لماذا تسببت طباعة الأكياس الورقية بسحبها من المخابز في العقبة؟

العقبة- اضطرت سلطة العقبة الاقتصادية الخاصة مؤخرا، إلى وقف توزيع أكياس ورقية وسحب ما تم توزيعه منها على المخابز، حفاظا على السلامة العامة، وذلك بعد ورود شكاوى بتسرب الحبر الموجود على تلك الأكياس على الخبز.
وكانت سلطة العقبة وفي إطار تقنين وحظر استخدام الأكياس البلاستيكية، اتخذت خطوات تدريجية لتعزيز الحياة المستدامة، حيث وزعت 100 ألف كيس ورقي صديق للبيئة كمرحلة أولى على المخابز في المدينة السياحية، إضافة إلى توعية التجار بخطورة الأكياس البلاستيكية، وعقدت العديد من ورش العمل لكافة القطاعات إلى جانب توعية المجتمع المحلي وزوار العقبة في خطوة تهدف إلى خلق الوعي البيئي بأضرار الأكياس البلاستيكية على صحة الإنسان والبيئة.
يأتي ذلك في سياق مضي سلطة العقبة الاقتصادية الخاصة في إستراتيجيتها الرامية لحماية البيئة الطبيعية والثروة البيولوجية وتحفيز أفراد المجتمع على تبني سلوكيات مستدامة وصديقة للبيئة، إلى جانب تحفيز القطاع الخاص والسوق المحلي على توفير بدائل مستدامة للأكياس البلاستيكية، حيث كانت قد شرعت بتوزيع الأكياس الورقية منذ مطلع العام الحالي.
تسرب الحبر إلى الخبز
وشكا مواطنون يستخدمون الأكياس الورقية التي وفرتها إحدى المؤسسات الداعمة للتوجه البيئي بالتعاون مع سلطة العقبة، من أن الأكياس الورقية المستخدمة في الفترة الأخيرة يتسرب منها الحبر المطبوع عليها إلى الخبز، مؤكدين أنهم أتلفوا ما تم شراؤه من الخبز من أحد المخابز.
وقالوا إنهم مستعدون للتخلي تماما وبشكل نهائي عن الأكياس البلاستيكية واستبدالها بالورقية أو القماش، مساهمة منهم في حماية بيئتهم الساحلية والحد من الملوثات البلاستيكية، لكن بطريقة تجنب المواطن الوقوع في أي مخاطر صحية قد تكون لها أضرار أكثر من الموجودة في الأكياس البلاستيكية.
وقال المواطن علي الخواطرة إنه اتجه كالعادة لشراء الخبز لعائلته من أحد المخابز في المدينة وتم وضع الخبز في تلك الأكياس الورقية وبعد وصوله إلى المنزل لاحظ تغير لون الخبز إلى اللون الأخضر، وبعد التحري عن السبب اكتشف تسرب الحبر المطبوع على الأكياس إلى داخل أرغفة الخبز مما دفعه إلى إتلاف الكمية، مؤكدا في الوقت ذاته أن هذه الأكياس تختلف عن الأكياس الورقية السابقة، وأن تلك الأكياس جاء عليها طبعة إحدى الجهات البيئية على شكل دمغة وأدى إلى تسرب الحبر من على الكيس إلى أرغفة الخبز.
أما المواطن محمد البستنجي، فأشار من جهته، إلى “أن خطوة الأكياس الورقية أو القماشية رائعة وذات قيمة بيئية بحتة وتخدم التوجه للتخلي عن الأكياس البلاستيكية وهو مطلب مشترك بين المواطن والجهات البيئية، لكن يجب إعادة النظر بشكل الكيس وما يدمغ عليه، في إشارة واضحة إلى وجود مشاكل فنية في جودة الأكياس الورقية”، مؤكدا أن إعادة توزيعه يجب أن تكون سريعة مع وجود لاصق على الأكياس بدلا من الطباعة، وهكذا نبتعد عن أي مشاكل.
تنامي ثقافة حماية البيئة
ووفق المواطن نوح السعيدات، فإن التوجه نحو الأكياس الورقية يعزز ثقافة حماية البيئة التي تنامت لديهم طيلة المرحلة الماضية، وأن نجاح التجربة مسؤولية مجتمعية تقع على عاتق الأجيال الحالية، مشيرا إلى أن تعزيز الوعي وتنشئة أجيال تحافظ على الموارد الطبيعية عبر سلوكيات يومية دائمة، هو مسؤولية الجميع، ويجب أن يزيد الاهتمام المجتمعي بالحفاظ على كوكب الأرض، بسلوكيات يومية وقرارات حاسمة، دون وجود مشاكل في جودة وشكل الأكياس الورقية.
وقال المواطن أمين المعايطة “إن الأكياس الصديقة للبيئة أصبحت ترافق بعض المتسوقين كافة في منافذ البيع لا سيما المولات التجارية، وهو سلوك تطلب الاعتياد عليه مرحلة قليلة، حتى أصبحت بديلا لا يمكن الاستغناء عنه، لكونها متينة وتتسع لكميات وافرة من المشتريات، إلى جانب الهدف الأساسي منها، والمتمثل في تقليل الاعتماد على الأكياس البلاستيكية التي تسبب تلوثًا للبيئة على المدى البعيد”.
