مشروع متحف جرش يطويه تاريخ من التأجيل وضعف المخصصات
مرة أخرى تقف الصعوبات المادية حائلا دون اتمام مشروع بناء متحف جرش، حيث سحب مجلس المحافظة المشروع من موازنة هذا العام، بعدما عمد إلى نقل مخصصات المتحف البالغة 200 ألف دينار إلى بند بناء مستودعات ومكاتب لمديرية الآثار، وصيانة وترميم وتنقيب وتوثيق القطع الأثرية، واستكمال صيانة البيت العثماني التابع لمديرية سياحة جرش، إضافة إلى بناء غرفة للأدلاء السياحيين وصيانة وتأهيل بيت الكايد، وفق مقرر لجنة السياحة والآثار في مجلس محافظة جرش يوسف زريقات.
ويكشف زريقات في حديث لـ”الغد” أن الدراسات الفنية واللوجستية لم تكن كافية لبناء المتحف على الرغم من ضرورته لمدينة جرش التي تعد من المدن السياحية الكبرى على مستوى العالم، لكنها لم تزل تفتقد إلى وجود متحف أثري بمواصفات فنية وهندسية وتاريخية وأثرية مناسبة، لاسيما في ظل وجود آثار ومكتشفات وقطع أثرية مهمة جدا وبعدد كبير، ما يستدعي لعرضها وتوثيقها في متحف مختص.
كما يكشف عن بروز خلاف آخر على موقع المتحف الذي كان مخططا له أن يقام على قطع أرض مملوكة لدائرة الآثار العامة في أحد المواقع الأثرية، غير أن وزارة السياحة تؤكد ان هذا الموقع “لا يخدم المسار السياحي، ولا يمر بمسار زيارة السياح لمدينة جرش الأثرية، بل يجب أن يكون في موقع آخر قريب من المزارات السياحية للمدينة”.
ويؤكد أن المجلس اتخذ قرار مناقلة مبلغ 200 ألف دينار لمشاريع أخرى، بسبب “عدم وجود دراسات كاملة لإنشاء متحف آثار جرش، وتبين أيضا بأن الأرض التي كان منويا إقامة المتخف عليها تقع داخل المدينة الأثرية”.
وتوزعت المناقلة على النحو الآتي: 30 ألف دينار لتغطية نفقة دراسات بناء مستودعات ومكاتب لمديرية الآثار، و47 ألف دينار لصيانة وترميم والتنقيب وتوثيق القطع الأثرية، و23 ألف دينار لاستثمار وصيانة البيت العثماني التابع لمديرية السياحة، و10 آلاف لإنشاء غرفة للأدلاء السياحيين، و90 ألف دينار لصيانة وتأهيل بيت الكايد.
ويبين زريقات أن صيانة البيت العثماني وبيت الكايد تنسجم مع احتفالات الدولة في مئويتها الأولى، باعتبار البيت وثيقة معمارية وثقافية مهمة، حيث سيتم طرح هذه العطاءات بداية شهر آب (أغسطس) المقبل.
يذكر أن مديرية آثار جرش تحتفظ حاليا بما يزيد على 4 آلاف قطعة أثرية مهمة وتاريخية داخل مستودعاتها، نظرا لعدم توفر مواقع عرض في متحفها الحالي الذي يزيد عمره على 50 سنة، ويفتقر لأدنى متطلبات السلامة العامة للقطع الأثرية أو لأي شكل هندسي مناسب للقطع التي يتم عرضها فيه.
كما يعاني المتحف الذي يقع داخل المدينة الأثرية من سوء أوضاعه وتسرب مياه الأمطار إلى مبناه في فصل الشتاء على نحو غزير، وإلى القطع الأثرية بشكل مباشر، ما يستدعي إجراء صيانة دورية للمتحف للحفاظ على تلك القطع، فضلا عن أن المبنى قديم ومتهالك وكان عبارة عن مطعم قبل تحويله إلى متحف، وهو يفتقر إلى أبسط الشروط الهندسية.
وكانت مديرية الآثار في محافظة جرش لجأت إلى حفظ القطع الأثرية في مستودعاتها، لعدم توفر متسع في متحفها الحالي لعرضها بعد تحريرها واستكمال الإجراءات القانونية لغايات عرضها والحفاظ عليها ضمن مواصفات معينة وفق ما أكده مصدر مطلع في مديرية آثار جرش.
ويؤكد المصدر أن متحف موقع جرش الأثري مكتظ بالكامل، ولا توجد أماكن مناسبة لعرض المزيد من القطع الأثرية والاكتشافات المهمة فيه، ما حصر خيار خبراء الآثار في حفظها داخل المستودعات لحين بناء متحف أثري جديد، وهو مطروح على موازنة السنوات السابقة، لكن لغاية الآن لم ير النور رغم أهميته للحركة السياحية وجذب زوار الآثار من علماء وخبراء وطلاب وفنيين.
كما يؤكد أن المكتشفات الأثرية في مدينة جرش بشكل خاص مستمرة على مدار الساعة، وأن كل بعثة وجامعة تجري حفريات تعثر على قطع أثرية وتاريخية يومية، بعدد يربو على الآلاف، لافتا إلى أن حفظ الآثار في المستودعات وبكميات كبيرة جدا، لا يتيح الفرصة للخبراء والأساتذة وعلماء الآثار دراستها وزيارتها وفحصها.
يذكر أن وزارة السياحة قامت قبل عدة أعوام بعرض التماثيل التي عثرت عليها البعثة الفرنسية في موقع أعمال التقيب في الحمامات الشرقية في مركز زوار جرش، بعد ترميمها وإجراء صيانة لها، نظرا لوجود متسع في مركز الزوار يتناسب تصميمه مع قيمة التماثيل الأثرية والتاريخية.
وفي حال تم تجهيز المتحف الجديد فسيتم نقل كافة التماثيل المعروضة في مركز زوار جرش، إضافة إلى التماثيل الحالية في المتحف القديم، إلى المتحف الجديد، فضلا عن إخراج سائر التحف والتماثيل واللقى الموجودة في المستودعات، والتي تحتوي بدورها على نحو 25 تمثالا أثريا.
صابرين الطعيمات/ الغد
التعليقات مغلقة.