مزارعو زيتون في جرش يتلقون ضربة بسرقة محاصيلهم وتخريب الأشجار
ويقول هؤلاء المزارعون “إن اللصوص عمدوا إلى تنفيذ السرقات وجمع ثمار الزيتون قبل موعد قطافها وموعد فتح المعاصر بأيام قليلة، لبيعها إلى تجار الزيت والزيتون أو لاستخدامها حالياً في الرصيع”.
ولفتوا إلى أن “مزارعهم التي تتعرض لنهب ثمارها ليلا ونهارا تقع غالبيتها في مناطق بعيدة ونائية عن التجمعات السكانية، ما يصعب مراقبتها على نحو مستمر، كما أن الأمر لا يقتصر على سرقة الثمار، بل يتعداه إلى تحطيم أشجار الزيتون وقطع أغصانها لاستخدامها في التدفئة”.
وأكدوا أن الحاجة لمصدر دخل في ظل شح فرص العمل، لا يمكن أن تبرر اللجوء إلى السرقة والاعتداء على جهود الآخرين وملكياتهم، التي كدّوا فيها وبذلوا الكثير من أجل أن يعتاشوا من محاصيلها.
كما أكدوا أن العشرات منهم تعرضوا هذا الموسم لسرقة ثمار الزيتون بكميات مختلفة، فمنهم من وجد أشجارا مقطوعة بشكل جذري، ومنهم من وجد أطراف الزيتون مسروقة ثمارها.
ووفق المزارع الستيني فوزي عبد الحميد، فإن مزرعة الزيتون التي يمتلكها قريبة من الأحياء السكنية، وهو بحكم سنه لا يستطيع تفقدها يومياً أو حراستها ليلاً لانخفاض درجات الحرارة وعدم وصول التيار الكهربائي إلى المناطق الزراعية.
وأوضح عبد الحميد، أن هذا العام هو الثاني الذي تتم فيه سرقة ثمار الزيتون، مبيناً أن ذلك يلحق به خسائر مالية فادحة، خصوصا أن موسم الزيتون يعد مصدر رزق لأسرته لتسديد الالتزامات المالية وتوفير وقود لفصل الشتاء.
ويعتزم عبد الحميد، تقديم شكوى رسمية إلى الجهات الأمنية، غير أنه غير متفائل بإعادة ما تمت سرقته، لا سيما أن اللصوص سيكونون قد قاموا ببيعه بالجملة أو عصره وبيع الزيت بأثمان زهيدة.
وما حدث مع عبد الحميد، حدث أيضا مع المزارع علي بني علي، الذي يقول إن أشجاره تعرضت للسرقة بشكل كامل، وكانت محملة بثمار الزيتون قبل موعد قطافها بأيام عدة، مبينا أن مزرعته تقع بين الأحراج وبعيدة عن الأحياء السكنية، ولا يمكن مراقبتها بشكل مستمر، ولا يستطيع أن يضع حراسة ليلية على أشجار الزيتون لتردي وضعه المالي ورفض العمال الحراسة في مناطق موحشة تنخفض فيها درجات الحرارة بشكل كبير.
وأضاف بني علي، أن المنطقة تقع في ضواحي بلدة برما وغير مخدومة بالتيار الكهربائي، ويصعب الوصول إليها في الليل، كونها بين الأحراج وتتكاثر فيها الحيوانات البرية.
أما المزارع يحيى العياصرة، فقد أكد أيضا أن مزرعته تعرضت في الموسم الحالي للسرقة، مبينا “أن المشكلة تكمن في السارقين والتجار معاً، خصوصا أن التجار يشترون محاصيلنا، ويمكنهم معرفة اللصوص الذين يبيعونهم المحصول، لأنهم يتعاملون مع أصحاب المزارع منذ سنوات ويميزون المزارع من اللص”.
كما أشار العياصرة، إلى أن “التجار يمكنهم التحقق من لصوص الزيتون عندما يعرضون عليهم بيع مسروقاتهم بسعر بخس، لكن هناك تجار لا يرون ضيراً في الحصول على ما يريدونه بأسعار رخيصة من أي مصدر، لأن المهم لديهم هو الربح فقط”.
وفي ظل ترقب موسم القطاف، فإن أصحاب المزارع الذين تعرضوا لسرقة ثمارهم تكبدوا خسائر كبيرة سترهقهم مادياً لفترات طويلة، وفق العياصرة، الذي قال إن لصوص الزيتون يرتكبون أكثر من جريمة بتحطيم الأشجار وتقطيعها، إلى جانب سرقة الثمار.
