محمية اليرموك تفقد آلاف الأشجار بحريق.. ومطالبات بتحقيق موسع
في موعد مبكر، سبق حتى بدء التحضير الموسمي لحملات المناشدة المتكررة صيفاً لحامية الغابات من الحرائق، افتتح حريق وقع ليلة أول من أمس، بمحمية غابات اليرموك شمال المملكة، وصف بـ”المهول”، القائمة السوداء لحوادث الحرائق.
الحريق الذي أتى على ما يقارب 1630 دونما مزروعة بالأشجار وفق التقرير الأولي الصادر عن الجمعية الملكية لحماية البيئة، قبل أن تتمكن الجهات المختلفة من السيطرة عليه، ألحق الضرر بـ500 شجرة ملول و 250 شجرة صنوبر حلبي و2000 شجير خليط من السويد الفلسطيني، الزعرور والقنديل وما يقارب 2000 باذره من الملول، فيما يجري فريق من الباحثين والمفتشين البيئيين في الجمعية مسحا ميدانيا شاملا بهدف الوقوف على الخسائر التي طالت المحمية، وللتأكد من الاسباب وراء الحريق والتحقق إن كان مفتعلا ام لا.
التحقيق بات على رأس المطالب، فيما النتائج لن تعيد ما اصبح رمادا، غير انها قد ترفع المطالب بضرورة الحماية المستبقة للغابات من حرائق مفتعلة متعمدة او نتيجة العبث والاهمال.
يؤكد وزير البيئة الدكتور معاوية الردايدة على أن “الجهات المعنية كافة ومشتركة تقوم بجهود مضنية للتحقيق في الحريق الذي شهدته محمية اليرموك للوقوف على أسبابه، وإن كان مفتعلاً أم لا، من أجل تنفيذ بنود القانون”.
ولفت، في تصريحات لـ”الغد” الى أن “هنالك العديد من الخطط المطبقة بشأن حماية الغابات، ورقابتها، بحيث يتم تنفيذ بنود القوانين المتعلقة بهذا الشأن، وإيقاع العقوبات بحق المخالفين، والمعتدين بحق الثروة الحرجية والمحميات والبيئة بشكل عام”.
وأشار الى أن “كافة الجهات تقوم بدورها في حماية هذه المحميات، والثروة الحرجية وبالتشاركية مع وزارة الزراعة والأجهزة الأمنية، والجمعية الملكية لحماية الطبيعة، ولكن نحن نعول على وعي المواطنين وإهتمامهم بمقدرات وثروة بلادهم، ومنها المناطق المحمية والحرجية”.
وبين أن “ارتفاع درجات الحرارة، والجفاف في المناطق الحرجية، مع هبوب الرياح الذي شهدته المملكة خلال الايام الماضية، يعد من العوامل المساعدة على انتشار الحرائق وبشكل سريع جداً”.
وشدد على أن”هذه الثروات ترفد الاقتصاد الوطني بالدخل، وتوفر فرص العمل، ولذلك فإن الاستمرار في رمي النفايات عشوائياً في مناطق التنزه، مع عدم إطفاء النيران المستخدمة في الشواء، لا بد أن تتوقف، تفادياً لحدوث المزيد من الخسائر مستقبلاً”.
وكانت كوادر الإطفاء في مديرية دفاع مدني شرق إربد وبإسناد من مديريات دفاع مدني الشمال قد احتاجات لأكثر من 10 ساعات متواصلة لحين السيطرة على الحريق، وفق الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام عامر السرطاوي.
وقال السرطاوي، إن فرق الإطفاء بذلت جهود مضنية في عمليات الإطفاء، ومكافحة الحريق، نظرا لطبيعة المنطقة التي تتصف بالتضاريس الصعبة والوعرة، وصعوبة الوصول اليها في مناطق جبلية وبعيدة عن الطرق التي يمكن أن تسلكها الآليات.
وشارك في عمليات إخماد الحريق، العشرات من آليات الدفاع المدني، وعدد كبير من كوادر الزراعة وأهالي من المنطقة، وتمت السيطرة عليه ومنع انتشاره، دون وقوع اي إصابات بالأرواح، في وقت تم فتح تحقيق لمعرفة سبب الحريق.
