مـا هـي بدائـل غـاز الاحتـلال؟
في الوقت الذي تتصاعد فيه إجراءات الأردن الرافضة للأعمال الوحشية للاحتلال في غزة وآخرها اعلان عدم توقيع اتفاقية الماء مقابل الكهرباء، يطرح محللون ومراقبون بدائل يمكن أن يرتكن إليها الأردن في مواجهة الكلف الاقتصادية، في حال انسحبت قرارات الأردن على الاتفاقية الموقعة لاستيراد غاز الكيان.
ويرتبط الأردن منذ العام 2016 باتفاقية لاستيراد الغاز الطبيعي بدءاً من عام 2020 ولمدة 15 عاما.
والاتفاق ينص على شراء شركة الكهرباء الوطنية الغاز الطبيعي من شركة “نوبل انيرجي”، قبل أن تنتقل حصتها في حقل “ليفيثيان” الذي يسيطر عليه الاحتلال قبالة شواطئ غزة، إلى شركة “شيفرون”.
وبدأ ضخ الغاز إلى المملكة فعلا مطلع العام 2020، وقالت شركة الكهرباء الوطنية حينها ان توقيع الاتفاقية يأتي تماشياً مع توجهات الحكومة بهذا المجال وخصوصاً في ظل التوجه لتزويد الصناعات الوطنية والكبرى في الأردن بالغاز الطبيعي.
مصدر مطلع بين أن هناك مباحثات حاليا مع الجانب المصري بخصوص زيادة الكميات التعاقدية التي تضخها مصر إلى المملكة مؤكدا في الوقت ذاته أن الكميات، دون تحديدها، التي يحصل عليها الأردن حاليا من الجانب المصري ما تزال ضمن الكميات التعويضية عن انقطاع هذا الغاز في فترة الربيع العربي.
وأكد المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن مسؤولية شركة “فجر” الناقلة للغاز تنحصر في نقل الكميات التي تتعاقد عليها المملكة وأنها، أي الشركة، لم تبرم أي اتفاقيات مع اي حكومات لاستيراد الغاز من أي مصدر وانما مسؤوليتها تنحصر في النقل وهو ما حصل عندما تم تلزيمها من قبل الحكومة بنقل الغاز عبر خط الغاز العربي إلى مواقع الاستهلاك داخل المملكة.
وأشار المصدر إلى أن اتفاقية استيراد الغاز أبرمت مع شركات تستحوذ على حصص وامتيازات للتنقيب عن الغاز وليست مع حكومة الاحتلال بشكل مباشر.
يشار إلى أن مصادر الغاز الطبيعي، هي الغاز المصري، غاز الريشة، غاز الاحتلال الإسرائيلي، وميناء الشيخ صباح للغاز المسال.
الباحث في شؤون الطاقة عامر الشوبكي قال إن الاستمرار بالعمل بالاتفاقية أو الخروج منها هو السؤال الدائر والأهم حاليا في الساحة الأردنية.
وبين الشوبكي أن إيقاف الاتفاقية مطلب شعبي، وهو امر استراتيجي فالشارع الأردني يقف بالأساس ضد هذه الاتفاقية التي تمثل الاعتماد المفرط على الاحتلال، وهنا نستحضر إعلان وزير الخارجية إيقاف توقيع اتفاقية الطاقة مقابل المياه.
وأضاف أن الاعتماد على غاز الاحتلال سيؤدي الى كبح الجهود في البحث عن بدائل اخرى قد تكون متوفرة في المملكة مثل الصخر الزيتي، مبينا أن بناء 4 محطات للحرق المباشر للصخر الزيتي، على سبيل المثال، تغطي الحاجة المحلية من الكهرباء وبالقيمة تساوي ثمن غاز الاحتلال لمدة سنتين.
وفي حال تم وقف الغاز بشكل كامل من الاحتلال، فإن الحل الأسرع والمتوفر سيكون شراء غاز مسال عن طريق العقبة بعقود فورية حتى يتم اجراء اتفاقيات طويلة الاجل مع أطراف أخرى، مبينا أن هذه العقود ستكون بضعف السعر الحالي، وستضيف نحو 1.5 مليون دينار يوميا كلفة على النظام الكهربائي بمقدار 550 مليونا سنويا وستكون الكلفة مضاعفة، فسعر الغاز الحالي عالميا 18 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية، بينما سعر الغاز من الاحتلال مع اجور انبوب النقل يكلف قرابة 8.5 – 9 دولارات/وحدة حرارية بريطانية.
وأشار إلى ضرورة العمل على التوصل إلى عقود طويلة الاجل مع دول عربية مثل قطر والامارات والجزائر، إذ إن هنالك مفاوضات حقيقية تجري الآن مع هذه الجهات لمحاولة الحصول على اسعار تفضيلية او قريبة من الاسعار التي نتلقاها من الاحتلال.