وأضاف العياصرة، أن معظم المزارعين لم يبدأوا بقطاف الثمار، أملاً منهم بتساقط الأمطار التي تزيد من كمية وجودة الزيت، وتعمل على غسل الشجر من الأتربة والغبار، ومنهم من ينتظر ظهور معالم النضج على ثماره لضمان الحصول على كميات زيت أكثر وذات جودة عالية بعد قطافه وعصره.
وبدأت معاصر محافظة جرش، منذ أيام، بالاستعداد لاستقبال ثمار الزيتون، والانتهاء من أعمال الصيانة لمعداتها، لتبدأ عملها هذه الأيام، ومن المزارعين من بدأ في القطاف، لا سيما في قضاء برما، وهي منطقة شفا غورية وقد نضجت ثمار الزيتون وأصبحت جاهزة للعصر.
وبحسب المزارع نائل العقيلي، فإن كمية ثمار مزرعته لهذا العام جيدة، لكنها بحاجة لمزيد من الوقت لتنضج كما يجب ومن ثم قطفها، إلا أن هذا الانتظار أسهم في دفع لصوص الزيتون إلى سرقة ثمار المزارع لبيعها.
ولفت إلى أن هذه الظاهرة التي تنتشر على نحو كبير تتسبب بإرهاق المزارعين مادياً، وتخرب المزارع، وتخفض من سعر الزيتون، وتحرم أسراً كثيرة من مردود هذا الموسم الذي تعتمد عليه لتغطية التزاماتها المعيشية.
ويرى العقيلي، أن من يسرقون الزيتون بعضهم صغار ومراهقون، يبيعون الثمار بأسعار زهيدة لا يزيد سعر الكيلوغرام منها على نصف دينار للتجار الذين يعرف غالبيتهم أن ما يشترونه من هؤلاء هو ثمر مسروق.
وأشار المزارع علي عبد الحميد، إلى أن “تجارة شراء ثمار الزيتون المسروق تحولت إلى ظاهرة في المحافظة، إذ إن غالبية المحال تجمع الثمر المسروق، لأنها تقوم بعصره لاحقاً لبيعه في سوق زيت الزيتون”.
وأضاف، أنه لمس حجم السرقة في مزرعته للثمار عن طريق تفقده اليومي لها، مشيراً إلى أن لصوص الزيتون يعتمدون على سرقة أطراف الشجر لجمع الثمار منها، ما يتسبب بتخريب الأشجار التي تكلف زراعتها والعناية بها مبالغ كبيرة.
كما أشار عبد الحميد، إلى أن المزارعين يعيشون هاجس حماية مزارعهم من هؤلاء اللصوص، وأن تكليف حراس لها سيضيف أعباء مادية على المزارعين، إلى جانب ما وقع عليهم من أعباء في الفترة الماضية جراء جائحة كورونا.
وبين، أن هذه الظاهرة تعد خيبة أمل جديدة للمزارعين الذين ينتظرون قطاف ثمارهم بفارغ الصبر، مناشداً الجهات المعنية، لا سيما عمال الحراج في مديرية زراعة جرش، بمراقبة المزارع عن طريق الأبراج الخاصة بهم، وعبر دورياتهم المنتشرة على نحو كثيف هذه الأيام.
بدوره، صرح مدير زراعة جرش الدكتور فايز الخوالدة، أن معاصر الزيتون جاهزة للعمل بأعلى طاقة تشغيلية مع بدء موسم قطاف الزيتون، بعد أن تظهر علامات النضج على الثمار.
وأوضح الخوالدة، في تصريحات صحفية، أن عمليات سرقة الزيتون ناجمة عن أعمال فردية تجري في المزارع البعيدة عن الأحياء السكنية، ومسؤولية متابعتها تقع على عاتق الجهات الأمنية في حال تقدم المزارع بشكوى رسمية.
وأضاف، أن دوريات المراقبة تعمل على مدار الساعة لمراقبة الأحراش بشكل خاص ومنع انتشار الحرائق، خصوصا في فصل الشتاء الذي تظهر فيه ظاهرة الاعتداء على الأشجار الحرجية لاستغلال أحطابها في التدفئة.
وبين الخوالدة، أن عدد المعاصر العاملة في جرش يصل إلى 16 معصرة أتوماتيكية، ويتوقع أن تصل كمية الإنتاج لهذا العام إلى 1400 طن زيت، وقرابة 16 ألف طن من ثمار الزيتون.
التعليقات مغلقة.