عند هذا الحد قط يطوى ملف الحادث ليضاف كرقم جديد الى سجل حوادث حرائق الغابات، فيما تستمر التحقيات التي قد تأخذ صفة الإستعجال نتيجة حجم الضرر وسط مطالبات بضرورة توسعها، لحين معرفة السبب، الذي من غير المستبعد ان يقود لنتائج “النوايا غير السلمية” وتسجيل الحريق بـ”المفتعل”.
وكانت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة قد اصدرت بيانا صحفيا قالت فيه إن “حريقا آثما اندلع في محمية غابات اليرموك، أتى على قرابة 1630 دونما من أراضي المحمية، قبل أن تسيطر عليه الجهات المعنية بالتعاون مع كوادر المحمية والمجتمع المحلي.
واضاف البيان “استطاعت كوادر المحمية أن تجنب المحمية كارثة حقيقية بسبب يقظتها وتبليغها عن الحريق بشكل سريع، بالإضافة لتعاونها مع كوادر الدفاع المدني والأجهزة الأمنية، التي سيطرت على الحريق وهو ما منع من تفاقم الأضرار”.
وقال مدير المناطق المحمية في الجمعية عثمان الطوالبة، إن المؤشرات الأولية تظهر أن الحريق قد يكون مفتعلاً، خاصة وأن المنطقة التي نشب فيها من المناطق المحمية، والتي لا يدخلها الزوار أو حتى كثير من موظفي المحمية، وحصل في ساعات الليل وهو ما يدل أن من دخل الى تلك المنطقة كانت لديه نوايا مسبقة.
وعن الخسائر قال الطوالبة إن حصر الأضرار ما يزال مستمرا للوقوف على الأرقام الدقيقة، بالإضافة الى حجم الخسائر في الأنواع البرية ككل من حيوانات وطيور وهو الذي قد يتمدد الى ما بعد الحريق.
وطالب الطوالبة بتشكيل لجنة موسعة تضم الجمعية وكافة الجهات المعنية للوقوف على حقيقة أسباب الحريق ومعاقبة المتسببين في حال تم إثبات أنه مفتعل وتحت أي ظرف.
بدوره، قال مدير المحمية محمد الملكاوي إن الحريق وقع في المنطقة البرية بحدود الساعة الحادية عشرة مساء وهي منطقة يمنع دخولها باستثناء بعض موظفي الجمعية ممن يتطلب طبيعة عملهم ذلك.
وبين الملكاوي أن الجمعية تمتلك خطة للحريق وتم تطبيقها وهو الأمر الذي قلل من الأضرار ومنع من امتداد الحريق بشكل أكبر، مشددا على ضرورة إجراء تحقيق من قبل لجنة موسعة وبشكل فوري لتحديد الأسباب وتطبيق القانون على أي متسبب في حال تم إثبات ذلك.
في ذات الصدد، يطالب اتحاد الجمعيات البيئية بفتح تحقيق موسع والوقوف على أسباب الحريق التي عادة ما تكون مفتعلة من المعتدين والعابثين وهذا يتطلب جهدا أمنيا مضاعفا لمعرفة المتسببين.
واكد الاتحاد في بيان اصدره أمس، على ضرورة تضافر الجهود بين كافة الجهات مع قرب فصل الصيف واتساع رقعة الجفاف لمنع انتشار الحرائق من خلال استخدام تقنيات حديثة في إدارة الحرائق المتبعة من انظمة الانذار المبكر ونقاط الاطفاء الموقعية وتدريب متطوعين محليين للتعامل معها وانشاء خطوط النار بطريقة علمية لا تؤثر على الأنظمة البيئية، وتقديم كافة اوجه الدعم الفني والمالي لمديرية الحراج والمؤسسات الشريكة في الحفاظ على الرأس المال الطبيعي الذي لا يقدر بثمن.
وتقع محمية غابات اليرموك في الجزء الشمالي الغربي من المملكة على حدود مرتفعات الجولان، وتبلغ مساحة المحمية 20.5 كم²، ويتكون الموقع من جزأين طبوغرافيين أساسيين: الجبال حيث يصل ارتفاعها إلى 500 متر فوق سطح البحر وتنخفض في بعض المناطق إلى 100 تحت مستوى سطح البحر وتغطيها غابات البلوط، وما يتخللها من الأودية الصغيرة والمتوسطة والتي تنحدر نحو نهر اليرموك حيث يكون فيها الجريان موسمياً باستثناء وادي شق البارد.
فرح عطيات وأحمد التميمي/ الغد
التعليقات مغلقة.