مخطط “أم قيس” الشمولي.. هل يحقق التنمية ويحفظ معالم المنطقة؟
إربد- في خطوة مرتبطة بتنفيذ المخطط الشمولي المقترح لمدينة أم قيس، والمتمثلة بوضع إشارة “عدم البيع” على ما مساحته 300 دونم من أراضي المنطقة، تزداد مخاوف سكان من تنفيذ مشروع لم تتضح معالمه بالكامل على حساب الأراضي الزراعية.
ويرى سكان بمدينة أم قيس، أن إدخال بعض الأحواض للتنظيم لغايات مشروع المخطط الشمولي يجب أن لا يكون على حساب الأراضي الزراعية، ومن الأولى أن يتم استغلال أراض غير مستغلة.
وكانت لجنة مشكلة من عدة جهات وضمت ممثلين عن المجتمع المحلي، أعدت تصورا أوليا لمخطط شمولي يهدف لتنفيذ مشاريع عدة بأبعاد تنموية، قي المقابل أثار هذا التوجه حفيظة البعض ممن اعتبروا المشروع تغييرا لمعالم المنطقة.
وحسب رئيس لجنة السياحة في محافظة اربد سمير عديلات، فإن الجهات المعنية والمتمثلة بدائرة الآثار العامة وبلدية خالد بن الوليد التي تتبع لها منطقة أم قيس، أعدت مخططا شموليا يقضي بإدخال بعض الأحواض إلى داخل التنظيم وبمساحة تقدر بـ 300 دونم، كما تضمن وضع إشارة عدم البيع على هذه الأراضي وهي مملوكة لمواطنين لحين الانتهاء من المخطط الشمولي.
وأشار إلى أن المشاريع الريادية التنموية في المنطقة في حال أنجز المخطط الشمولي ستتضمن مشاريع زراعية منها مدرسة مهنية متخصصة بالزراعات العضوية وتخصصات هندسية، ومزرعة نموذجية للنباتات العطري والورد، ومركز أبحاث زراعية وإنتاج زراعي وتسمين الثروة الحيوانية ومشاريع لتربية الثروة السمكية ومصنعا لتعبئة الخضار والفواكه.
وفي مجال الزراعة الاقتصادية اقترح المخطط مشاريع لتربية النحل وإنتاج العسل وقرية زراعية مع مبيت ومطاعم ومعصرة زيت الزيتون.
أما المشاريع الاقتصادية التي تم اقتراحها في المخطط الشمولي، فأشار عديلات إلى إمكانية تنفيذ مشاريع الصناعات الخفيفة لاستغلال مخلفات جفت الزيتون وأوراق الأشجار في صناعة الوقود المنزلي، ومصنع عصائر ومربيات ومصانع غذائية وسوق خضار وفواكه ومدرسة لفنون الطهي وأسواق تجمعية للجملة توفر المنتجات الزراعية.
وفيما يخص المشاريع السياحية فقد تم اقتراح مشاريع مجمع سياحي ترفيهي صحي تأملي، ومركز طبي استشفائي وشقق فندقية ونزل بيئي وجيم وحمامات تركية ومدينة ألعاب ترفيهية.
ومن ضمن المقترحات أيضا، بيت للضيافة ومعرض وبازار لتسويق المنتجات الريفية والزراعية واستراحات ضمن المسارات السياحية.
ورغم قناعة عديلات بأن المشروع في حال تم تنفيذه سينعش الحركة الاقتصادية في المنطقة ويشغل الشباب المتعطلين عن العمل، ويسهم بالحد من مشكلتي الفقر والبطالة، إلا أنه أكد حاجة المشروع لمزيد من الدراسة المستفيضة بالتشاور مع المجتمع المحلي.
وأشار إلى أن مجلس المحافظة رصد في موازنته العام المقبل مبلغ 150 ألف دينار لاستكمال مشروع النزل البيئي في محمية اليرموك الطبيعية والذي تم تنفيذه على مراحل بكلفة زادت على المليون دينار، وهذا المشروع من شأنه استقطاب السياحة المحلية والأجنبية من خلال توفير مبيت وخدمات فندقية.
في المقابل، يرى رئيس جمعية أصدقاء الآثار والتراث طالب الروسان أن مشروع المخطط الشمولي بدأت ملامحه تتضح تدريجيا بعد أن عقدت اللجنة المشكلة من عدة جهات معنية وضمت ممثلين عن المجتمع المحلي لقاءات لمناقشة المشروع.
وأشار الروسان إلى أن المشروع يجب أن يأخذ مزيدا من جلسات الحوار مع ممثلين عن المجتمع المحلي والسكان، وخصوصا وأنه في حال تم تنفيذه بصيغته الحالية من شأنه تغيير معالم المنطقة، وقضم مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، إضافة إلى أن هناك ضررا كبيرا سيلحق بالمواطنين وخصوصا ما إذا تم استملاك الربع القانوني من أراضيهم لحساب المشروع، بعد أن أوقفت عمليات الإفراز على قطع الأراضي التي سيشملها المخطط الشمولي.
