ما سبل تشجيع المغتربين على الاستثمار بالمملكة؟
بينما كشف تقرير دولي حديث عن ضعف الجهود الحكومية المبذولة للتواصل مع المغتربين الأردنيين في الخارج وحثهم على الاستثمار في الأردن، دعا خبراء اقتصاديون إلى ضرورة الاهتمام بملف تحفيز المغتربين لاستثمار أموالهم في المملكة لما لذلك من أثر إيجابي على الاقتصاد الوطني والتغلب على التحديات.
وطرح الخبراء مجموعة من المبادرات التي من شأنها أن تشجع المغتربين على الاستثمار من بينها تصميم مشاريع مشتركة بين المغتربين والحكومة في القطاعات الإنشائية والسكنية والمشاريع التنموية المتوسطة والكبيرة إضافة إلى إنشاء صندوق استثماري خاص بالمغتربين.
وأشاروا إلى أن ذلك قد يشكل إضافة نوعية للاقتصاد الأردني ويمكن من خلاله استقطاب المزيد من الاستثمارات، وتشجيع المغتربين على الاقدام نحو الاستثمار.
ويضاف إلى ذلك تهيئة المناخ الاستثماري لهم فنيا وتشريعيا ضمن القطاعات الواعدة كالسياحة والتكنولوجيا والصناعات الغذائية ،إلى جانب ضرورة تقديم حوافز وامتيازات استثمارية خاصة بالمغتربين، لا سيما من ناحية الاعفاءات الضريبية ،علاوة على تذليل التعقيدات البيروقراطية.
وأكد الخبراء أن من شأن هذه المبادرات الاستثمارية إذا ما تمت أن تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وستساعد في تحسين مؤشراته وتوفير المزيد من فرص العمل، فضلا عن تحسين الصورة الاستثمارية في المملكة وجذب المزيد من الاستثمارات التي يحتاجها الاقتصاد الوطني في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وكشفت دراسة تحليلية حديثة أصدرتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) مؤخرا تحت عنوان “تحليل حالة الهجرة الدولية في الأردن 2023 ، أن الجهود الحكومية المبذولة للتواصل مع المهاجرين الأردنيين في الخارج تبدو محدودة ، وضعف الجهود الرامية إلى تشجيع المغتربين على الاستثمار في الأردن.
وبحسب الدراسة بلغ إجمالي تحويلات المغتربين الأردنيين في الخارج خلال الفترة الواقعة ما بين عامي 2010 و 2022 نحو 30 مليار دينار.
وقدر تقرير سابق للبنك الدولي إجمالي تحويلات المغتربين الأردنيين في الخارح خلال السنوات الـ23 عام الماضية ، بنحو 92 مليار دولار.
ويشار إلى أن تحويلات المغتربين في الخارج قد نمت خلال العام الماضي بما نسبته 1.4 % مقارنة مع عام 2022، لتصل إلى ما قيمته 2.48 مليار دينار، وفق بيانات البنك المركزي.
ويبلغ عدد المغتربين الأردنيين في الخارج نحو 925 ألف مغترب يتوزع العدد الأكبر منهم في دول الخليج العربي 765 ألف مغترب) ما يشكل نسبته 81 % من إجمالي المغتربين، في حين يعيش نحو 29 ألف مغترب منهم في مجموعة من الدول العربية غير الخليجية، بينما يعيش حوالي 140 ألفا منهم في بلدان غير عربية بما نسبته 15.2 % من إجمالي عدد هؤلاء المغتربين وفق آخر تحديث لوزراة الخارجية صدر عام 2021.
وقال الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة، إن “ملف تحفيز المغتربين وتشجيعهم على استثمار أموالهم في الأردن محليا يجب أن يكتسب الأولوية لدى الحكومة لما له من أثر إيجابي على الاقتصاد الوطني في ظل التحديات المحيطة به”.
وأكد المخامرة أن هناك مجموعة من الأفكار التي يمكن أن يكون لها دور في تحفيز القرار الاستثماري لدى المغتربين ومنها إطلاق جهد توعوي لاستهداف المغتربين حول القطاعات التي تزخر بفرص استثمارية متاحة ذات عائد مثمر، إضافة إلى إنشاء صندوق استثماري خاص بالمغتربين، إذ قد يشكل ذلك إضافة نوعية للاقتصاد الأردني ويمكن من خلاله استقطاب المزيد من الاستثمارات، وتشجيع المغتربين على الإقدام نحو الاستثمار، مبينا أن هذا يتطلب من الحكومة أن يكون الصندوق شفافا في مشروعاته وغايته وإدارته، وأن يمنح المستثمرين من خلاله حوافز واسعة وجادة.
ويضاف إلى ذلك ضرورة الاستفادة من الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص وتوجيه استثمارات المغتربين نحو مشاريع تستهدف البنية التحتية والاستثمار في القطاعات الاقتصادية الواعدة، كالقطاع السياحي والصناعات الغذائية والتحويلية والخدمات اللجوستية والقطاع التكنولوجي.
