كروم عجلون متعبة من التغيرات المناخية
– بدأت التغيرات المناخية التي تشهدها محافظة عجلون، تلقي بآثارها السلبية على أنواع من الزراعات، وفق خبراء ومزارعين قالوا إنهم “يلحظون ويرصدون بشكل متزايد منذ عدة مواسم آثارا سلبية على الزراعات نتيجة التغير بالأجواء المناخية”.
هذه التغيرات المناخية العديدة، كتقلبات الطقس، والتباين المفاجئ بدرجات الحرارة، والرياح الشديدة، وتساقط البرد والأمطار الغزيرة في غير وقتها، وأثناء بداية الأزهار، ومع تراجع معدلاتها السنوية وسوء توزيعها خلال الموسم، وتسببها بانجراف الأتربة، بدأت تؤثر على كثير من أنواع الزراعات من حيث تضرر ثمارها وتدني إنتاجها، وانتشار أنواع من الآفات والفطريات المقاومة للمبيدات.
ويحمل الواقع الجديد، والمحتمل تفاقمه مع مرور الوقت، استجابات متنوعة بين اتخاذ إجراءات احترازية أو تغيير الأنماط الزراعية.
ويدعو خبراء ومراقبون، إلى ضرورة اتخاذ تدابير احترازية عديدة على المدى المتوسط والبعيد، بحيث تبدأ بتكثيف برامج التوعية والإرشاد العلمي للمزارعين، وزيادة الدعم لهم، واختيار أنواع من الزراعات الأكثر ملاءمة للتكيف مع هذه التغيرات المناخية، وتعزيز الرقابة والحفاظ على عناصر البيئة والتنوع الحيوي.
ويقول الخبير البيئي المهندس محمد فريحات إن المناطق الجبلية بدأت تتعرض للعديد من المخاطر الطبيعية والتي أصبحت تهدد نظمها البيئية ومكوناتها وعناصرها، والتي ترجع للتغير المناخي، وما ينجم عنه من ارتفاع درجة الحرارة، وانخفاض كميات الأمطار، وتأخر الموسم المطري، إضافة إلى العوامل البشرية، والتي يمكن أن تؤثر في تدمير الموائل الطبيعية للنباتات الطبيعية والحيوانات البرية، كالتعدي على الغابات والتحطيب الجائر والحرائق، إضافة إلى امتداد النمو العمراني على حساب الأراضي الزراعية، ما يؤدي إلى زيادة الجريان السطحي لمياه الأمطار وانخفاض كميات التسرب إلى باطن الأرض، وتسببه بزيادة انجراف التربة، وتراجع نسب الرطوبة التي يعتمد عليها النبات في نموه.
ويقول رئيس قسم الثروة النباتية في مديرية زراعة عجلون، المهندس معاوية عناب، إن تغير المناخ يؤثر على الزراعة، إذ يؤدي إلى التغيرات في معدلات الحرارة، وهطل الأمطار، وحدوث التقلبات المناخية الشديدة كموجات الحر، وفي الآفات والأمراض وفي الجودة الغذائية ويهدد الأمن الغذائي.
ويؤكد المزارع محمد عيد أن عوامل الطقس بدأت تؤثر على زراعاتهم وأشجارهم المثمرة، إذ تتسبب الرياح بتساقطها، كما تؤدي حبات البرد إلى تساقط الأزهار، وتضرر ما يتبقى من الثمار، وتدني الإنتاج، فيما باتت جهودهم برعايتها ومكافحة الآفات الزراعية لا تجد نفعا.
وزاد أن كثيرا من المزارعين وأسر عجلونية تعوّل على ما تنتجه كرومهم من زراعات وثمار صيفية متنوعة في دفع نفقات الرعاية، وجني مبالغ جيدة تعينهم على قضاء احتياجاتهم، إلا أن الموسم الحالي، لحقت به أضرار كبيرة بفعل الرياح الشديدة، وانتشار فطريات وحشرات أتلفت أغلب تلك الثمار، مؤكدا أن كثيرا من ثمار التفاح والكرزيات في كرمه تساقطت جراء الرياح الشديدة والأحوال الخماسينية التي شهدتها المحافظة مؤخرا، كما أن كثيرا من أغصان العنب تكسرت وتضررت أوراقها بشكل لافت، مؤكدا أن المشكلة الأخرى التي يواجهونها هي ضعف التسويق وتراجع الأسعار، خصوصا ثمار العنب، ما دفع به الموسم السابق إلى تجفيف بعضها منزليا، وترك كميات أخرى دون جنيها، إذ أنها لن تكفي لدفع أجور العمال.
