من حليب الإبل ينتجن مستحضرات التجميل: أردنيات يكتبن قصة نجاحهن

 كثيرة هي المشاريع الإنتاجية التي تسعى سيدات المجتمع المحلي إلى إبرازها كأفكار جديدة يمكن أن تحقق ريعا جيدا ومناسبا عبر خلق فرص عمل متعددة، خاصة من يعشن في مناطق بعيدة عن المدن ومراكز المحافظات، لتكون الجمعيات الخيرية المأوى لهن في تبني العديد من الأفكار الخلاقة.
مشروع إنتاج مواد تجميلية مرخصة طبياً وبحسب المواصفات والمقاييس من حليب الإبل، يعد فكرة جديدة وفرصة لسيدات المجتمع المحلي للنهوض بواقعهن الاقتصادي، بعد أن أثبتن قدرتهن وخرجن بمنتج جديد ومجاز، ليبحثن عن فرصة لزيادة حجم المشروع وتحويله إلى خط إنتاج جديد يجد حيزاً له في الأسواق.
هذا المشروع الجديد هو نتاج تعاون بين جمعية مسار الخير للتنمية المستدامة وجمعية شفا بدران الخيرية. تقول نائب رئيس الجمعية، فاتنة الزبون، إن مشروعهن بدأ منذ عام تقريباً، من خلال صناعة الصابون الطبيعي من زيت الزيتون. كان هذا المشروع ثمرة التعاون المستمر بين الجمعية ومبادرة مسار الخير آنذاك، حيث تم إنتاج كميات كبيرة شاركن فيها بالعديد من المعارض، ما مكن السيدات من الاستفادة من المردود المادي للمنتج.
وكان العمل نابعاً من التعاون بين الجمعية والمجتمع المحلي، حيث عملت الزبون على تنظيم العديد من الدورات لسيدات المجتمع المحلي بهدف تدريبهن على صناعة المنتجات من الموارد المتوفرة لديهن. كما تم تدريب طالبات المدارس على الإنتاج، حتى أصبحت هذه المشاريع متوفرة لدى نسبة كبيرة من سيدات شفا بدران؛ المنطقة التي تخدمها الجمعية.
الآن، وبعد سنوات من العمل الإنتاجي في الجمعية، تم تطوير المشروع ليكون أكثر فاعلية وقيمة تسويقية للمنتج، وذلك من خلال الاستفادة من حليب الإبل المتوفر لدى بعض عائلات المنطقة. تم طرح مشروع خاص بإنتاج ثلاثة منتجات تجميلية من حليب الإبل، وهي: حمام الزيت للشعر، والصابون، ومنتج لمحاربة التجاعيد.
وبحسب الزبون، فإن المنتجات جميعها مكونها الرئيسي هو حليب الإبل، بالإضافة إلى زيوت طبيعية ذات جودة عالية مثل زيت الزيتون، النخيل، جوز الهند، الخروع، وزبدة الشيا، فضلاً عن الفيتامينات، وأهمها فيتامين E، ومجموعة من الفيتامينات الطبيعية 100 %.
وأكدت الزبون أن التصنيع في شتى مراحله يتم بإشراف طبيبة صيدلانية متخصصة في مجال العلاجات الطبيعية. المنتج يعد الآن من المنتجات ذات التصنيف الممتاز، وقد تم تجربته قبل الإعلان عن بيعه في السوق، كإنتاج خاص بالجمعية والأول من نوعه في هذا المجال.
فكرة الاستفادة من حليب الإبل في إنتاج منتجات جديدة محلياً نتجت عن تعاون بين جمعية مسار الخير للتنمية المستدامة وجمعية شفا بدران الخيرية. فريق جمعية مسار الخير، بقيادة مؤسسها محمد القرالة، زار العديد من مناطق محافظات المملكة، حيث لاحظوا وجود عدد كبير من الإبل وعدم الاستفادة الكاملة من حليبها. بناء على ذلك، تم إنشاء تعاون لإنتاج منتجات جديدة محلياً، حتى وصلت الفكرة إلى التطبيق الفعلي من خلال سيدات جمعية شفا بدران.
ويقول القرالة إن حليب الإبل مفيد جداً كما هو متعارف عليه، كما أن ثمنه مرتفع جداً مقارنة بأنواع الحليب الأخرى، علاوة على صعوبة الحصول عليه بسبب عدم وجود الإبل في المناطق القريبة من الأسواق والمستهلكين. لذا، جاءت فكرة نقل تلك الفائدة من خلال منتجات مختلفة يمكن تسويقها بسهولة مع مرور الوقت، بإنتاج وإبداع محلي بحت. يعد هذا المشروع أحد مشاريع مسار الخير الجديدة التي تدعم المرأة وتمكنها اقتصادياً، ومساندة مشاريع مسار الخير لعدد من السيدات، ضمن أسس ودراسة بالشراكة مع جهات مختصة.
كما أن مربي الإبل يمكنهم الاستفادة من هذا الإنتاج من خلال تسويق الحليب بشكل أفضل وإنتاج كميات أكبر منه. هذا يعد من أنواع الدعم الذي يمكن تقديمه لمالكي الإبل المتواجدين في المناطق النائية، مما يساعدهم على أن يكونوا أكثر إنتاجية ودعم عائلاتهم بشكل أوسع.
وتتمنى الزبون أن يكون هناك اهتمام أكبر من الجهات الأهلية والرسمية لدعم الإنتاج في مجال التجميل والعناية الشخصية التي يتم إنتاجها من الحليب، كونه المشروع الأول في المملكة المتخصص في هذا المجال. بالإضافة إلى أن أسعار المنتجات متوسطة ويمكن التسويق لها بطريقة مناسبة، كونها مسوقة من جمعيات خيرية تسعى لتوفير دعم مادي للنساء العاملات في المشروع. كما تأمل الزبون في زيادة حجم الإنتاج لتكون الفائدة لأطراف عدة من أبناء المجتمع المحلي في مجالات الإنتاج والتصنيع والتسويق.
وكلما توسع المشروع وزاد، اتسعت رقعة التسويق وارتفعت قيمة المنتج، خاصة وأن جميع الريع مخصص للسيدات العاملات في جمعية شفا بدران الخيرية. إذا تم توسيع حجم الإنتاج والدعم، سيكون هناك إمكانية لزيادة عدد السيدات اللواتي سيصبحن رائدات ومنتجات ومعيلات لأنفسهن وعائلاتهن.
توضح الزبون دور مركز الخناصري لتنمية الثروة الحيوانية في تزويد الجمعية بكميات مناسبة من حليب الإبل، بالإضافة إلى دور الخبراء في صناعة الصابون ومستحضرات العناية بالبشرة والشعر. يتم بعد ذلك عرض المنتجات على مؤسسات تجيز تسويقها وفقاً للمواصفات والدراسات المخبرية.
ولكون المشروع ما يزال مقتصراً على المجتمع المحلي في مناطق محدودة في عمان، تسعى الزبون، بالتعاون مع جهات عدة ومسار الخير، إلى طرح فكرة المشروع الأردني الرائد من نوعه، الذي يمكن أن يشكل نقلة نوعية في مجال مستحضرات العناية الشخصية بإنتاج محلي كامل. حالياً، يباع المنتج فقط داخل جمعية شفا بدران الخيرية، والعمل جار على توسيع نقاط البيع والتسويق، وتجهيز حملة إعلامية وإعلانية مناسبة. والريع بالكامل خيري، ويستفيد منه عائلات في مناطق نائية وسيدات بحاجة للعمل لإعالة عوائلهن.

 

 


ويدعو القرالة أيضاً مختلف المؤسسات الرسمية والخاصة المهتمة بالقطاع الإنتاجي لدعم هذا المشروع، حتى يصبح منتجاً محلياً يعود بالنفع على مربي الإبل والسيدات اللواتي يعملن على تحسين أوضاعهن. وتهدف المبادرة إلى إصدار المنتج بطريقة حضارية باستخدام مكان وأدوات حديثة، وتطويره ليصبح علامة تجارية أردنية بامتياز.

تغريد السعايدة/الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة