“مسرح اللعب التربوي” يوظف فوائد الألعاب الشعبية لتطوير مهارات الأطفال
يعد اللعب عاملا مهما جدا في عملية تطوير الأطفال وتعلمهم، كما أن اللعب المسرحي والألعاب الشعبية التراثية تبقى حاضرة في عالم الطفل ومخليته، وعليه صدر كتاب “مسرح اللعب التربوي الألعاب الشعبية والتمثيلية” عن دار شهرزاد للنشر والتوزيع، بدعم من وزارة الثقافة، للمؤلفين: هدى محمد أبو شلة والمخرج عيسى الجراح.
وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الدكتور عزمي محافظة كتب تقديما للكتاب، يؤكد فيه أن وزارة التربية والتعليم تحرص دوما على خلق جو من المتعة والفائدة لدى طلبتنا الأعزاء، لذا تجدنا نعمل دائبة على إتاحة ودعم الأنشطة التي من شأنها تشكيل وصقل وتهذيب شخصية الطالب وإثراء مسيرته التعليمية.
ويرى الوزير، أن من أهم الأنشطة التي تسعى الوزارة لتوفيرها للطالب تلك المتعلقة بالمسرح، ذلك أن للمسرح آثارا لا تخفى على مبصر واع يدرك أهمية النشاط المدرسي، الذي يعد المسرح دعامة من دعاماته، فالمسرح يمكن أن يوظف موروثنا الشعبي من حكايا وأزياء وأغان وألعاب وغيرها، ذلك مما سنعرضه في هذا الكتاب الذي يعيدنا للماضي بحكاياه وألعابه عندما كنا نلعب في مدارسنا الألعاب التي لا تنمحي من ذاكرتنا مثل “طاق طاقية، والسبع حجار، والطميمة، وبيت بيوت”.
ويعتبر محافظة “هذه الألعاب يمكن أن نعيد إنتاجها لتصبح ألعابا تربوية تحقق للطالب الفائدة والمتعة في آن واحد، لذا فقد سعينا جاهدين في هذا الكتاب لمسرحة الألعاب والحكايات والأغاني الشعبية ليستفيد منها الطالب في كل مراحله التعليمية، فهي تمده بالمعلومة، وتبني شخصيته بشكل إيجابي لتصنع منه مواطنا منتميا فاعلا في مجتمعه، وعضوا مساهما في رفعة أمته”.
ويقول الوزير “إن مسرح اللعب التربوي هو منجز جديد يحاكي ألعاب الطفولة والبراءة ضمن بيئة مدرسية ملهمة، وعالم مرح يحبه الأطفال، عالم يضج بالحياة والأمل وإطلاق العنان للخيال لخلق آفاق يسعد الطفل في تحليقه صوبها وصوب تحقيق أحلامه وتنمية وتوسع مداركه وتحقيق طموحه”، مبينا أن اللعب هو أساس المسرح، بل هو المسرح بعينه، سواء بشكله ونمطه الشعبي أو كونه أداء حركيا جديا في المسرح المدرسي، بحيث يحقق تفاعلا ممتعا للطلبة في الصف أو في ساحة المدرسة، مما يسهم في تشكيل وجدانهم ويؤجج انطلاقتهم نحو الحياة.
وخلص محافظة إلى أن هذا الشكل من اللعب المسرحي والألعاب الشعبية التراثية والتي تبقى حاضرة في عالم الطفل ومخيلته لا تعتمد على إعداد ممثل، بل تعتمد على اللعب لممارسة العمل المسرحي الذي يهدف لتنمية شخصية الطالب وسلوكه وتوسعة خياله وتنمية مهاراته الحسية والحركية، واستثمار طاقاته بما هو مثمر ونافع ليكون منه شخصية اجتماعية واعية، وهو يسهم كذلك بتحفيز قدراته الذهنية وزيادة ثروته اللغوية ومهاراته التعبيرية، واكتشاف ميوله الفني وبناء علاقاته الإيجابية، مبينا أن المسرح والمنظومة التربوية هما وجهان مشرقان لبلدنا، لذا لم نأل جهدا يرفدهما بكل ما هو جديد ومفيد.
وجاء في تمهيد للكتاب “تمثل التربية ضرورة اجتماعية ومهمة من مهمات المجتمع للمحافظة على استقراره وتطوره، وتعد البيئة التعليمية بعد دور الأسرة الرئيس من المؤسسات الرسمية الأكثر أهمية للقيام بتربية الأطفال وإعدادهم للمشاركة في بناء المجتمع والمساهمة في تطويره”.
كما يعد المنهاج وأدواته المختلفة والمتعددة أداة التربية ووسيلة لتحقيق الأهداف التربوية بأفضل النتائج، لذا اهتم الباحثون والعلماء بالبحث عن أفضل الوسائل والأساليب وطرق التدريس التي تسهل عملية التعليم والتعلم عند الاطفال.
والاهتمام بموضوع الألعاب التربوية في التعليم، يعد هدفا رئيسيا من أهداف التربية المعاصرة، فالطفل حين يلعب يتعرض إلى مشاكل تتطلب منه أن يواجه مختلف الظواهر الطبيعية والاجتماعية، وأثناء الاستجابة لهذه التحديات والمشاكل، يعيد اكتشاف العلاقات الأساسية والمبادئ التي توصل الإنسان لاكتشافها عبر مسيرته البشرية.