ووفق مزارعين، فإن ما يفاقم المشكلة هو ما تعانيه منتجاتهم من تراجع الأسعار وضعف التسويق، وعدم وجود معامل لتجفيف الفائض منها.
ويؤكد أصحاب مزارع أشجار الاسكدنيا في راجب أن أشجارهم والثمار تضررت كثيرا الموسم الحالي جراء انتشار الأمراض والفطريات التي أخذت تفتك بالأشجار بسبب تقلبات الطقس الأمر الذي أدى لاتلاف الثمار وألحق بهم خسائر كبيرة.
وقال أحد مزارعي البلدة بسام فريحات، إن المنطقة تشتهر بزراعة آلاف الدونمات من أشجار الاسكدنيا والتي أصبحت تتعرض لآفات زراعية وفطريات تفتك بها، ما يكبد المزارعين خسائر مالية كبيرة جدا كونها تعتبر مصدر دخل رئيسا لعدد كبير من مزارعي البلدة، مطالبا وزارة الزراعة العمل على إيجاد الحلول الجذرية لمعالجة هذه الآفات الزراعية التي تفتك بالثمر سنويا.
وأكد المزارع عمر فريحات أن المزارعين يواجهون العديد من التحديات جراء تعرض أشجار الاسكدنيا للعديد من الآفات التي تفتك بثمارها، وعدم توفر تسويق رغم جودة المنتج، لافتا إلى كلف كبيرة تتعلق بالرش وتوفير الأسمدة، ما يتسبب بخسائر كبيرة مطالبا وزارة الزراعة بالتدخل لإنقاذ هذه الثمار الفريدة من نوعها ومكافحة هذه الآفات بشكل نهائي من خلال توفير الإرشادات العلمية الدقيقة والمبيدات التي تكافح الآفات بفاعلية، ودعم المزارعين من خلال مساعدتهم لتسويق منتوجاتهم.
وزاد أن مساحة الأراضي المزروعة بالأسكدنيا تصل إلى أكثر من ألفي دونم وبواقع 150 ألف شجرة، بحيث توفر فرصا لتشغيل زهاء 300 عامل وعاملة، موضحا أن وفرة مياه الينابيع والتربة الخصبة والمناخ الدافئ الشفا غوري، عوامل ساعدت على التوسع في زراعة شجرة الاسكدنيا بإصنافها المختلفة بمنطقة راجب.
من جهته، أقر مدير زراعة المحافظة المهندس حسين الخالدي، بأن كثيرا من الزراعات والأشجار المثمرة قد تأثرت سلبا وبنسب متفاوتة بتقلبات الطقس، كانخفاض الحرارة وارتفاعها، وتساقط البرد وهبوب الرياح الشديدة، إلا أنها لا تصل بمجملها إلى الظاهرة وتلك التحولات المناخية اللافتة، مبينا أن فريقا من كادر الوزارة قام بزيارة ولقاء مزارعي المحافظة وخصوصا أصحاب مزارع الأسكدنيا، حيث تم توجيههم وتوزيع أنواع مجربة وذات فاعلية من المبيدات الحشرية لإنهاء المشكلة.
وأكد الخالدي أن زراعة الأسكدنيا أصبحت تحظى بمكانة مهمة ضمن قائمة المحاصيل في الأردن، وكذلك توجه المزارع في المحافظة لهذه الزراعة المهمة، نظرا لزيادة الطلب عليها من قبل المستهلك، مؤكدا اتساع الرقعة التي يتم بها زراعة هذه الفاكهة، حيث وصلت إلى أكثر من 2500 دونم منها 2000 في منطقة راجب، مشيرا إلى أن المركز الوطني للبحث والإرشاد الزراعي، أبدى استعدادا تاما لتقديم الخدمات للمزارعين في منطقة راجب، وعمل مشاهدات وزيارات من أجل معالجة بعض المشاكل التي تواجه شجرة الأسكدنيا.
عامر خطاطبه / الغد
التعليقات مغلقة.