من هو «سعــد» فــي تــراثنــا الشتــــوي ؟
السعد الأول: سعد الذابح
يمتد لمدة 12,5 يوم (اثني عشر يوما ونصف اليوم). سميت هذه الفترة بسعد الذابح بسبب كميات الامطار التي تهطل فيه بغزارة. وتقول الحكاية ان راعياً كن يرعى بقره بعيداً عن مكان سكنه، في اليوم الاول من شباط، داهمته الامطار الغزيرة دون توقف. وعندما لم يجد مغارة قريبة يأوي وقطيعه اليها، اضطر هذا الراعي واسمه سعد، الى ذبح بقرة من قطيعه والالتحاف بجلدها طوال فترة المطر التي استمرت اثني عشر يوماً ونصف اليوم، وفي رواية أخرى ناقة مما نجاه من موت محقق. حيث كان ذبحه للبقرة والتحافه جلدها سبباً في نجاته من الامطار الغزيرة.
وعندما عاد الى عشيرته استقبلوه مهنئين بعودته سالما، وبحكمته في الالتحاف بجلد بقرته بعد ذبحها، معتبرين جميعا ان ذبح بقرة من قطيعه والتحافه جلدها كان السبب الرئيس في نجاته من الهلاك، انتشرت قصة سعد وذكاؤه بين الناس حتى سموا هذه الفترة من الشتاء بـ «»سعد الذابح»» نسبة له ولعمله. ويبدو انهم اطلقوا ايضا على الفترات التي تلي سعد الذابح والتي تساويه في طول المدة بـ « سعد» ايضا مع التفريق بينهما بالصفات. وفي رواية أخرى خرج سعد للبحث عن ابل ضلت وكان يقود ناقة واشتد البرد والزمهرير بينما والده كان في بيته وقلق على ابنه وعندما اشتد البرد ويئس من عودته كان يقول
إن ذبح سعد نجا سعد، وكان سعد قد ذبح الناقة واختبأ بداخلها وأكل منها وعندما عاد إلى والده اخبره بالحال وهكذا كان.
السعد الثاني: سعد بلع:
وتسمى الاثنا عشر يوما ونصف اليوم التي تلي سعد الذابح بـ» سعد بلع»، وتمتاز هذه الفترة بان الارض تبتلع الامطار التي تهطل طوال هذه الفترة ويقال حينها ان «الارض وسيعة ( واسعة)» لتعكس قدرة الارض على ابتلاع كمات المطر التي تهطل عادة في هذا « السعد».ويقال كذلك ان سعد جاع وصار يقطع من لحم البقرة ويأكل لذلك تسمى بسعد بلع.
السعد الثالث:سعد السعود:
وهو السعد الثالث في الموسم الشتوي الواحد، ومدته كأشقائه وهي اثنا عشر يوما ونصف اليوم، ويمتد الى الايام الاوائل من شهر آذار. بمعنى ان شهري شباط واذار يشتركان فيه. ويقال « في سعد السعود تدور المية في العود». اي تتحرك العصارة في اغصان الاشجار. وتلاحظ هذه العصارة عند كسر اي غصن صغير من شجرة.
ويتخلل هذا «السعد» ما يسمى بـ « المستقرضات» وهي سبعة ايام. منها اربعة ايام من شهر شباط وثلاثة ايام من شهر اذار، تهطل فيها الامطار طوال هذه الايام السبعة بغزارة. والمستقرضات لها حكاية في التراث الشعبي لبلاد الشام وسمي سعد السعود لنجاة سعد من التجمد حيث سعد بذوبان الثلج وبدء خروج الزهور من مكامنها
الايام المستقرضات وحكايتها: يحكى ان سيدة عجوز تملك قطيعا من الغنم. ما ان شارف شهر شباط على الانتهاء حتى راحت تتحدى المطر وتتندر على شهر شباط الخباط الذي يكاد ينتهي دون ان يلحق بها ولا بماشيتها اي اذى. سمعها شهر شباط، فقرر ان ينتقم منها ويرد اعتباره واعبتار موسم الشتاء عموماً. فما كان منه الا ان استصرخ ابن عمه شهر اذار ليقرضه عدداً من ايامه الماطرة مخاطبا اياه « «يا اذار يا ابن عمي ثلاثة منك واربعة مني حتى نهلك هذه العجوز ونخليها(ندعها) في الوادي تغني»» اي تصرخ طالبة النجدة بينما تجرفها وما شيتها مياه الوادي.
فما كان من شهر آذار الا ان استجاب لنداء رد الاعتبار، واقرض ابن عمه ثلاثة ايام ماطرة، اضافها شباط الى اربعة من ايامه. تواصل المطر طوال الايام السبعة حتى جرف العجوز وغنمها. ودفعت العجوز ثمن استهتارها بشهر شباط وبامطار شهر شباط. ويقال في رواية ثانية انها حرقت مغزلها حتى تتدفأ به من شدة البرد
السعد الرابع:سعد الخبايا
وهذا هو السعد الاخير، وسمي بهذا؛ لان الافاعي ومثيلاتها تخرج من جحورها، بعد فترة السبات الشتوي الطويلة. ذلك ان الشمس بدأت ترسل اشعتها على الارض، واخذت حرارة الجو بالازدياد واكتست الارض بالازهار ومختلف الاعشاب بفعل اشعة الشمس وحرارتها التي تبعث الحياة. وليست الافاعي هي التي تخرج من جحورها فحسب بل العقارب والسحالي والجراذين وغيرها من الزواحف التي تنشط صيفاً وتبيت شتاءً. ويقال بسعد الخبايا بتطلع الحيايا من الزاويا وكذلك بيتفتل الصبايا وبسعد الخبايا بيبرطع الجمل وبيولد الحمل.
نبيل عماري/ الدستور
التعليقات مغلقة.