مبنى مدرسة صمد التراثي.. ذكريات أجيال يطمرها غبار النسيان

إربد -يخيم الصمت على مبنى مدرسة صمد الأساسية، بعد أن توقف التعليم فيها إثر انتقال طلبتها قبل سنوات إلى مدرسة جديدة، لتبقى وحيدة، يتسيد الغبار مرافقها وغرفها الصفية، التي احتضنت على مدار عقود ذكريات أجيال تعاقبت على الدراسة فيها.
فقد غابت عن المبنى التراثي للمدرسة، أصوات الطلبة، وجرس الطابور والنشيد الصباحي، ولم يعد يسمع سوى صدى أصوات تفجيرات الكسارات المحيطة بها، والتي تهز حيطانها وأروقتها وتملأ المكان بالأتربة والغبار.
ويطالب أهالي البلدة، بإعادة إحياء المدرسة واستغلال مبناها لأغراض تعليمية وتربوية، بدلا من تركه مهجورا وعرضة للتخريب والعبث.
يقول الدكتور مالك البدور أحد سكان البلدة، إن مدرسة صمد الأساسية للبنات بناء تراثي، يعود لخمسينيات القرن المنصرم، بُنيت على الأطراف الشمالية الشرقية لقرية صمد التراثية، وتزامن تأسيس هذه المدرسة مع تأسيس بيوت القرية التراثية، فشهدت هذه المدرسة نشأة أجيال وأجيال ترعرعوا بين بيوتهم وأزقة وحواري القرية وبين مدرستهم وساحاتها التي تلقوا فيها تعليمهم الابتدائي والإعدادي مع أقرانهم من أبناء القرى المجاورة حيث كانت تحتضن الجميع غرفها الصفية كما الأم لأبنائها.
وأضاف البدور، أنه لم يكن يدر في خُلد أحد في أي يوم من أيام طفولتهم، أن الحياة التي تعج بها مدرستهم ستتحول إلى صمت مريب؛ بعد أن أصبحت المدرسة خاوية وخالية من صوت جرس الطابور والنشيد الصباحي.
وتابع: إنه وبعد أن خلت غرفها الصفية من صوت التلاوة الجماعية للآيات القرآنية وترديد الحروف الهجائية وتسميع جداول الضرب وغيرها من ضروب العلوم، أصبحت اليوم تئن دون أن يسمع أي مسؤول أنينها فينهض ليعيد لها الحياة، ولم يعد يُسمع في المدرسة سوى صدى أصوات التفجيرات المنبعثة من الكسارات المحيطة بها، بعد أن تهز جدرانها دون رأفة، فتملأ جوانبها أتربة وغبارا ممزوجا بآلالم ما آلت إليها مدرستنا.
وأكد البدور، أنه ومنذ سنوات طويلة وسكان البلدة يطالبون مرة تلو المرة بإنقاذ المدرسة من الدمار والخراب ونقدم مقترحاً تلو المقترح ولكننا للآن لم نجد مَن يسمعنا أو مَن يتبنى أحد مقترحاتنا التي نقدمها بأن يتم تحويل هذه المدرسة إلى مخيم كشفي دائم تابع لوزارة التربية والتعليم تُقام فيه النشاطات والمهرجانات الكشفية على مدار العام.
وأشار إلى أن سكان البلدة طالبوا أن تقوم مديرية التربية والتعليم للواء المزار الشمالي باستعمال أحد المباني الحديثة في المدرسة كمستودع كتب للمديرية، أو أن يتحول الجناح التراثي من المدرسة إلى متحف يتبع لوزارة السياحة والآثار تُعرض فيه الآثار من اللوحات الفسيفسائية والأواني الفخارية والقطع المعدنية التي عُثر عليها ضمن أراضي خِرب صمد الأثرية، بدلاً من نقلها إلى سرايا إربد أو إلى مستودعات دائرة الآثار في إربد خاصة.
وأشار إلى أن قرية صمد مدرجة ومنذ سنوات طويلة على المسار السياحي للواء المزار الشمالي، حسب ما كان يفيد به المسؤولون في مديرية سياحة إربد، ويمكن أن يُعرض في المتحف – إذا تم إنشاؤه- الحجارة التراثية من بيوت قرية صمد والتي تٌزينها الرسومات والنقوش والكتابات المختلفة والتي تعرضت -مع مرور الزمن دون أن تجد رعاية أو اهتمام -للسرقة أو الاعتداءات والتخريب.
وقال إن سكان البلدة اقترحوا أن يتم تحويل المدرسة إلى مراكز شبابية تتبع لوزارة الشباب، لا سيما وأن الساحات والقاعات المطلوبة لإقامة النشاطات المختلفة متوفرة في المدرسة، مؤكدا أن تلك المطالبة باءت بالفشل ولم ينفذ شيئا منها على أراض الواقع على الرغم من مرور السنوات، حيث باتت محتويات المدرسة معرضة للعبث والتخريب والاعتداء.
وأشار رئيس مجلس محلي صمد الأسبق سميح أبو دلو أن المجلس خاطب في وقت سابق الجهات المعنية من أجل المحافظة على المدرسة التراثية ووقف ما تتعرض له من تخريب وتكسير لمحتوياتها، إلا أن جميع المطالبات باءت بالفشل، واكتفوا بتعيين حارس، وأصبحت المدرسة مهجورة وتعرضت قبل سنوات للتخريب من قبل مجهولين.
وقال إن مدرسة صمد الأساسية التراثية للبنات في لواء المزار الشمالي تعرضت قبل سنوات إلى العبث وحرق بعض غرفها بعد أن تم نقل طلبتها قبل زهاء 6 سنوات، إلى مدرسة جديدة تم استحداثها.
وأضاف أن بناء المدرسة شيد منذ 65 عاما بطابع معماري من الحجر والطين، حيث أصبح يشكل حاليا معلما تراثيا في البلدة وفي المنطقة القديمة، غير أن المدرسة أصبحت حاليا عرضة للتخريب بشكل أكبر، ما لم تقم وزارة التربية والتعليم بالحفاظ عليها، وخاصة وأنها مملوكة لوزارة التربية، مؤكدا ضرورة إقامة سور إسمنتي حولها لحمايتها من العابثين.
وأشار إلى أن المدرسة تقع في بلدة صمد القديمة، فيما تبعد عن البلدة الجديدة زهاء 1 كلم متر، في منطقة غير مؤهولة بالسكان.
وطالب أبو دلو، بتحويل المدرسة إلى مخيم كشفي أو متحف أثري، نظرا لوقوعها في منطقة تراثية تضم مباني تراثية، ما زالت شاهدة على قدم هذه البلدة، مؤكدا أن المدرسة تمثل تراثا قديما يجب المحافظة عليها من العبث.
وأشار إلى أن المدرسة معرضة حاليا لمزيد من العبث والدمار، في حال لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتها، وخاصة وأنها تقع في منطقة بعيدة عن السكان.
ولفت أبو دلو، إلى أن المدرسة تقع على سفح جبل يطل على العديد من البلدات في لواء المزار الشمالي ومحاطة بالكسارات، داعيا إلى الحفاظ على هذا المعلم الأثري من التخريب.
بدورها، أكدت مديرة تربية المزار الشمالي الدكتورة فاطمة طلافحة، أنه تم مخاطبة وزارة التربية والتعليم لتحويل المدرسة إلى مخيم كشفي لمدارس اللواء، وخاصة وأن المدرسة تقع على مساحة 8 دونمات، مشيرة إلى أن التربية قامت بتعيين حارس على المدرسة لحمايتها من العبث.

 أحمد التميمي/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة