من العبدلي إلى ياجوز.. استغلال أراضي القيادة العامة منظور اقتصادي جاذب للاستثمار

من معسكرات للجيش بصبغة أمنية، تحولت منطقة العبدلي، التي تعد أهم مناطق العاصمة، إلى منطقة حضرية جاذبة للاستثمار بمختلف أشكاله، بعد رحيل القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي عنها.

تلك قصة نجاح مشهودة، تتحدث عنها العاصمة اليوم بكل افتخار. وفيما كان التفكير يتجه إلى انتقال القيادة العامة للقوات المسلحة، إلى مجمع الأعمال، في المنطقة التي تنبض بروح عمان الجديدة، والتي تعد مع محيطها واحدة من أهم مناطق العاصمة التجارية، كانت رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني بخلاف ذلك تماما، إذ رأى أن المنطقة القريبة من نبض عمان التجاري يتوجب أن تظل بصبغتها المدنية، وأن تتحول إلى مساحة جاذبة للاستثمارات التكنولوجية، لتسهم في تطوير الشباب الأردني وتشغيلهم.

وهكذا، انتقلت القيادة إلى منطقة طبربور بشكل مؤقت، ثم إلى مقرها الدائم في ياجوز، والذي افتتحه جلالة الملك أمس، في تحول يواكب التوسع العمراني الحيوي للمدينة التي نهضت على سبعة جبال منذ نشأتها الأولى.
تلك رحلة انهمكت بتشكيل روح المدينة وهي تتوسع، لتحقق أفقا جديدا يمتثل لتطلعات جلالة الملك عبدالله الثاني في جعلها مدينة جذب سياحي واستثماري، يستقطب الزوار والسياح والمستثمرين، من مختلف انحاء العالم.
تحتفظ رمزية المكان الذي استقرت فيه القيادة العامة للجيش العربي، باسم المؤسس الذي حملته منطقة العبدلي قبل مائة عام، لتكون تكريما لجلالة الملك عبدالله الاول ابن الحسين، مؤسس الأردن، والتي أصبحت واجهة لاقامة واحد من أضخم المشاريع العمرانية والتجارية والسياحية في عمان، وقد صمم وفق طرز عالمية حديثة وراقية ، يراه معظم سكان المدينة من مختلف مناطقها القريبة والبعيدة.
بدأ إنشاء المشروع في العام 2004 واستمر العمل به لعشر سنوات، فأسهم بنقل العاصمة الى وجهة جديدة، تتآلف مع الرؤية الملكية في ان تصبح مركزا حضريا نشطا ومتميزا معماريا ومكملا ورابطا للمراكز الحضرية في المملكة، يرتقي بالبيئة المدنية، ويكون محفزا للاستثمار بمختلف أنواعه الحيوية.
وقد جاءت فكرة تطوير منطقة العبدلي، بناء على توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني القائد الاعلى للقوات المسلحة الأردنية، حين أوعز بنقل معسكرات الجيش من مناطق وسط المدينة الى مناطق اخرى بديلة في جميع انحاء المملكة، وبموجبها جرى نقل مديريات القيادة العامة والامن العام منها.
ضم مشروع العبدلي، أكثر من 460 شركة، منها مكاتب لشركات عالمية وبنوك، فضلا عن 1200 غرفة فندقية و720 وحدة سكنية، ليوفر نحو 10 آلاف فرصة عمل.
في المرحلة التالية، انتقلت القيادة العامة، الى منطقة طبربور الناهضة، انطلاقا من التوسع الذي بدأت تشهده العاصمة، ليتم استبعاد فكرة نقلها لمجمع الأعمال، والذي رأى جلالة الملك أن تجري الاستفادة من الموقع، ليكون مركزا للمعرفة التكنولوجية، وان ينتقل المقر الى منطقة أخرى.
وفعليا، أكدت رؤية جلالة الملك وبعد نظره، بان أصبح مجمع الاعمال من ابرز المراكز الاقتصادية الإقليمية للإبداع والابتكار في المنطقة العربية، اذ استقطب شركات محلية وعالمية كبرى، ما أسهم بتحقيق تطلعات الأردنيين في الاستثمار ودعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو.
لقد درست هذه المشاريع بعناية، وتوج إنجازها بارادة وتصميم كبيرين، للارتقاء بالاقتصاد الأردني ومشاريعه، الى مصاف دول الاقليم.
تجلت فكرة نقل معسكرات الجيش والقيادة العامة، في صميم تخطيط الدولة، بخاصة بعد أن بدأت العاصمة تتوسع عمرانيا، وتتضاعف حاجتها للتخطيط والنمو، والحد من الاختناقات المرورية التي تعاني منها.
الفكرة السديدة، لا ترتبط بمكان او زمان، بل برؤية ثاقبة في أنها ستعود بالفائدة على البلد، ما ينعكس ايجابا على قدراته الاقتصادية والاستثمارية، وسط سعي العالم المحموم لاستقطاب الاستثمار.
تأخير تنفيذ الأفكار والرؤى يعد أمرا مثبطا ومقاوما للتغيير، وقد يحرم البلد من استثمارات كثيرة.
إن الدولة الأردنية ليست بحاجة للافكار بقدر ما هي بحاجة لاخراج الافكار من الصدور من دون خوف او محاسبة او تحقيق، وجلالة الملك، يثبت دوما ان ما يدور في الصدور، يحب ان ينفذ على أرض الواقع، ويعود بالخير والمنفعة على الأردن واهله.
اليوم، وبعد نقل مقر القيادة العامة الى مقرها الجديد في منطقة ياجوز، وافتتاحه برعاية ملكية سامية على مساحة أرض تبلغ 300 دونم، وفقا لأحدث الأسس والمعايير الهندسية، يعود المكان ليضع رمزية جديدة بخطى واثقة، وليرفد رحى التنمية الحضرية واعادة انعاش المنطقة الجديدة، لتصبح مركزا بارزا وحيويا، وذات بعد استثماري حيوي، يزدهر بالتدريج.
وفي هذا السياق، فإن رؤية جلالة الملك الاستشرافية، التي جعلت من منطقة جنوب عمان، فضاء حيويا حين أنشئت فيها مديرية الامن العام، لتغدو مركزا تجاريا جاذبا، على غرار مناطق عديدة، انتعشت بفكرة رائدة ومتابعة حثيثة من لدن جلالته.
ونحن نحتفل بعيد ميلاد جلالة الملك، يحتفل جلالته مع مواطنيه اليوم، بافتتاح حاضنة جديدة للوطن والعمل والفعل الخلاق، تحمل في حناياها رمزية الجيش العربي المصطفوي، بكل ما يمتثل فيه من مفردات وطنية، تأسست على الفروسية والعروبة، فالشعار والبورية والقايش والفوتيك، تحمل ذكرى وقيمة، تسور الارض التي اجتمع عليها قادة الأردن بالخير والمحبة والتقدم والعمل والبناء.
ففي رمزية الجيش التي خلدت في الانفس، ستبقى عالية، يحملها الأردنيون في كل مكان، وعلى اي  ثرى، فهي نشيد الارواح التواقة دوما للعلا.

الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة