسهرون مع بعض،والنساء مع النساء) ، وقد اتفق أبناء الحي بأن تكون السهرة كل آخر شهر عند واحد … وكانت البداية عند أبو فلاح الرجل المتقاعد وصاحب صالون الحلاقة بالحي … وبعد مضي النصف ساعة من السهرة ومع تقديم الشاي قام الصراخ عند النساء ففزع الرجال على الصوت لمعرفة السبب ، وإذ بإحدى الجارات تتعارك مع أم فلاح بالأيادي وتقول : مش حرام عليك بدك تقضي على جوزي بعده بأول عمره … وبعد التحري والسؤال من الرجال عن سبب المشكلة تبين بأن كاس الشاي المُقدم لتلك الجارة (اللي قامت لقيامة ) فيه شرم بسيط من فوق (مخدوش) ، وكما هو متعارف عند بعض قليلات وقليلي العقل بأن من تشرب بكأس شاي فيه خدش يموت جوزها ( يعني بتترَمّل بكير ) وكذا الرجل إذا شرب بكأس شاي مشروم تموت زوجته … المهم تم إلغاء السهرة مباشرة والعودة إلى البيوت (زلم ونسوان) من ورا تلك المعتقدات الباطلة التي ما أنزل الله بها من سلطان ، واقتصرت بعدها الجلسات على قعود الرجال قبل المغرب أمام المنازل أو في صالون الحلاقة تبع أبو فلاح …
من هنا نقول بأنه يوجد أناس عندهم هَوَسّ ومرض بتلك المعتقدات الباطلة والزائفة ويعتبرها دستور ، مثل المرأة التي كل أسبوع تقوم برش أربع أكياس ملح حول البيت ، بحجة أن البيت الذي يُرش حوله ملح لا يدخله الشياطين ( طيب شلون بدك تطردي الشياطين وما في حدا بالدار بصلي ركعة ودائماً أغاني المجوز شغالة بصوت عالي ، والله ملح بارود ما طردت الشياطين ) … لعاد اللي بتعمل صرر زعفران بورق صغير وبتوزع كل صرة بغرفة ، بحجة عدم حدوث مشاكل زوجية بالغرفة اللي فيها صرر زعفران … عدا عن حرق الشعير اليابس بساحة الدار …
أبو فلاح لما نصح رجال الحي بعدم إحضار النساء للسهرات ما حدا رد عليه ، على قوله: شو بيدي على الزلم اللي مش ماينه على سهرة يسهرها لحاله أو كاس شاي يشربها بلا ست الحسن …
التعليقات مغلقة.