لبنان : انتخابات نيابية بظل الانهيار الاقتصادي ومعارضة للطبقة السياسية
بيروت – بدأت صباح أمس الأحد الانتخابات النيابية في لبنان لاختيار 128 نائبا يمثلون البرلمان، من بين 1043 مرشحا يتوزعون على 15 دائرة.
وتجري الانتخابات وفق قانون انتخابي يعتمد النسبية واللوائح المقفلة مع صوت تفضيلي واحد. وبحسب لوائح الشطب الصادرة عن المديرية العامّة للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية والبلديات، يبلغ عدد الناخبين اللبنانيين ثلاثة ملايين و946 ألفا و507 ناخبين. ونشر الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي الاف العناصر في مختلف المناطق تحسبا لوقوع اي اشكالات حامية لا سيما في المناطق التي تشهد منافسة قوية بين حزب الله وفريقه والفريق المقابل الذي يضم الاحزاب والقوى المناوئة لحزب الله والتيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل.
وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من اوائل الذين أدلوا بأصواتهم في مسقط رأسه بمدينة طرابلس. وقال في تصريح: «ان الدولة بكل أجهزتها مستنفرة لإنجاز هذا الاستحقاق الديمقراطي وبإذن الله تسير الامور على ما يرام». وأكد ان نسبة الاقتراع الصباحية جيدة، مشددا على أهمية توفير الكهرباء في اقلام الاقتراع خلال الليل. ودعا ميقاتي اللبنانيين الى اختيار الافضل ومن يرونه مناسبا، مؤكدا «ان الدولة استعدت لهذا الاستحقاق وجندّت مئة الف عنصر». وأثنى «على كل الجهود التي بذلت وستبذل من القضاة والموظفين والامنيين»، راجيا «ان تحمل الايام المقبلة الخير للبنان».
من ناحيته، وفي وقت لاحق، أدلى الرئيس اللبناني ميشال عون بصوته في الانتخابات النيابية، وقال بعد اقتراعه إن «التصويت في الانتخابات واجب على كل مواطن لبناني». ودعا الرئيس اللبناني اللبنانيين إلى تكثيف مشاركتهم في التصويت بالانتخابات.
وفتحت مراكز الاقتراع صباح أمس الأحد، أبوابها أمام الناخبين اللبنانيين، في أول انتخابات نيابية في البلاد تعقب سلسلة أزمات، بينها انهيار اقتصادي واحتجاجات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية وانفجار كارثي في بيروت.
ويحق لنحو 3.9 ملايين ناخب، أكثر من نصفهم من النساء، التوجه الى صناديق الاقتراع التي ستبقى مفتوحة حتى الساعة السابعة مساء، لتبدأ بعدها عملية فرز الأصوات. ومن المرجح أن تعلن النتائج النهائية في اليوم التالي. وتشكّل هذه الانتخابات أول اختبار حقيقي لمجموعات معارضة ووجوه شابة أفرزتها احتجاجات شعبية غير مسبوقة، في تشرين الأول 2019، طالبت برحيل الطبقة السياسية.
ورغم ازدياد عدد المرشحين المناوئين للأحزاب التقليدية، مقارنة بانتخابات 2018، لا يعوّل كثيرون على تغيير في المشهد السياسي ليتيح معالجة القضايا الكبرى في البلد ذي الموارد المحدودة والبنى التحتية المهترئة والفساد المستشري في مؤسساته.
وتجري الانتخابات على وقع انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850. وبات أكثر من 80٪ من السكان تحت خط الفقر، وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90٪ من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو 30٪.
كما تأتي بعد نحو عامين على انفجار في مرفأ بيروت، في الرابع من آب 2020، الذي دمر جزءاً كبيراً من العاصمة وأودى بأكثر من مئتي شخص وتسبّب بإصابة أكثر من 6500 آخرين. ونتج الانفجار، وفق تقارير أمنية وإعلامية، عن الإهمال وتخزين كميات ضخمة من مواد خطرة تدور تحقيقات حول مصدرها، من دون أي إجراءات وقاية. ويضمّ البرلمان اللبناني 128 نائباً. والأرجحية في المجلس المنتهية ولايته هي لحزب الله وحلفائه وأبرزهم التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية، ميشال عون، وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان، نبيه بري، الذي يشغل منصبه منذ 1992. ويخوض عدد كبير من المرشحين الانتخابات تحت شعارات «سيادية» منددة بحزب الله، الذي يأخذون عليه انقياده وراء إيران وتحكّمه بالبلاد نتيجة امتلاكه ترسانة عسكرية ضخمة. ويطالبون بحصر السلاح بيد الجيش اللبناني. وبين المرشحين المعارضين من يحمل الشعارات نفسها.
وساهمت الأزمات والتدهور المعيشي في إحباط شريحة واسعة من اللبنانيين، الذين هاجر آلاف منهم خلال السنتين الماضيتين، ولا سيما من الشباب. ويبدو عدد كبير من الناخبين، وفق استطلاعات الرأي، غير آبه بالاستحقاق الانتخابي ونتائجه. لكنّ آخرين يتطلّعون إلى تحقيق تغيير وإن محدود لصالح مجموعات معارضة.
ورغم النقمة التي زادها عرقلة المسؤولين للتحقيق في انفجار المرفأ، بعد الادّعاء على نواب بينهم مرشحان حاليان، لم تفقد الأحزاب التقليدية التي تستفيد من تركيبة طائفية ونظام محاصصة متجذر، قواعدها الشعبية التي جيّشتها خلال الأسابيع التي سبقت الاستحقاق.
ويتوقع محللون أن يحتفظ حزب الله وحركة أمل بغالبية المقاعد المخصصة للطائفة الشيعية (27 مقعداً) إن لم يكن كلها، لكن لا يستبعدون أن يخسر حليفه المسيحي الأبرز، أي التيار الوطني الحر، عدداً من مقاعده بعدما حاز وحلفاءه على 21 مقعداً، عام 2018.
وتحتدم المنافسة على الساحة المسيحية بين الخصمين التقليديين، حزب القوات اللبنانية المدعوم من السعودية بزعامة سمير جعجع، والتيار الوطني الحر.
ويتنافس 718 مرشحاً بينهم 157 امرأة، مقارنة بـ597 مرشحاً بينهم 86 امرأة في انتخابات 2018. ويتوزع هؤلاء على 48 لائحة انتخابية.(وكالات)
التعليقات مغلقة.