وأكد أن هذا المشروع يجب أن ينفذ في مناطق غير زراعية، وخصوصا وأن هناك مئات الدونمات غير مستغلة، فيما المخطط الحالي الذي تعتزم الجهات المعنية تنفيذه يشمل أراضي زراعية ومنظمة ويوجد فيها تجمعات سكنية ومحال تجارية.
وتضم مدينة أم قيس، كنوزا أثرية تعود إلى العصور القديمة ويطوقها معالم سياحية وتاريخية وطبيعية وتطل على ثلاث دول محيطة هي فلسطين وسورية ولبنان، وهو ما منحها ميزة وقيمة سياحية إضافية، كما أنها إحدى مدن التحالف الروماني (الديكابولس) العشرة، وسميت بجدارا كناية عن الأرض المنبسطة فوق تلة ومحاطة بالوديان.
ويرفض المحامي محمود مصاروة من سكان المنطقة فكرة المشروع، في ظل ما اعتبره “غموضا” يحيط بالمشروع، إضافة إلى عدم إيضاح الجهة المنفذة، متخوفا من أن يعمل المشروع على تفتيت الأراضي الزراعية وتقسيمها.
وأشار الناشط البيئي والدليل السياحي أحمد أبو كامل أن هناك بعض النقاط في المخطط الشمولي إيجابية والتي من شأنها النهوض بالمنطقة وإخراجها من دائرة الإهمال، غير أنه أبدى تحفظه- وفق اعتقاده- على صياغة المخطط من جهة ليس لديها معلومات كافية عن طبيعة المنطقة والمشاريع التي تحتاجها.
ولفت إلى أن المخطط الشمولي يجب أن يأخذ وقته في الدراسة والجلسات مع المجتمع المحلي الذي سيكون الواجهة لأي مشروع سينفذ في أم قيس، لافتا إلى أن المشاريع التي ستنفذ يجب أن تتبناها الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص المحلي وأن يكون هناك تنسيق بالتخطيط والتنفيذ والأرباح.
من جهته، رفض رئيس بلدية خالد بن الوليد يوسف المبروك الحديث لـ “الغد”، عن المخطط الشمولي لمنطقة أم قيس، رغم أن المشروع هو من اختصاص البلدية، في حين أكد مصدر في وزارة السياحة والآثار، فضل عدم نشر اسمه، أن المشاريع التي تم اقتراحها ما زالت قيد الدراسة ولن ينفذ أي مشروع إلا بعد انتهاء الدراسات الكافية له وبالتعاون مع المجتمع المحلي والقطاع الخاص.
ويعتبر الناشط المجتمعي أحمد ملكاوي أن أم قيس بإمكانها أن تكون قبلة للسياحة المحلية والخارجية لو توفرت فيها مقومات استثمارية قادرة على إطالة مدة إقامة السائح، وتوفير الخدمات الموازية والمرافقة للنشاط السياحي.
وقال إن اعتماد أم قيس واحدة من أفضل القرى السياحية في العالم من قبل المنظمة الأممية سيؤدي إلى زيادة بعدد زوارها؛ للاطلاع على المعالم الأثرية والتاريخية التي تحتضنها والتي من أبرزها المدرج الغربي وشارع الأعمدة وكنيسة المقابر المزينة ومجمع الحمامات الرومانية والدكاكين المقنطرة.
وأشار إلى أن مساحة الموقع الأثري لقرية “أم قيس” تبلغ نحو 550 دونما، وتتنوع آثارها بين المباني اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.
وأوضح أن من أبرز المعالم الأثرية، في الموقع، المسرحين الشمالي والغربي، ساحة الكنائس، الشرفة، الشارع الرئيسي، سبيل الحوريات، المقبرة الملكية، بوابة طبريا، القرية العثمانية، أنفاق مياه تسير لمسافات طويلة تحت الأرض، مجمع الحمامات البيزنطي، والمتحف ومركز الزوار.
وكانت منظمة السياحة العالمية أعلنت العام الماضي، عن اختيار قرية أم قيس ضمن أفضل القرى السياحية في العالم، وذلك بعد تحقيقها للشروط والمتطلبات كافة المطلوبة من المنظمة.
واختيرت قرية أم قيس من بين 136 قرية، تم ترشيح ملفاتها من كافة دول العالم، وذلك بناءً على مجموعة من المعايير التي تغطي تسعة مجالات هي: الموارد الثقافية والطبيعية، تعزيز الموارد الثقافية والمحافظة عليها، الاستدامة الاقتصادية، الاستدامة الاجتماعية، الاستدامة البيئية، تنمية السياحة والتكامل، الحوكمة وتحديد أولويات السياحة، البنية التحتية والاتصال، الصحة والسلامة والأمن.
التعليقات مغلقة.