متدربون في “مهني عجلون” يقطفون ثمار الإرادة بإنشاء مشاريعهم الخاصة
– في سبيل تجاوز تحديات الفقر والبطالة، ما تزال قصص النجاح تتوالى في محافظة عجلون، متسلحة بالتدريب في المعهد المهني على حرف ومهن يتطلبها سوق العمل، وتوفر لممتهنيها إقامة مشاريعهم الخاصة التي وأخرجتهم من صفوف المتعطلين عن العمل، ووفرت لهم مصادر دخل.
ويؤكد أبطال تلك القصص أنهم توجهوا للتدريب بعد أن لمسوا محدودية الوظائف الحكومية وغياب المشاريع الكبرى التي توفر لهم فرص العمل في محافظتهم، فاتجهوا نحو التدرب على مهن تتناسب مع احتياجات السوق، فاستثمروا تدريبهم بإنشاء مشاريعهم الخاصة في مجالات عدة، فيما وجد كثيرون فرص عمل كريمة في قطاعات متنوعة.
ووفق أرقام موثقة في “مهني عجلون”، فقد زاد عدد المشاريع الناجحة في المحافظة على 200 مشروع ناجح، كما وصلت نسبة المشتغلين في القطاع السياحي إلى 90 %، وفي القطاعات الأخرى إلى 70 %.
السيدة نهى الزغول، أضاءت شمعة نجاحها عندما قررت، رغم عمرها البالغ 47 عاما، أن تسير على طريق الشغف والطموح، بعد تخرجها من معهد عجلون للتدريب المهني عام 2023 بتخصص الحلويات والمعجنات، فاستثمرت مهاراتها ومعارفها لإنشاء مشروعها الخاص، وهو مطعم “التنور الذهبي”.
المطعم يقع في مجمع السفريات في عجلون، ويعد مقصدا بارزا لمحبي المخبوزات والمعجنات والحلويات، إضافة إلى الأطباق الشعبية التي تلبي أذواق الجميع، إذ يقول مرتادوه إن نهى الزغول مثال يُحتذى به للإصرار والعمل الجاد، فقصتها رسالة ملهمة لكل من يسعى لتحقيق حلمه مهما كانت التحديات.
وتقول الزغول، إن نجاح المطعم لم يتوقف عندها فقط، بل تجاوز ذلك ليصبح مصدر رزق لغيرها، حيث قامت بتوظيف أربع خريجات من معهد عجلون، لتثبت أن النجاح يمكن أن يتضاعف عندما نتشارك فيه.
وأضافت “أن التدريب المهني كان الخطوة الأولى لتحقيق حلمها، فقد منحها الأدوات والمعرفة التي احتاجتها لتحويل شغفها إلى مشروع ناجح، مقدمة النصح لكل شاب وشابة بالسير في هذا الطريق، فهو ليس فقط وسيلة للحصول على عمل، بل هو فرصة لتحقيق الذات والمساهمة في خدمة المجتمع”.
أما آيات المومني، فتقول، “أنا ربة منزل وأم لثلاثة أطفال، لم يحالفني الحظ في الثانوية العامة، ولم يكن عدم النجاح بالنسبة لي خيارا، فقد كان الفشل كلمة خارج قاموسي، فشددت همتي، وبدأت بالبحث عن فرصة للتطوير من نفسي، فكان التدريب المهني هو خياري الذي قام بمساعدتي، وبفضل جهودي وجهود القائمين على دورة حاضنة الأطفال، أتممت الدورة التعليمية لستة أشهر، وتم إعطائي شهادة مزاولة المهنة بنجاح، وبفضل الله تم منحي من قبل مجلس شؤون الأسرة والمنظمة الكندية الداعمة WUSC منحة للبدء بعمل مشروعي الخاص وهو حضانة منزلية”.
وأضافت المومني، “أنصح كل شخص لم يحالفه الحظ في مجال الدراسة أو أتم دراسته ولم يستطع العثور على عمل، بأن يكون التدريب المهني وجهتهم لصقل مهاراتهم واكتساب مهارات تساعدهم في الحصول على وظيفة، وذلك من خلال الخبرة التي يستمتعون بها من الدورات التي يتم إعطاؤها داخل مركز التدريب المهني.”
ووفق الشاب أسامة هايل، فإنه تخرج من معهد التدريب المهني قبل عامين، حيث تدرب في أحد الفنادق المعروفة من خلال مركز التدريب المهني في عجلون لمدة 6 أشهر، وبعدها حصل على عمل في الفندق نفسه بوظيفة شيف.