كما دعا مخامرة إلى ضرورة تقديم حوافز وامتيازات استثمارية خاصة بالمغتربين لا سيما من ناحية الإعفاءات الضريبية، علاوة على تذليل التعقيدات البيروقراطية أمامهم.
وأكد المخامرة أن من شأن هذه المبادرات الاستثمارية إذا ما تمت أن تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وستساعد في تحسين مؤشراته وتوفير المزيد من فرص العمل، مشددا على أن نجاح هذه التجربة سيساهم في تحسين الصورة الاستثمارية للمملكة وجذب المزيد من الاستثمارات التي يحتاجها الاقتصاد الوطني في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي مفلح عقل أن توفير الفرص الاسثتمارية المجدية والمقنعة، إضافة إلى تهيئة المناخ الاستثماري فنيا وتشريعيا هو المفتاح الرئيسي لتشجيع المغتربين على استثمار أموالهم ومدخراتهم في الدورة الاقتصادية المحلية، داعيا إلى وجوب العمل على توفير سبق ذكره، إلى جانب وجوب تنظيم السفارات والممثليات الدبلوماسية الأردنية لقاءات ترويجية مع المغتربين حول الفرص الاسثتمارية المتاحة لهم محليا.
ولفت عقل إلى أن الاهتمام الحكومي بملف تشجيع المغتربين على الاسثتمار محليا تقلص خلال السنوات الماضية لا سيما منذ فترة جائحة كورونا، بل أنه “بات غائبا “، موضحا أن المؤتمرات والفعاليات المتعلقة بهذا الملف و التي نظمت من قبل الحكومات المتعاقبة لم تنجح في إقناع المغتربين على الانخراط في النشاط الاستثماري نتيجة لضعف الحوافز المقدمة لهم، إضافة إلى عدم توفير صورة كافية لهؤلاء حول القطاعات ذات العائد الاستثماري المجدي، فضلا عن تفشي البيروقراطية.
وأكد عقل أن انخراط المغتربين في النشاط الاستثماري له أثر اقتصادي بالغ الأهمية، يتمثل في توفير المزيد من فرص العمل ودفع عجلة الاقتصاد الوطني وتحسين مختلف مؤشراته.
من جانبه، طالب الخبير الاقتصادي زيان زوانة بضرورة تبني الحكومة إستراتيجية خاصة لتعامل مع المغتربين وإدماجهم في العملية الاقتصادية المحلية وتبني سياسات اقتصادية وتحفيزية تستهدف هذه الشريحة للاستفادة من تحويلاتهم المالية بصورة غير تقليدية وجعلها رافعة اقتصادية وتنموية، وليس فقط مصدرا للعملات الأجنبية، إضافة إلى أهمية توظيف تحويلات المغتربين لتعزيز ميزان المدفوعات بالمفهوم الأكثر شمولية، إلى جانب تبني مشاريع اقتصادية جاذبة ومشتركة معهم ومع القطاع الخاص.
كما طالب بضرورة تصميم مشاريع مشتركة للحكومة مع المغتربين للاستفادة من تنمية القطاعات الإنشائية والإسكانية والمشاريع التنموية المتوسطة والكبيرة في البلاد، خاصة أننا نحتاج لمثل هذا المورد ومثل هذه المشاريع وهذه الشراكة ، مؤكدا على عناصر الشفافية والمساءلة في تنفيذ هذا النوع من المشاريع وفي ما يتعلق بإدماج المغتربين في القطاع الاستثماري.
إلى ذلك، دعا رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع، إلى ضرورة التركيز على زيادة ثقة المغتربين للاستثمار في الأردن، والتركيز على القطاعات الأكثر جذبا للاستثمار وذلك بالتعاون مابين القطاع العام والخاص، و إنشاء قاعدة بيانات مركزية للمغتربين الأردنيين، و إصدار صندوق استثماري وسندات خاصة للمستثمرين بما يساهم بشكل واضح في زيادة الاستثمارات الخارجية والمحلية بما فيها استثمارات المغتربين.
وأكد الطباع أن الجمعية تبذل جهودا حثيثة في البحث عن آليات توطين استثمارات المغتربين في الخارج وتشجيعهم على الاستثمار في وطنهم، حيث أشار الطباع إلى ضرورة إعادة توطين الاستثمارات حيث تعد هدفا مهما وأساسيا لأي اقتصاد، وهناك العديد من الدول التي سعت إلى تحقيق النهوض في اقتصادها من خلال تشجيع رجال الأعمال المغتربين بالخارج على إعادة توظيف أموالهم في مشاريع اقتصادية تنموية وإنتاجية وخدمية واستثمارية داخل حدود الوطن.
وبين الطباع أنه وبعد عقد المؤتمر الثامن لرجال الأعمال والمستثمرين الأردنيين في الخارج، تم استقطاب عدد من الاستثمارات للمغتربين الأردنيين لتأسيس الشركة الوطنية العربية للتعدين والصناعات التحويلية، إذ بلغت مساهمة المغتربين الأردنيين في هذه الشركة مايزيد عن 50 % من رأس المال.
التعليقات مغلقة.