معان: اهتراء شبكات الصرف وتخوفات من تسرب مياهها لخطوط الشرب
في وقت ما تزال فيه معضلة اهتراء شبكة الصرف الصحي في مدينة معان، وما تلقيه من آثار بيئية وصحية سلبية على المواطنين وأحياء المدينة، تؤرق الأهالي هناك منذ نحو 20 عاما، يتحدث مسؤولون رسميون في المحافظة ووزارة المياه عن محاولات دؤوبة لتأمين تمويل، يساعد في حل هذه القضية المزمنة.
ويتخوف الأهالي والمعنيون من تسرب المياه العادمة التي تنشرها نحو 7 آلاف حفرة امتصاصية غير مجهزة على نحو سليم، وغالبيتها تحفر في أعماق التربة بدون جدران أسمنتية وواقية للتسرب، مشكلة أخرى، قد تتسبب بتسرب المياه العادمة إلى شبكة خطوط مياه الشرب، التي تتغذى من المياه الجوفية والينابيع.
ويتحدث أهال ومعنيون عن افتقار نحو 60 % من أحياء معان لخدمات صرف صحي سليمة، مشيرين إلى مضي نحو 20 عاما على هذه المعضلة، ما تسبب باهتراء الشبكة القديمة التي يصل عمرها إلى عدة عقود، وانعدام قدرتها على تحمل الزيادة السكانية والعمرانية في تلك الاحياء.
وتنتشر مظاهر تسرب المياه العادمة في بعض مناطق تلك الأحياء، جراء عدم قدرتها على التدفق السليم في مساربها التي تهرأت بفعل عدم تحديثها وتطويرها، ما يشكل بؤرة بيئية ساخنة، تتصدر قائمة القضايا البيئية والصحية في المدينة، لما تخلفه من حشرات وقوارض وروائح كريهة.
ويشير أهال إلى تفاقم هذه المعضلة، جراء تهالك الشبكة، التي مضى على انشائها نحو 35 عاما دون تحديث أو تطوير، لتلقي بأخطارها الصحية الجسيمة على الصحة العامة والبيئة، بسبب تدفق المياه العادمة في الشوارع والأودية ومجاري السيول جراء انسدادها، وتهديدها لسلامة المياه الجوفية، مصدر مياه الشرب للأهالي.
وبالرغم من تداعيات المشكلة، فإن تحديث الشبكة بات حلما يراوح مكانه منذ أعوام، مع استمرار انشاء حفر امتصاصية تنتشر على مساحات واسعة من أراضي المدينة، ما يلقي بأعباء مادية مرتفعة على المواطنين في تحمل أكلافها، وما قد تسببه من تسريب إلى شبكة مياه الشرب التي تحتاج هي الأخرى لإعادة تحديث.
وأشاروا إلى أن عمر خطوط شبكات مياه الشرب يزيد على نصف قرن، وهي تعاني من القدم والاهتراء، ما يزيد التخوفات من خطر اختلاط مياه الحفر الامتصاصية العادمة وتسربها لخطوط مياه الشرب.
ويحذر الأهالي من التأثيرات البيئية على أحيائهم، جراء تسرب المياه العادمة إلى المياه الجوفية، وعدم تمكن الشبكة القائمة والمتهاكلة، من خدمة هذه الأحياء على نحو سليم وصحي.
وتساءل الأهالي حول هذه المماطلة في إعادة تأهيل الشبكة، أو تحديثها، مشيرين إلى أن ما يحدث من تجاهل لمطالبهم بحل لهذه المعضلة، مقلق، ويعبر عن استهتار الجهات المعنية بصحتهم.
محمد عطالله المعاني من حي السكر، قال إن مطالبات الأهالي المستمرة للمسؤولين لحل هذه المعضلة، لم تسفر عن شيء، وغالبا تصطدم بقلة المخصصات، لافتا إلى أن اهتراء الشبكة القديمة وانعدام وجود شبكة حديثة، يؤثر سلبا أيضا على الأراضي والتربة، بخاصة الزراعية منها.
وبين وليد كريشان من حي السطح، أن الأهالي يترقبون منذ سنوات، حل مشكلتهم التي أصبحت تؤرقهم على نحو كبير، لافتا إلى أن الحفر الامتصاصية ليست حلا، فمحتوياتها العادمة غالبا ما تلقى في الأودية وقرب الينابيع، ما يعرض هذه المناطق لتلوث لا تحمد عقباه على الصحة العامة.