وبين أصحاب مخابز أنه يجب على الجهات ذات العلاقة إعادة الثقة للمواطن باستخدام الأكياس الورقية أو استبدالها بالأكياس القماشية بعد تسرب الحبر على أرغفة الخبز.
وأكد العديد من أصحاب تلك المخابز وكذلك أصحاب محال تجارية، أن غالبية الزبائن يعمدون إلى طلب بضائعهم ومستهلكاتهم التموينية عن طريق التوصيل المباشر “أون لاين” لمنازلهم، فتوضع المشتريات في صندوق الدراجة الهوائية لعامل التوصيل، وهو أمر لا يحتاج لأكياس، مشيدين في الوقت ذاته بالخطوة الإيجابية التي اتخذتها السلطة والتي سيكون لها أبعاد إيجابية على البيئة وحمايتها من التلوث.
ختم عوضا عن الطباعة
وبحسب مفوض البيئة في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، الدكتور أيمن سليمان، فإن سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، ومحافظة العقبة أوقفت استخدام أكياس ورقية في المخابز، جراء تسرب الحبر المطبوع على الخبز، مؤكدا أن هذا القرار جاء بالتنسيق مع محافظ العقبة خالد الحجاج، تحسبا من الإضرار بالصحة والسلامة العامة.
وأشار إلى أن إحدى المؤسسات وبالتعاون مع سلطة العقبة الخاصة، وزعت أكياسا ورقية مطبوعة على عدد من المخابز في المدينة، ضمن مساع بيئية بحتة، وأن هذه الشكوى الأولى التي وردت للسلطة من المستهلك، حيث فرضت وقف توزيعها وإعادة سحب ما تم توزيعه حفاظا على السلامة العامة.
وأكد سليمان أن هذه الأكياس الورقية وضع الختم عليها للمرة الأولى عوضا عن الطباعة، علما بأنه سابقا كان الشعار يطبع على الورق ضمن إجراءات السلامة العامة.
كما أشار سليمان إلى أن السلطة مستمرة في حملتها وإستيراتيجتها للحفاظ على البيئة، لا سيما توزيع الأكياس الورقية لكن بشكل مختلف، مؤكدا أنه سيتم مستقبلا إدخال الأكياس القماشية كجزء من حملتها بالتعاون مع القطاع التجاري والجهات ذات العلاقة.
يذكر أن سلطة العقبة وعددا من الجهات المعنية بالبيئة في العقبة يعملون على الحد من آثار التلوث البلاستيكي والنفايات الصلبة التي تؤثر على صحة الإنسان والبيئة، ويتم عقد ورش عمل خاصة لنشر الوعي المجتمعي بمخاطر استخدام المواد البلاستيكية، خصوصا الأكياس، نظرا لأنها تحتاج فترة تتراوح بين 10 -20 عاما للتحلل، وتتسبب بنفوق كثير من الكائنات البحرية والبرية.
مخاطر الأكياس البلاستيكية
ووفق الدراسات الدولية فإن “غالبية الأكياس البلاستيكية تُصنع من البولي إيثيلين، وهي مادة مشتقة من تكرير النفط الخام ومعالجة الغاز الطبيعي”، في وقت يتم “استخدام 12 مليون برميل من النفط كل عام لإنتاج أكياس البلاستيك”.
وأشارت إلى أن “كمية النفط التي يتطلبها إنتاج كيس بلاستيكي واحد يمكن أن تقود سيارة 11 متراً (36 قدماً)، وهو بذلك يسهم كثيراً باستنزاف هذا المورد الثمين ويسبب ارتفاع أسعاره”.
وينتهي الجزء الأكبر من الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل في مكبات النفايات، ما يؤدي لترشح مواد قد تكون سامة في التربة والمياه، وفق تصريحات سابقة للخبيرة في نوعية المياه د. منى هندية.
وأكدت أن “باحثين حذروا من أن تلوث التربة بالبلاستيك المتناهي الصغر، يقدر بـ4 إلى 23 مرة من ذلك الذي يصيب البحار في العالم، نتيجة تلوثه بالمادة البلاستيكية نفسها”.
وشددت على أن” تحلل جسيمات البلاستيك يكسبها خواص فيزيائية وكيميائية جديدة، ما يزيد من مخاطر تأثيراتها السامة على الكائنات الحية”. كما أن “وجود المضافات كالفثالات وغيرها، والمعروفة بتأثيراتها الهرمونية، يمكنها تعطيل نظام الهرمون من الفقاريات واللافقاريات على حد سواء”.
ولفتت إلى أن “التفاف أكياس البلاستيك حول الشعاب المرجانية، قد يحرمها من ضوء الشمس، ومن التيارات المائية المتجددة الداخلة والخارجة منها وإليها، والتي تحمل لها الغذاء والأكسجين، الأمر الذي يؤدي إلى تدهورها وموتها”.