كما أن لمرحلة الطفولة أهمية خاصة كونها تشكل الدعامة الأساسية التي يبنى عليها مستقبل الفرد من خلال إمكانية التنبؤ بخصائص شخصيته اعتمادا على الخبرات المبكرة في حياته، لأن الطفولة تمثل الحجر الأساس في بنية شخصية الفرد واستقراره الانفعالي وعلاقته الاجتماعية التي تتأثر بالبيئة، ونمط التربية التي ينشأ عليها ويترعرع مراهقا حتى يصبح فردا له إمكانياته في المجتمع.
وذكر في التمهيد، أن الدراسات التي اجتمعت في أبحاث تربية الطفل، تؤكد أن تنمية المهارات وتطويرها لدى الطفل تكون عن طريق استخدام الألعاب التربوية، ولكنها في الوقت نفسه تحتاج إلى التخطيط الجيد والتدرج في الأنشطة المختلفة وانتقائها بدقة، ومتابعة الطفل متابعة جيدة، لذا يجب على صناع القرار في البيئة التعليمية أن تؤسس البيئة بما يتفق وينسجم مع الفلسفة التعليمية والخصائص النمائية للأطفال، كما عليها أن تعي الأدوار المنوطة بها عند استخدام اللعب مع الأطفال، ويجب أن تدرك الدور الأساسي والجوهري للعب في حياة الطفل وفي نموه وتعلمه؛ إذ إن الألعاب التربوية ليست مجرد طريقة كي يتعلم الطفل، بل هي الطريقة الوحيدة والثابتة لتعليم صغار الأطفال، فهي تساعد الأطفال على تعلم المهارات الاجتماعية والانفعالية والجسمية والعقلية. ويعد اللعب عاملا مهما جدا في عملية تطوير الأطفال وتعلمهم، فاستعمال الأطفال حواسهم، مثل الشم واللمس والتذوق، يعني أنهم اكتسبوا معرفة شخصية، هذه المعرفة التي لا يمكن أن تضاهيها المعرفة المجردة التي قد تأتي للأطفال من خلال السرد والتعليم.
فاللعب يعطيهم فرصة كي يستوعبوا عالمهم وليكتشفوا ويطوروا أنفسهم ويكتشفوا الآخرين ويطوروا علاقات شخصية مع المحيطين بهم ويعطيهم فرصة تقليد الآخرين، فمن هنا لا يمكننا أن ننقص من أهمية اللعب في إكساب الأطفال مهارات أساسية في المجالات كافة، ولا ننكر أهمية اللعب في صقل شخصية الطفل وربط تجربة اللعب مع وظائف عديدة، كالتطور اللغوي والعاطفي والنضج العقلي.
وجاء في التمهيد للكتاب أيضا، دعوة إلى الاهتمام في الألعاب التربوية للأطفال لتسهم في عملية التعليم والتطور الحركي، والنفسي، والاجتماعي، وأن تخضع للمنهجية على الصعيدين النظري والتطبيقي وفق الأهداف والأغراض الخاصة بهذه المرحلة العمرية بوصفها مرحلة بناء وارتكاز، فمشاركة الأطفال في عملية اللعب تؤدي إلى عملية التفاعل من خلال العلاقات التي تنشأ من ممارسة تلك الألعاب. فاحترام الذات يبني من خلال خبرات النجاح وتعلم اللعب الجماعي، وبذلك نرى أن ممارسة الألعاب بأنشطتها الواسعة، توسع من دائرة الطفل ومعارفة وتجعله قادرا على إقامة العلاقات مع الآخرين وبناء معرفة حقيقية فاعلة.
ولتحقيق ذلك، كان لابد من تنظيم برامج رياضية علمية مقننة تتضمن مجموعة من الألعاب الموجهة التي تعمل على إشباع حاجات وميول الطفل في هذه المرحلة العمرية؛ حيث إن الألعاب أصبحت غاية في التنوع وحماسة الأطفال لا مثيل لها، لكن لكل لعبة خصوصية فريدة في هذا المرحلة، فمنها ما يكون حركيا، ومنها ما يكون اجتماعيا، مما يؤكد تفضيل استخدام إحداها على غيرها حين تهدف إلى تنمية التفاعل الاجتماعي.
وأخيرا، فإن فائدة هذه الألعاب تتعدى الأهمية التعليمية البحثية، فهي تشمل مختلف نواحي نمو الشخصية، خاصة تلك التي تتناول إحساس الطفل بكفاءته الشخصية، إن هذه الخبرات المخططة تهدف إلى تنمية حس الطفل بالإنجاز، مما يزيد من احترامه لنفسه وقدرته وتدفعه لأن يكون مبادرا ومبدعا، فهذه الخبرات تعطيه مجموعة من المهارات الذهنية والحسية والحركية والاجتماعية والانفعالية والتعليمية التي تساعده على توظيفها بشكل ذاتي وتلقائي بعيدا عن التوجيه، وبالتالي فهي تسهم في بناء شخصية متكاملة.
التعليقات مغلقة.