متضررو الزلزال في الشمال السوري ضحية التسييس لمعابر المساعدات
مرة أخرى يقف المكتوون بنيران الحروب في الشمال السوري، والذين الحقوا بزلزال مدمر استنفذ ما بقي لهم من سقوف أو خيم تأويهم وبقايا طعام تسد رمقهم أمام جلسة مغلقة لمجلس الامن الدولي طرحت قضية إدخال المساعدات من خلال المعابر أختتمت أول من أمس، من دون عرض مشروع قرار لدعم عمل معابر حدودية إضافية وافق النظام السوري على فتحها لإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة.
فريقان أختلفا على قضية المعابر فبينما تسعى الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى إلى دعم عمل النقاط الحدودية بقرار أممي، رفضت روسيا الفكرة واعتبرتها انتهاكا للسيادة السورية.
وساد تباين المواقف خلال الجلسة التي خُصصت للتصويت على قرار يُلزم النظام السوري بفتح المعابر أمام قوافل الإغاثة إلى شمال سورية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد رحب بما قال إنه موافقة رئيس النظام السوري بشار الأسد على فتح نقطتي عبور بين تركيا وشمال غربي سورية لإدخال المساعدات، وأضاف أن فتح المعبرين سيكون لفترة أولية مدتها 3 أشهر.
وتعني موافقة الأسد أن الأمم المتحدة يمكنها الآن استخدام ما مجموعه 3 معابر حدودية مع تركيا، للوصول إلى شمال غرب سورية التي عصفت بها الحرب.
وقبل الزلزال كانت المساعدات الإنسانية لشمال غرب سورية -المنطقة التي لا تخضع لسيطرة النظام السوري- تدخل من تركيا عبر معبر باب الهوى، نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن بشأن المساعدات العابرة للحدود.
وحثّ المندوب الفرنسي في مجلس الأمن الدولي نيكولا دي ريفيير على استصدار قرار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إذا واجهت الأمم المتحدة أي عراقيل عند محاولتها إدخال المساعدات عبر معبري “السلامة” و”الراعي” إلى الشمال السوري.
لكن ديمتري بوليانسكي نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة قال إن القرار ليس ضروريا “لأنه قرار سيادي لسورية”، واعتبر أن التفويض الحالي من مجلس الأمن بتوصيل الأمم المتحدة مساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي انتهاك لوحدة أراضي سورية وسيادتها.
وحذر بوليانسكي من أن أي ضغط للتوصل إلى حل من شأنه تسييس القضية ولن يساعد السوريين.
وأكد سفير سورية لدى الأمم المتحدة بسام الصباغ أن سورية ستدعم إيصال المساعدات الإنسانية عبر جميع النقاط الممكنة من داخل سورية أو عبر الحدود لمدة 3 أشهر. وقال للصحفيين إن قرار المجلس ليس مطلوبا لأنه اتفاق بين سورية والأمم المتحدة.
ويحتاج تمرير القرار إلى 9 أصوات لصالحه وأن لا تستخدم روسيا أو الصين أو الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا حق النقض.
وكانت مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد قد ناشدت مجلس الأمن الدولي في وقت سابق، المصادقة على فتح معبرين إضافيين في سورية. وقالت غرينفيلد إن تأخير فتح المزيد من المعابر يعني موت مزيد من ضحايا الزلزال في سورية.
من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن واشنطن ستواصل الضغط من أجل التوصل إلى قرار في مجلس الأمن يأذن بفتح معابر إضافية لنقل الإغاثة إلى منكوبي شمال غرب سورية.
وشددت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير على ضرورة افتتاح معبرين إضافيين لتعزيز عمليات المساعدة في مناطق شمالي سورية، وقالت إن إجمالي عدد شاحنات المساعدات الدولية التي دخلت سورية عبر الحدود التركية بلغت 52 شاحنة.
وقال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن فرق الإغاثة التابعة للمنظمة الدولية تبذل جهودا كبيرة في الميدان لإغاثة المنكوبين من الزلزال.
وبشأن الاتهامات بالتقصير في الاستجابة للأزمة قال حق إن الأمم المتحدة تقدم الإحاطات المطلوبة بالنسبة لتداعيات الزلزال، لكنّ القرارات تبقى بيد الدول الأعضاء بمجلس الأمن.
وأكد حق أن مساعدات إضافية في طريقها إلى الشمال السوري، وأن المحاولات حثيثة لإيصالها عبر خطوط التماس، مؤكدا الحاجة إلى فتح معابر أخرى إلى جانب معبر باب الهوى، نظرا للظروف الاستثنائية التي تمر بها منطقة شمال سورية.
في السياق نفسه، قال المفوض الأوروبي المكلف بإدارة الأزمات يانيش لينارسيتش إن الاتحاد الأوروبي يعمل على إيصال المساعدات إلى الشعب السوري بسرعة وعدل وبالطريقة الملائمة.
ودعا خلال حديثه أمام البرلمان الأوروبي، الأمم المتحدة لإقامة جسر جويّ عاجل، وأعلن عن تنظيم مؤتمر للدول المانحة الشهر المقبل لدعم المتضررين في تركيا وسورية.
يأتي هذا في حين حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن تؤدي آثار الزلزال الأخير إلى تفاقم أوضاع الأسر السورية، وقالت إن الحاجة إلى المساعدة الطارئة في سورية بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق بعد 12 عاما من الحرب المدمرة وتدمير نصف المرافق الصحية.
وأضافت أن العائلات السورية تحتاج إلى الإمدادات الأساسية من غذاء ومأوى وأدوية، وأن تمويل العمل الإنساني في سورية منخفض للغاية.
تحذير الصليب الأحمر الدولي يأتي في وقت يعيش فيه آلاف المتضررين من الزلزال في ريفي حلب وإدلب في العراء في ظل شحّ المساعدات وتعثر الإغاثة، والأعباء غير المسبوقة التي تواجهها المنشآت الصحية في المنطقة. وتتفاقم معاناة المنكوبين في جنديرس بريف حلب، خصوصا مع الانخفاض الشديد في درجات الحرارة وعدم توفر خيام تخفف معاناتهم.
وتجاوزت حصيلة قتلى الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وشمال سورية 37 ألفا، إثر انتشال المزيد من الجثث من تحت أنقاض المباني المدمرة في البلدين، مع تضاؤل الآمال في العثور على ناجين بعد مرور 8 أيام على الكارثة.
ويُحصي البلدان حجم الخسائر المادية والبشرية التي خلفها هذا الزلزال المدمر الذي وقع فجر السادس من الشهر الحالي، وتجاوز عدد قتلاه في تركيا 31 ألفا و643 شخصا، في حين وصل عدد القتلى في سورية إلى نحو 5714، والمصابين إلى 7396.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.