وأشار كريشان إلى أن التخلص من محتويات الحفر يجري بصهاريج نضح، عالية الكلفة، إذ الحد الأدنى لحمولة الصهريج الواحد، تصل أجرته إلى 25 دينارا، ويجري التخلص من محتوياتها مرتين سنويا، أو أكثر.
وعن أحياء أذرح والعامرية والرزاعة في المدينة، طالب سليمان الخطيب وتوفيق أخو عميره وأحمد عليان، بإعادة النظر في واقع الشبكة المهترئة، وبناء شبكة حديثة في المدينة التي بدأت تشهد نموا عمرانيا وسكانيا متسارعا، ما يزيد من التحديات الصحية في ظل عدم وجود شبكة تغطي المدينة بأحيائها كافة.
رئيس اللجنة المالية والاقتصادية والتنموية والسياحية في مجلس محافظة معان وصفي صلاح، لفت إلى أن وجود 60 % من الأحياء، غير مخدومة بمشاريع صرف صحي غير مقبول، داعيا لتوسعة محطة صرف صحي حالية، وإنشاء محطات رفع جديدة إلى عدة مناطق في المدينة.
وأشار صلاح إلى أن الشبكة الحالية على ما هي عليه منذ عقود، كثيرة الأعطال لانتهاء صلاحيتها، والحاجة لاستبدالها باتت ملحة جدا، فخطوطها غالبا ما تتعرض للتعطل، ما يدفع لتدفق المياه العادمة في الشوارع والأودية، لتشكل مكاره صحية وتلوثا بيئيا وبصريا، وتأثيرات مدمرة على البنية التحتية للطرق.
وأضاف صلاح، إن موازنة مجلس المحافظة، عاجزة عن تغطية مشاريع لتحديث الشبكة أو تبديلها، وبرغم ذلك ما يزال يتواصل مع وزارة المياه بالتنسيق مع وزارة التخطيط، لتوفير تمويل عبر إدراج مشاريع صرف صحي للمدينة على برامج المنح الدولية والقروض الميسرة، لكن لم يحدث أي شي للآن.
وأكد مدير مديرية مياه المحافظة محمد العسوفي، أن المديرية أعدت في فترات سابقة دراسات مسحية لمناطق غير مخدومة بشبكة صرف صحي في معان، بخاصة في أحياء أنشئت حديثا كـ: السطح، طريق أذرح، الإسكانات، وغيرها ممن تفتقر لهذه الخدمة، وطلبت من وزارة المياه إدراجها على المشاريع التي تتصدر الأولوية فيها، لحاجتها الملحة لشبكة متكاملة للصرف الصحي.
وأشار العسوفي إلى أن هذه المناطق قيد الدراسة، ويجري تنفيذها عند توافر المخصصات المالية، لافتا إلى أن هناك اتصالات مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) بشأن هذه المسألة.
وبين أن مشاريع صرف صحي يجري إنشاؤها حاليا في أحياء: البواب وسطح معان وغيرها، وصولا إلى تعميم الخدمة إلى المناطق السكنية الحديثة.
وقال إن العمل جار حاليا لمعالجة النقاط الساخنة في شبكة الصرف الصحي القديمة، خصوصا في مناطق وسط البلد وتشمل شوارع: فلسطين والملك عبدالله الأول، والمجمع القديم، والملك حسين.
وأضاف العسوفي ان الشبكة القديمة تتعرض لإغلاقات مستمرة، لزيادة كميات تدفقها، وتعرضها لاستعمالات خاطئة، ولحجم الزيادة السكانية والعمرانية، ما يؤدي لتكرار انغلاقات الشبكة، وأحيانا تكسرها، لتشكل مكاره صحية، لافتا إلى أن إنشاء شبكة جديدة يحتاج لتمويل كبير، وهذا ما تسعى لتأمينه مديرية المياه.
وكان وزير المياه والري المهندس محمد النجار في مستهل أيار (مايو) الماضي، خلال لقائه نواب المحافظة وأعضاء المجلس المحلي، أكد أن الوزارة تبحث مع جهات مانحة، توفير مخصصات مالية، لربط المناطق غير المخدومة بشبكة صرف صحي في المدينة، وإنشاء شبكة جديدة في الأحياء الباقية، لقدم الشبكة الموجودة فيها حاليا.
وأكد الوزير أن الوزارة تعمل جاهدة للحصول على التمويل، لتنفيذ هذه المشاريع، وانهاء هذه المشكلة، ووقف العمل بنظام الحفر الامتصاصية، وأيضا تحديث الشبكة الداخلية الناقلة لمياه الشرب.
حسين كريشان/ الغد
التعليقات مغلقة.