مخطط استيطاني ضخم لابتلاع مليون دونم من “الضفة”
ما يزال المسجد الأقصى المبارك في دائرة الخطر الشديد؛ بينما تخطط حكومة الاحتلال الإسرائيلي للاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية، عبر تنفيذ مخطط استيطاني ضخم لابتلاع مليون دونم من مساحة الضفة الغربية، الجزء الأكبر منها بالقدس المحتلة، بما يفصل شمال الضفة عن جنوبها كليا، ويدمر جهود عملية السلام ويجعل من المستحيل نفاذ “حل الدولتين”.
ويمتد المشروع الاستيطاني على مساحة تصل إلى مليون دونم بين القدس المحتلة، عقب اقتطاع مساحة شاسعة من أراضيها، وبين البحر الميت، لصالح إقامة المزيد من المستوطنات، بما يؤدي إلى “تغيير وجه المنطقة، لاسيما من الناحية السياسية، وينهي إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية إلى الأبد”، وفق وسائل الإعلام الإسرائيلية.
ويعمل المخطط الإسرائيلي الجديد، وفق صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية، على خلق خط فاصل هائل بين وسط وشمال الضفة الغربية وجنوبها، في حال إقراره، إذ يبدأ من منطقة مستوطنة “كوخاف هشاخر”، شرقي رام الله، ويصل شرق تجمع “غوش عتصيون” وحتى مناطق البحر الميت، وسيشمل نصف المساحة بين القدس والبحر الميت”.
ويشمل المخطط الاستيطاني أيضا، بحسب الصحيفة الإسرائيلية، إقامة مراكز سياحية في المنطقة، ومطاعم متحركة، وشبكة فنادق شمال البحر الميت، إضافة إلى مركز معلومات مشترك، مؤكدة أنه “تم الانتهاء من الخطة الاستراتيجية، وأن المجموعة الاستيطانية تعمل الآن على إيجاد شركاء سيساعدون في بدء تنفيذها”.
وكانت سلطات الاحتلال قد أصدرت عدة قرارات، مؤخراً، بهدم قرية الخان الأحمر الفلسطينية في المنطقة لتنفيذ المخطط الاستيطاني، لكن تم تأجيل تنفيذ عملية الهدم بسبب ضغوط دولية.
ومن شأن تنفيذ المشروع الاستيطاني الضخم أن يرفع من عدد المستوطنين الذين يزيد عددهم حالياً عن حوالي 700 ألف مستوطن في مستوطنات الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، يتوزعون على 164 مستوطنة، و124 بؤرة استيطانية.
وفي حين تخطط حكومة الاحتلال للإستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية؛ فإن المسجد الأقصى المبارك ما يزال أيضاً في دائرة الخطر الشديد؛ إذ اقتحمت مجموعات كبيرة من المستوطنين المتطرفين، أمس، ساحات المسجد، من جهة “باب المغاربة”، بحماية أمنية مشددة من قوات الاحتلال.
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة، أن “جندياً إسرائيلياً أدى طقوسا تلمودية (سجوداً ملحمياً) لحظة خروجه من باب السلسلة، أحد أبواب الأقصى”.
وقالت إن “المستوطنين المقتحمين نفذوا جولات استفزازية وقدموا شروحات استفزازية عن “الهيكل” المزعوم، وكان بينهم متطرف رفع مؤخراً العلم الإسرائيلي في ساحات الأقصى”.
وأشارت إلى احتجاز عناصر شرطة الاحتلال عددا من هويات المصلين الوافدين إلى المسجد الأقصى، تزامناً مع اقتحام المستوطنين لساحاته.
وقد انطلقت دعوات مقدسية وشبابية للحشد والمشاركة في صلاة الجمعة والفجر في المسجد الأقصى المبارك، نصرة للمبعدين عنه، مؤكدة ضرورة المشاركة الواسعة في أداء صلاة الفجر في المسجد الأقصى، وحثت أبناء الشعب الفلسطيني على شد الرحال إلى الأقصى وتكثيف التواجد فيه.
وستحمل الجمعة عنوان (مرابطون رغم الإبعاد)، نصرة لقضية المبعدين عن المسجد الأقصى، والتصدي لعدوان الاحتلال الذي يواصل استهدافه للمقدسين بالإبعاد عن المسجد والبلدة القديمة، في محاولة لتفريغ المسجد ومحيطه من المرابطين، وسعياً في تنفيذ مخططاته التهويدية.
من جانبه، دعا النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، فتحي القرعاوي، للرباط والحشد في المسجد الأقصى المبارك، يوم الجمعة المقبل، للدفاع عن المقدسات في وجه الاحتلال.
وحذر من خطورة ما يحدث في القدس من مخططات إسرائيلية لتهويده وفرض أمر واقع جديد فيه، موضحاً أن الأمر الآن تعدى من اقتحام المسجد الأقصى لحالة فرض أمر واقع على القدس والقضية الفلسطينية لتصب في صالح الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في السلطة الفلسطينية، قد أفادت بأنها وثقت 22 اقتحاماً للمسجد الأقصى المبارك من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين خلال شهر أيار (مايو) الماضي، فيما تم منع رفع الأذان في الحرم الابراهيمي 50 وقتاً.
وأوضحت الوزارة، في تقريرها الشهري، أن أكبر عدد للاقتحامات سُجل في التاسع والعشرين من شهر أيار (مايو) الماضي، حيثُ اقتحم المسجد الأقصى أكثر من 1700 مستوطن، تزامناً مع احتفال المستوطنين بذكرى احتلال الشطر الشرقي للقدس وأدى بعضهم “سجودهم الملحمي”.
من جانبها؛ أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، المخطط الاستيطاني الذي يستهدف قضم عشرات آلاف الدونمات من الارض الفلسطينية المحتلة، تبدأ من المشارف الشرقية لكل من القدس وبيت لحم وصولا إلى مناطق البحر الميت، بما يؤدي الى فصل شمال الضفة الغربية ووسطها عن جنوبها بالكامل.
وقالت إن المخطط يؤدي لاغلاق الباب نهائياً أمام تحقيق التواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس المحتلة، ويقوض أية فرصة أمام الحلول السياسية للصراع على أساس مبدأ حل الدولتين.
بدوره، أكد القيادي في حركة “حماس”، عبد الحكيم حنيني، أن الاستيطان الإسرائيلي جريمة حرب، وأن مخططات حكومة الاحتلال والمستوطنين لابتلاع أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، تهدف لفرض واقع جديد على الأرض المحتلة، مؤكداً تصدي الشعب الفلسطيني لها.
ولفت حنيني، إلى أنَ التحرك الرسمي الخجول، لمواجهة مطامع الاحتلال الاستيطانية، بالإضافة إلى حالة التشرذم التي تسود الأوساط السياسية، يشجع الاحتلال على تسريع عملية التهويد وكسب الوقت لسرقة ما تبقى من الأرض الفلسطينية.
وبالمثل؛ طالب الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، البرلمان الأوروبي، خلال استقباله وفداً منه، باستئناف دعم الفلسطينيين وإجراءات صارمة ضد الاستيطان، والضغط لفرض العقوبات ضد الاحتلال الإسرائيلي، وإنهاء سياسة المعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بفلسطين.
نادية سعد الدين/ الغد
التعليقات مغلقة.