كرة القدم وترحيل الأزمات / ماجد غانم
بدون اي مقدمات قرار إقامة مباراة الوحدات والفيصلي بدون جمهور ، هذا القرار لو كان صدر عن اتحاد كرة القدم قد نقبله على مضض فهم جهة إدارية على الأقل ولا تستطيع ضبط الأمور إن خرجت عن السيطرة ، أما أن يصدر عن النظام الأمني الأردني فهذا إن أحسنا النية نقول انه يدل على ضعف المنظومه الأمنية وعدم قدرتها على ضبط الجماهير ومعاقبة المسيئين منهم ، وإن اسأنا النية قليلا فهو يدل على عدم وجود الإرادة الحقيقية لديهم لإنهاء هذا الأمر برمته .
بناء على هذا القرار فالأمر لا يتعدى ترحيل للمشكلة إلى مباريات قادمة ، ودليلنا على ما سبق أن التجاوزات والاعتداءات على جماهير كرة القدم حدثت مرارا وتكرارا وللكثير من الأندية ولم تتوقف حتى الآن للأسباب السابقة ، ولو أريد لها أن تنتهي لأنتهت ، فالمنظومة الأمنية عهدنا منها القمع عند اي امر لا يرغبون به ، لو افترضنا جدلا أن تجمع جماهير هذين الناديين الجمعه القادمه سيكون على الدوار الرابع أو الداخلية للمطالبة بحقوقهم المستباحة والمنهوبة من قبل الحكومات العابرة منذ عشرون عاما على الأقل لوجدنا الأمن وعتاده حاضراً وبقوة لقمع المتواجدين في هذا التجمع الوطني .
لذلك فلا معنى لهذه الطريقة من التعاطي مع موضوع خطير كهذا يهدد السلم المجتمعي لا معنى له إلا استمرار النعرات الإقليمية والعشائرية على المدى البعيد ، وبالتالي بقاء بلدنا خارج منظومة دول العالم المتحضرة ، لذلك وجب الوصول لحل ما ينهي هذا الأمر البشع الذي ينهش مجتمعنا بكل أطيافه .
فما هو الحل ؟
من وجهة نظري المتواضعة موضوع شرق أردني وغرب أردني موجود منذ زمن بعيد ، وما زال يتفاقم ويظهر عند كل مرحلة مفصلية في هذا البلد ، لذلك فإن الصمت حول هذا الموضوع ودفن الرؤوس في الرمال من قبل النظام ومن قبل النُخب والمثقفين ما هو إلا صمت مريب ، والأصل أن لا يبقى هذا الأمر في دواخلنا بل يجب التحدث فيه على الملأ وأمام الجميع للوصول إلى أمور توافقية على الأقل ، للعلم نكذب على أنفسنا أن قلنا أن هذا الأمر غير متفشي داخل البيوت والأسر ، على العكس من ذلك فهذا الأمر يتم الحديث حوله يوميا سواء بفكر سلبي أو إيجابي وعلى الأرجح سلبيا يكون ، كما يتم التطرق خلال هذه الأحاديث الضيقة إلى أمور كثيرة مرتبطه به كالوظائف والتعيينات والخدمات واسلوب التعامل في دوائرنا الحكومية مع المواطن .
لذلك هل نصل للجرأة التي تجعلنا نتواضع وننزل قليلا لمستوى المواطن العادي لنتحدث معه بصراحه وعلى العلن بخصوص هذا الأمر ، بدلا من أن يسمع هذا المواطن من جده وذاك المواطن من عمه وتلك من جدتها حول أصل هذا الأمر والذي غالبا سيجعل كل منهم يسمع ويفهم فقط الحديث الذي يضعه في كفة صاحب الحق المظلوم دوما ا!
عدا ذلك سيبقى كل طرف يريد إثبات أن الطرف الآخر هو الإقليمي الذي يتربص به للقضاء على هويته .
بالإضافة لما مضى يجب أن يكون يكون لدى نظامنا القضائي قوانين تجرم أي شخص يدعو بأي قول لأي فعل عنصري إقليمي وقد يكون هذا موجوداً لكن يجب اتباعه بعقوبات رادعة تمنع من تكراره لا بل وتجعل غيره يفكر مليون مرة قبل أن يقوم بمثل هذه الأمور .
الأمثلة كثيرة لدول كانت تعاني من التمييز العنصري والإقليمي ، لكنها وصلت لمرحلة أصبح فيها هذا الأمر ذكرى سيئة لا يرغب بتذكرها الكبار ولم يسمع عنها الصغار لديهم .
الولايات المتحدة الأمريكية مثلا كانت أكثر دولة تعاني من تفشي السلوكيات العنصرية بين مواطنيها ، لا بل كانت كنظام تمارس العنصرية والتمييز بين مواطنيها وخاصة السود ، لكن وبعد سن القوانين الرادعة لهذا الأمر ، أصبح الأمريكي لا يجروؤ على سؤال جاره من اين اصلك ، أتعلمون لماذا لأن هذا السؤال قد يودي به إلى السجن بحسب القانون الأمريكي ، تخيلوا هذا السؤال فقط يؤدي إلى السجن في امريكا !!
هل عرفتم الآن لماذا تتسيد امريكا العالم بأكمله ! نعم وصلت لهذه المرحلة بعد أن صنعت شعبا يضع القانون في مقدمة كل ما يجب أن يحترم داخل بلده .
لذلك اتمنى بل ادعو كل مثقفي هذا البلد إن أرادوا لهذا البلد النهوض كما هو حال باقي دول العالم المتحضر ، التصدى لهذه المهمة وطرح هذا الموضوع على طاولة منتدياتهم ومناقشته بكل وضوح ودون إغفال أي جانب لمعرفة أين الخلل ، فالوقت طال كثيرا منذ بدأ هذا الأمر المقزز ، وحان الأوان للقضاء عليه بأسهل الطرق وأقل الخسائر حتى لا تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه
أعداؤنا يتربصون بنا وينتظرون سقوطنا ونحن نسير على على هذا الدرب بثبات للأسف ،
بكل صدق وأمانة الموضوع اكبر من كرة قدم وتقزيم الموضوع لحجم كرة قدم هذا لا يسمى إلا ضحك على الذقون ولعب بالأفكار والمشاعر على حد سواء ، حان الوقت لفتح هذا الملف والمكاشفه بكل صدق وأمانه قبل فوات الأوان فبلدنا لا يستحق ما يحدث له .
التعليقات مغلقة.