وعاد الشوبكي للتأكيد على أن الحل المستدام الطويل الأجل وقليل التكلفة هو الصخر الزيتي، قائلا “بالتأكيد الصخر الزيتي هو الحل، ويتوفر في الأردن احتياطي يقارب 7 مليارات طن وان هذه الكمية وهذه الاحتياطات تكفي حاجة الأردن الى 200 سنة قادمة.
وكان تقرير حالة البلاد الذي نشر عام 2022 قال إن الغاز “الإسرائيلي” لا يسهم في تحقيق أمن الطاقة، بل على العكس يجعل استمرارية أمن التزود في “وضع صعب”.
وقال التقرير في ذلك الوقت “تم توليد ما نسبته %75 من الطاقة الكهربائية المستهلكة من محطات تحرق الغاز ونسبة 25 % من محطات الطاقة المتجددة وبلغت كمية الغاز الطبيعي المستهلكة نحو 330 مليون قدم مكعب يوميا”.
وفيما يخص نتائج انقطاع غاز الاحتلال على المستهلك، في حال حدوثه، فإن ذلك سيكون له أثر واضح إذا لم يتم التفكير في حلول مستدامة قليلة الكلف، ولم يتم التوصل للحصول على غاز بأسعار مقاربة للسعر الذي نحصل عليه من الاحتلال.
وبخصوص قدرة الأردن على إلغاء الاتفاقية من جانب واحد، قال المتخصص بالاقتصاد السياسي زيان زوانة “حيث يحتاج الجواب لمراجعة دقيقة لبنود الاتفاقية، خصوصا وان اتفاقيات شراء الغاز تربط أطرافها لفترة زمنية طويلة (15 – 25 سنة) وذلك بسبب ارتفاع كلفة الاستثمار.
وكان تقرير حالة البلاد انتقد استمرار التكتم على تفاصيل اتفاقية شراء الغاز الطبيعي من الاحتلال الإسرائيلي حتى مع دخولها حيز التنفيذ ووصول الغاز الطبيعي إلى محطات توليد الكهرباء التي تحرق الغاز الطبيعي وبالتالي لا نعرف ما هي الكميات المتفق على شرائها وسعر الشراء والشروط الأخرى في حال التخلف عن الشراء وغيرها من المعلومات المهمة وهل هناك شرط للشراء أو الدفع Take or pay كما في عقود شراء الطاقة من محطات الطاقة المتجددة.
وأشار التقرير إلى أن أمن الطاقة يتأرجح بين القرارين السياسي والاقتصادي، فاتفاقية الغاز الإسرائيلي، رغم أنها تبدو ظاهريا جزءا من تنويع الطاقة، إلا أنها بالضرورة أضعفت من أمن الطاقة على المدى البعيد لأن جزءا من مصادرها بيد شركاء خارجيين.
وأكد زوانة ضرورة تعزيز البدائل، خاصة أن قطاع الطاقة والمياه مرتبطان ببعضهما بعضا، مع ضرورة وجود استراتيجية تعزيز الموارد الداخلية البديلة، وأهمها تطوير قطاع الطاقة المتجددة وبسرعة، وتطوير قطاع الصخر الزيتي، وكذلك شراء الغاز من السوق العالمي.
كما شدد على ضرورة معالجة الهدر والفاقد في قطاعي الطاقة والمياه، لافتا إلى أن نسبتهما المعلنة رسميا غير مقبولة، كما طول فترة استمرار هذا الهدر، كما تنفيذ مشروع الناقل الوطني ضرورة ملحة. وعليه، فإن تحقيق الامن الوطني بمفهومه الشامل، ضرورة استراتيجية وجودية، خاصة أن الطرف الثاني في المعادلة هو الاحتلال.
ويذكر أن معدل الحاجة اليومية للأردن من الغاز الطبيعي يبلغ نحو 300 مليون قدم مكعب، فيما يستورد الأردن الغاز الطبيعي من الأراضي الفلسطينية المحتلة بالدرجة الأولى ومن مصر عبر خط الغاز العربي، إضافة إلى الغاز الطبيعي المسال المستورد بحرا من خلال العقبة وبعض الانتاج المحلي المحدود من الريشة.
وبلغ معدل كميات الغاز الطبيعي المستهلكة في محطات توليد الطاقة الكهربائية العاملة في المملكة نحو 344 مليون قدم مكعب يومياً العام الماضي، والتي ساهمت بنسبة 68 % في توليد الطاقة الكهربائية في محطات توليد الكهرباء.
رهام زيدان/ الغد
التعليقات مغلقة.