لماذا المعلم / د. باسم القضاه

.لأن المعلم هو الواجهة الأكثر وضوحًا في العملية التعليمية، وهو من يتعامل بشكل مباشر مع الطلاب، فمن السهل أن يكون هدفًا للنقد. الكثيرون يتناولونه بحدة لأنه الحلقة الأضعف في نظام تعليمي مليء بالمشكلات، فهم يرون فيه السبب المباشر لض عف المخرجات، بينما تتجاهل بعض الأقلام العوامل الحقيقية المؤثرة، مثل السياسات التعليمية، والموارد، والمناهج، والبيئة المدرسية.

أما عن كون معظم ما يُقال عنه حقائق، فهذا لا يعني أن النقد دائمًا منصف. أحيانًا تُستخدم الحقائق بطريقة مجتزأة أو يُحمَّل المعلم مسؤولية تتجاوز صلاحياته وإمكاناته. النقد العادل يجب أن يكون شاملاً، يشمل جميع الأطراف، وليس فقط الحلقة الأضعف.

نعم، المعلم هو في الأساس من مخرجات الجامعات التي تتبع وزارة التعليم العالي، وليس وزارة التربية والتعليم. فالجامعات هي التي تؤهل المعلمين أكاديميًا وتمنحهم شهاداتهم العلمية في تخصصاتهم. لكن بعد التخرج، يصبح المعلم ضمن منظومة وزارة التربية والتعليم، التي تتولى توظيفه وتدريبه وفق سياساتها وبرامجها.

أما عن مسألة النقد، فجزء منه يعود إلى الفجوة بين التأهيل الجامعي ومتطلبات الواقع التعليمي. بعض الجامعات قد تركز على الجانب النظري أكثر من التطبيقي، ولا تضع في اعتبارها بيئة التدريس الفعلية التي قد تتطلب مرونة لغوية، سواء في تدريس اللغة العربية بالفصحى أو استخدام العربية عند تدريس الإنجليزية. ومن هنا، يتحمل كل من وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم مسؤولية تطوير المعلم وإعداده بشكل يواكب احتياجات التدريس الحقيقية.

لأن المعلم في المدرسة هو الأكثر احتكاكًا بالمجتمع وأبنائه، وهو من يُتوقع منه أن يكون قدوة لغوية وتربوية، بينما يُنظر إلى الأستاذ الجامعي على أنه يتعامل مع طلاب بالغين ومستقلين فكريًا، وليس مع أطفال أو مراهقين في مرحلة التكوين.

كما أن المدارس تخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم التي تتحمل مسؤولية جودة التعليم الأساسي، بينما الجامعات تتمتع بمزيد من الاستقلالية الأكاديمية، مما يجعل النقد يتركّز على التعليم المدرسي أكثر من الجامعي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن المخرجات التعليمية للمدارس تؤثر مباشرة على المجتمع ككل، في حين أن تأثير التعليم الجامعي يكون أكثر تخصصًا. لهذا السبب، يُسلط الضوء أكثر على المعلم المدرسي، رغم أن الأستاذ الجامعي هو جزء من المنظومة التي تُخرّج المعلمين أنفسهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة