مليونية الوفاء للشهداء بالسودان: محتجون يطالبون بإسقاط “حكم العسكر”
الخرطوم – خرج آلاف المتظاهرين امس في السودان مطالبين بإسقاط “حكم العسكر” رغم اتفاق مثير للجدل أعاد رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك الى منصبه بعد إقالته بقرار من قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين الأول (اكتوبر).
وبينما اعتبرت الأمم المتحدة أن تظاهرات الخميس “اختبار” للجيش الذي أعاد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الى منصبه الأحد، أطلقت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين في الخرطوم في وسط وغرب البلاد، بحسب شهود.
والأحد الماضي استجاب البرهان شكلا لمطالب المجتمع الدولي بإعادته حمدوك الى رئاسة الحكومة والتعهد بالإفراج عن السياسيين الذين اعتقلوا عقب انقلابه على شركائه المدنيين في مؤسسات السلطة الانتقالية التي يفترض أن تقود البلاد نحو حكم مدني من خلال انتخابات عامة في العام 2023.
ولكن المتظاهرين لم يقبلوا هذا الاتفاق الذي وصفه تجمع المهنيين الذي لعب دورا محوريا في الانتفاضة التي أسقطت عمر البشير في نيسان (ابريل) 2019 بأنه “انتحار سياسي” لحمدوك.
وقال صديق الجبير، الذي شارك في تظاهرات العاصمة السودانية، أن اتفاق حمدوك مع الفريق أول البرهان “ما هو إلا خنجر في ظهر ثورة” 2019.
ومنذ عدة أيام دعا الناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي الى تظاهرات جديدة أطلقوا عليها “مليونية الوفاء للشهداء” الذين سقطوا خلال تصدي قوات الأمن لتظاهرات الاحتجاج على قرارات البرهان والذي أدى الى سقوط 42 قتيلا ومئات الجرحى، بحسب نقابة الأطباء المؤيدة لحكم مدني خالص.
وفي جنوب الخرطوم، قالت سهير حمد النيل “خرجت أولا للمطالبة بالقصاص للذين قتلوا بعد انقلاب البرهان وثانيا لرفض اتفاق البرهان وحمدوك لأنه يريد قطع الطريق على حكومة مدنية كاملة”. وتابعت “لا نريد دورا للعسكريين في السياسة”.
أما قصي مجدي (19 عاما) فطالب كذلك بـ”القصاص” واحتج على الاتفاق مع حمدوك “الذي أتاح للعسكر فرصة ليعودوا مرة أخرى باتفاق سياسي”.
وهتف المتظاهرون في منطقة أم درمان “حكم العسكر ما يتشكر” و”المدنية خيار الشعب” كما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.
وردد محتجون في شارع الستين بوسط الخرطوم “الشعب يريد اسقاط النظام”، مستعيرين الشعار نفسه الذي تردد في القاهرة وفي تونس وفي عدة عواصم عربية منذ احتجاجات الرببع العربي في 2011.
كما هتف المتظاهرون في العاصمة السودانية ضد البرهان واتهموه بأنه مرتبط بالاسلاميين وبنظام عمر البشير الذي أسقط إثر انتفاضة شعبية في العام 2019.
وفي العاصمة السودانية، علقت مكبرات صوت أخذت في بث اغنيات كانت تسمع كذلك إبان التظاهرات ضد البشير.
وخرجت تظاهرات كذلك في دارفور (غرب) وشمال كردفان (وسط) وفي جنوب الخرطوم وفي كسلا (شرق).
ووعد حمدوك بعد عودته الى منصبه بإعادة اطلاق المرحلة الانتقالية وصولا الى الديمقراطية.
ورغم إعادة حمدوك الى موقعه إلا أن البرهان أبقى على التشكيل الجديد لمجلس السيادة، السلطة الأعلى خلال المرحلة الانتقالية، الذي استبعد ممثلي قوى الحرية والتغيير (التكتل المدني الرئيسي الذي وقع مع الجيش اتفاق تقاسم السلطة عقب اسقاط البشير).
واحتفظ البرهان لنفسه برئاسة هذا المجلس كما أبقى على نائبه محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي” قائد قوات الدعم السريع وهي ميليشيا متهمة بارتكاب تجاوزات وانتهاكات عديدة في دارفور.
وفي مقابلة الأربعاء مع وسائل اعلام محلية دافع حمدوك، الخبير الاقتصادي السابق في الأمم المتحدة، عن قراره. وأكد أن دافعه الأساسي هو “وقف إراقة الدماء” وعدم تبديد ما تحقق على الصعيد الاقتصادي “خلال العامين” الماضيين منذ إسقاط البشير.
وفيما نددت منظمات حقوق الانسان الدولية والمجتمع الدولي خلال الأسابيع الأخيرة بقمع المتظاهرين، دعا موفد الأمم المتحدة الى السودان فولك بيرثيس الى تجنب “إراقة الدم والاعتقالات التعسفية” خلال التظاهرات.
وقال إن هذه الاحتجاجات الجديدة هي “اختبار” للسلطات السودانية التي ما يزال جزء كبير من المساعدات الدولية المخصصة لها معلقا والتي ما تزال عضويتها معلقة في الاتحاد الافريقي.
من جانب آخر، قتل 35 شخصا وأحرقت 16 قرية جراء اشتباكات قبلية نشبت في اقليم دارفور غرب السودان بسبب نهب الماشية، حسب ما أكد مسؤول حكومي الخميس.
وقال عمر عبد الكريم مفوض العون الإنساني لوكالة فرانس برس عبر الهاتف من الجنينة عاصمة غرب دارفور إن “الاشتباكات خلفت أكثر من 35 قتيلا من الطرفين وأحرقت بالكامل حوالي 16 قرية غالبية سكانها من قبيلة المسيرية الجبل”.-(ا ف ب)
التعليقات مغلقة.