ويؤكد هايل، أن التدريب المهني الذي تلقاه في معهد عجلون في تخصص الفندقة وإنتاج الطعام كان له أثر إيجابي كبير في شق طريق حياته، بحيث حصل من خلال هذا التدريب في المعهد على فرصة عمل ذهبية في ذلك الفندق، مبينا أن رسالته لكل شباب الأردن الذين أنهوا الصف العاشر هي أن يحذو حذوه، وأن يلتحقوا بأقرب معهد مهني في منطقتهم للحصول على فرصة تدريب وتأهيل لكي تمنحهم فرصة للحصول على مهنة يتمكنون من خلالها شق طريق حياتهم.
ويقول المدرب والخبير بإدارة المشاريع علي المومني، إنه يتوجب على الشباب التدرب أولا، ثم التوجه نحو المشاريع الإنتاجية كحلول للفقر والبطالة، مع ضرورة التركيز في أي مشروع على الفكرة الاستثمارية والتمويل ودراسة الجدوى، ليكون بأعلى درجات الجودة.
إلى ذلك، يصف معنيون هذا التوجه بالإيجابي والمثمر، مستشهدين بمئات قصص النجاح للمشاريع الذاتية للشباب والفتيات، وتمكن قرابة 70 % من مجمل أعداد الخريجين بمختلف القطاعات من الحصول على فرص عمل، ووصولها في بعض المهن كالفندقة والسياحة
إلى 90 %.
ويؤكد مسؤولو صندوق التنمية والتشغيل في المحافظة، أن الصندوق يسعى إلى تمويل مشاريع تنموية متنوعة للشباب المدرب والمؤهل، وأسر عجلونية فقيرة، من خلال توفير قروض ميسرة وبنسب مرابحة مخفضة، على رأسها المشاريع السياحية، بهدف توفير فرص العمل والحد من نسب الفقر والبطالة المتزايدة، مشيرين إلى أن هناك الكثير من قصص النجاح التي تم دعمها من قبل الصندوق، وجرت متابعتها بشكل دوري، وحققت أهدافها على أكمل وجه، بحيث تمكنت من تشغيل العديد من الشباب، وانتشال أسر عديدة من الفقر.
وتؤكد أميرة فريحات، وهي مستفيدة من الصندوق بإقامة مشروع سياحي في بلدة راجب، أن مشاريعهم ما كانت لتنجح من دون هذه القروض الميسرة، والتوجيه والمتابعة من قبل العاملين في الصندوق، داعية الشباب الجادين والأسر الفقيرة إلى التدريب الجاد، والاستفادة من القروض، وعمل دراسات جدوى متأنية لمشاريعهم المقترحة.
وتشير دراسة أجراها الصندوق إلى أن 90 % من المشاريع السياحية في المحافظة ممولة من صندوق التنمية والتشغيل.
يذكر أن الصندوق استحدث برنامجا لتمكين المرأة ومساعدتها على إنشاء مشروعها للمساهمة في تحسين المستوى المعيشي والاقتصادي لها وأسرتها ولتفعيل دور المرأة في المجتمع وعلى العمل الحر والاعتماد على مبدأ التشغيل الذاتي، وذلك بتوفير قروض تتراوح بين 5 – 25 ألف دينار، وفترة سماح لمدة 9 أشهر وفترة سداد تبلغ 8 سنوات، وبنسبة مرابحة 3 % وللفئة العمرية ما بين 18 – 45 عامًا.
من جهته، أكد مدير معهد التدريب المهني في المحافظة المهندس معتصم القضاة، أن نسبة تشغيل الخريجين بلغت زهاء 70 % في تخصصات مختلفة، بينما بلغت في تخصص السياحة والفندقة زهاء 90 %، مشيرا إلى أن في المحافظة أكثر من 200 مشروع ريادي ناجح لخريجي وخريجات المعهد، بحيث شكلت جميعها قصص نجاح كبيرة.
وأضاف، أن المعهد يسعى إلى تعزيز العلاقات مع مؤسسات المجتمع المدني والصناديق والجمعيات والبلديات والهيئات والمنظمات الدولية، وتعزيز العلاقات مع القطاع الخاص بما يعزز التدريب التشاركي ويسهم بشكل كبير في تشغيل الخريجين، مبينا أن المعهد ينتهج خطة توعوية وإعلامية ترويجية كبيرة، بحيث تقوم كوادره بوضع برامج لزيارة قطاعات المجتمع المحلي ومدارس وزارة التربية والتعليم للتوعية بأهمية التدريب المهني.
كما أكد القضاة، أن المعهد يسعى إلى تعزيز العلاقات مع مؤسسات المجتمع المدني والصناديق والجمعيات والبلديات والهيئات والمنظمات الدولية، وتعزيز العلاقات مع القطاع الخاص بما يعزز التدريب التشاركي ويسهم بشكل كبير في تشغيل الخريجين.
عامر خطاطبه/ الغد