مشروع تطوير وسط مادبا.. محطة للجدل بين النجاح والفشل
مادبا – يواجه مشروع تطوير وسط مدينة مادبا السياحي والتراثي انتقادات عدة من قبل مواطنين وتجار قالوا، إن المشروع رغم كلفته العالية لم يعد بالفائدة المرجوة على أبناء المدينة ولم يوفر أي فرص عمل كما وعد القائمون عليه.
واعتبروا أن المشروع فقد طابعه التراثي الذي أقيم من أجله، على خلاف رؤية الجهات المعنية في محافظة مادبا، والتي تؤكد أن مشروع وسط مدينة مادبا السياحي والتراثي، يوفر مناخا جاذبا للاستثمار، ويوفر فرص عمل لأبناء المحافظة، إضافة إلى أن المشروع يعتبر من أهم المقومات السياحية والتي تتكيف مع واقع المدينة التي أضحت هذا العام عاصمة للسياحة العربية.
إلا أن مواطنين أشاروا إلى أن معظم المشاريع الاستثمارية أغلقت، وخصوصا في الشارع السياحي الممتد من مركز زوار مادبا، باتجاه كنيسة سان جاورجس “الخارطة”، فيما يقول رئيس بلدية مادبا الكبرى عارف الرواجيح إن المشروع سيشهد نقلة نوعية بعد إعادة ترتيب أوضاعه، من خلال تحويله إلى منطقة متكاملة، يشرف عليها متخصصون في الشأن التراثي السياحي الذي يتلاءم مع وضع البنى التحتية، مؤكدا انه “لن يسمح بالعبث في محتوياته، وخصوصا بما يتعلق بالإنارة وإعادة المقاعد، ووضع حاويات النفايات”.
ووجه الرواجيح عتابا إلى بعض أصحاب المحلات المنتشرة في صحن المدينة على القاء النفايات أمام واجهات المحلات وفي الشوارع.
وأكد بأنه سيكون هناك مخالفات بحق مرتكبي مثل هذا التصرفات المخالفة، وخصوصا أن شوارع وسط المدينة تعتبر شرايين للسياح الأجانب بالمرور إلى المواقع السياحية، داخل هذا الوسط وبخاصة إلى كنيسة الخارطة، والمسار السياحي التراثي الذي يضم عدة مواقع بخلاف كنيسة الخارطة.
ويؤكد مواطنون ان منطقة وسط المدينة تحتاج إلى إجراء صيانة كاملة مجددا، وإغلاق المنطقة بالكامل أمام حركة السيارات، من أجل الحفاظ على طابعها التراثي، خصوصا أنها منطقة مؤهلة لجذب الاستثمارات السياحية والتجارية على اعتبارها تضم مواقع أثرية وسياحية منها كنيسة الخارطة التي يؤمها السياح بشكل يومي.
ويشير مدير سياحة مادبا وائل الجعنيني، إلى انه وبعد الانتهاء من مراحل المشروع والتي بدأت في اوائل العام 2005 استمرت لغاية 2010، وبكلفة 6.5 مليون دينار، تم تسليمه لبلدية مادبا الكبرى للإشراف عليه مباشرة.
لكن الجعنيني أشار إلى أن وزارة السياحة والآثار تولي اهتماما واسع النطاق، حول توفير النقص الذي يعتري المشروع، فقد نفذت مشاريع عدة مثل تأهيل مركز الزوار، وتزين الشارع السياحي، وتأهيل شارع الفنادق “عائشة أم المؤمنين”.
وقال إن هناك خطوة أخرى تنوي الوزارة عملها، وهي وضع مظلات واقية من حرارة الشمس والأمطار على طول الشارع السياحي لتوفير الراحة للسياح اثناء المرور، وخصوصا بعد ان تم إغلاقه امام حركة مرور المركبات، وترك الأفواج السياحية بالسير من دون مشاكل، موضحا ان أعداد الأفواج السياحية التي زارت المواقع السياحية والأثرية فاقت كل التوقعات، فالسياحة في مادبا ليست موسمية، بل على مدار السنة.
ويرى مواطنون في مادبا، ان المشروع على أرض الواقع فقد طابعه التراثي السياحي الذي أنشئ من أجله، ويعود ذلك بحسبهم إلى سوء عملية تنظيم الحركة المرورية التي أحدثت خرابا في شوارعه المبلطة.
وانتقد المواطن مسعود حسن إزالة المقاعد على جنبات الطرق، معتبرا ذلك بمثابة تشويه لجماليات المنطقة، مشيرا إلى أهمية إعادة تركيب المقاعد في الأماكن المخصصة لها، وعمل صيانة دورية لأعمدة الإنارة، ووضع حاويات للقمامة، لتكون المدينة أكثر نظافة أمام ابنائها قبل السياح.
وحمل المواطن فهد الشوابكة مسؤولية ما حدث من تراجع لهذا المشروع للجهات المعنية التي أهملته عبر السنوات التسع الماضية، ما أدى ذلك بحسبه إلى جعله كأي حي أو منطقة من مناطق المدينة.
وتثير الغرابة والاستهجان المواطن محمد نايف بسبب السماح لحركة السيارات على الشوارع المبلطة، والتي تسببت على حد قوله “بتخريب البلاط الحجري، دون إجراء أي أعمال صيانة لهذه الشوارع”، إضافة إلى إعاقة سير المشاة على الارصفة وضيق سعة الشوارع، مشيرا إلى عدم صيانة الأعمدة التراثية سريعة الخراب.
ولكن رغم كل هذه الانتقادات، إلا أن عددا من السياح أبدوا إعجابهم بمراحل التطور والمحافظة على الإرث التراثي، وصيانته من الخراب.
ويقول السائح الأميركي مارك، بأن ثمة حالة من الانبهار والدهشة انتابته عندما زار هذه المدينة، وتجول في شوارعها، مضيفا بأنه ورغم الازدحام والضوضاء إلا انه مرتاح جدا، ويتمنى ان يمضي عمره هنا “عند هؤلاء الناس الطيبين”.
وقال “للأسف مأخوذ عنا فكرة اننا نأتي إلى هذه البلاد للاطلاع على المواقع الأثرية أو لتأدية الصلوات في موقع ديني أو الحج، لكن ليس الكل يعمل ذلك، بل هناك أشخاص كثيرون يستهوون الإطلاع على الثقافات والعادات والتقاليد للبلدان التي يزورونها”.
أحمد الشوابكة/ الغد
التعليقات مغلقة.