نافذة على الزمن الجميل ( الشيخ إحمد الحامد أبو سيف ) // / بقلم فرح خليفات

يشرفني أن ألتقي بكم مجددا ً لتسليط الأضواء على قامة رفيعة من قامات بلدتي عنجرة حيث كان لتلك القامة مكان الصدارة في عقود القرن الماضي ولعبت أدواراً أساسية ومحورية ومتميزة على مستوى الأردن بشكل عام ومستوى عجلون وعنجرة بشكل خاص .
بالتأكيد هناك من سبقني في الكتابة عن هذة الشخصية الفذة في فترات سابقة ولكن جميل جداً أن نكتب اليوم هذا المقال المُقتضب ليبقى الجيل الجديد على معرفة بتلك القامات كي تستمر الذكريات عنهم حاضرة في كل مكان وزمان .
لن أُطيل المقدمة وسأختصر ما أمكنني ذلك كي يستمر عامل التشويق والجذب حتى قراءة المقال لآخر حرف فيه مُراعياً بذلك ألا أكون مُقصراً بحقهِ ما أمكنني ذلك ، حديثنا اليوم يدور عن الشيخ المغفور له بإذن الله ( إحمد الحامد أبو سيف ) .
فقد ذاع صيته وامتدت علاقاته خارج منطقة عجلون و الأردن حتى وصلت فلسطين وسوريا ومصر وغيرها ، وما كان هذا ليحصل عبثاً بدون محبة الناس له وخدماته الجمة لهم وكل ذلك لم يأتي من فراغ فقد كان يتمتع بعلاقات متميزة مع العديد من رجالات الدولة وخاصة مع سمو الأمير عبدالله الأول ( المؤسس ) التي كانت تتكرر زياراته له في ديوانه العامر الكائن في منطقة رأس العين في منطقة عنجرة وأحيانا المبيت .
كاتب هذا المقال يذكر جيداً تلك الشخصية الرائعة حقاً في حقبة سبعينيات القرن الماضي فعرفته إنساناً حكيماً متواضعاً متسامحاً حتى مع خصومه إن وجدوا وأيضاً هادئ الطبع عذب الكلام ثاقب النظرة وأنيق المظهر وكل الناس آنذاك عرفوه بهذه الصفات وأهمها الكرم الفائق .
ولد الشيخ أبو حمزة ( كما كان يُكنَّى ) في قرية عنجرة عام ١٨٧٣م بشهادة ولادة عثمانية ، أما والده حامد أحمد أبو سيف كان يسكن في بيت قناطر وبجانب حارة المسيحيين وكانت تربطه معهم علاقات حسن الجوار ، أما أشقاؤه هم محمد وعلي وهو أكبرهم سناً ، وأبنائه هم ( حمزة وقد توفي شاباً ،عبد الحميد، عبد المجيد، عبدالله ، حمزة ، حامد ، محمود ، صبري ، عاطف ، عارف ، نايف وعاكف بالطبع هؤلاء من زوجاته الثلاث أما الزوجة الرابعة فلم ينجب منها ) ، وكان من المعمرين فقد بلغ من العمر الثامنة بعد المئة ، تلقى تعليمه الأولي في المدارس المسيحية ، وقد أرسله والده إلى سوريا بعدما أنهى دراسته في عجلون ، ونستدل من ذلك مدى تأثير إختلاطه بالمجتمع المتمدن على توسيع مداركه وحسن إدارته .
لن أتحدث عن حياته الخاصة وهي مليئة بالأحداث الهامة أيضاً وذلك إختصاراً على القارئ الكريم ، الشيخ إحمد الحامد أبوسيف ( أبو حمزة ) أول من أَدْخلَ جهاز الراديو والهاتف وبعد ذلك التلفزيون إلى عنجرة والأهم من ذلك أصبح أول رئيس لبلدية عنجرة عام ١٩٥٥ واستمر حتى عام ١٩٧٣ وإليه يعود الفضل بتأسيس بلدية عنجرة دون المرور بمجلس قروي بسبب علاقته بالقصر الأميري الفريدة ، ولكن بالرغم من هذا الإنجاز الكبير له في ذاك الزمن الجميل إلا أنه وجدَ الكثير من المعارضة لإنشاء البلدية داخل مجتمع يسوده الجهل والأُميِّة وقتذاك أولاً وثانياً ظناً من المُعارضيين بأن البلدية ستجلب على كاهلهم المزيد من الضرائب بوجودهم في بيئة تفوح منها رائحة الفقر الشديد ، ولا ننسى بأن نسبة الأُميِّة آنذاك كانت لا توصف ولكن نرى اليوم بأن نسبة التعليم وحاملي درجة الدكتوراه تلفت الأنظار حقاً .
ونحن في مجال الحديث عن البلديات لا بد من التذكير بأن تم ( تعيينه ) رئيساً لبلدية عجلون من عام ١٩٤٠ وحتى عام ١٩٥٥ وخدمته في هذا المركز أتاحت له المجال لبناء علاقاته مع شخصيات ومسؤولين ومعارف على مستوى الأردن وخارج الأردن ، وكان ترتيبه الثالث من بين رؤساء بلدية عجلون اللذين تولوا هذا المنصب رئاسة البلدية وهنا وجب ذكر مَنْ سبقوه : – ( عيسى قبعين ١٩٢٠- ١٩٣٢ ) ( يعقوب السبعي ١٩٣٢- ١٩٤٠ ) ، ومن المهم ذكره أيضاً هنا بأن تعيينه قد جاء بأمر من القصر الأميري في عمان ، بعدها تم نقله لبلدية عنجرة وهذا يُشير إلى مدى علاقته مع سمو الأمير عبدالله الأول ، وهنا سأذكر أسماء أعضاء أول مجلس بلدي في بلدية عنجرة تم تعيينهم بتنسيب من الرئيس دون المرور بانتخابات بلدية وهم ( سعِّيد المسعود زوايدة ، عبدالحافظ العبود ، محمود العلي الفارس ، محمد محمود النعيم ، سليمان المصطفى الزغول و محمد صالح الندى ) موزعين على أغلب عشائر عنجرة ، وكان الرئيس يُدير تلك البلديات بل كفاءة واقتدار .
دعونا نذكر لكم أهم إنجازات الشيخ إحمد الحامد أبوسيف على صعيد قرية عنجرة : –
1- أنشأ أول مدرسة حكومية عام ١٩٣٨ .
2- تأسيس بلدية عنجرة عام ١٩٥٥ .
3- عمل على رسم العديد من الشوارع وفتحها وإنارتها .
4- عمل على توظيف العديد من أبناء عنجرة وخاصة في القوات المسلحة حيث أن إبنه حمزة كان يُشغل مدير التجنيد في القيادة العامة في خمسينات القرن المنصرم .
5- عمل على إفراز أراضي عنجرة عام ١٩٣٣ وكانت عنجرة أول بلدة أردنية يتم فيها ذلك .
6- عمل على تحويل بعض عيون الماء في عنجرة إلى ملكية عامة .
أما الشيخ المغفور له فقد أشغل الكثير من الوظائف منها على سبيل المثال: موظف في الجهاز العثماني الإداري ، وضيفة ( تحصل دار ) على مناطق الكورة والأغوار الشمالية يلي ذلك رئاسته بلديتي كل من عجلون وعنجرة .
إذن نستطيع القول بأن كل أركان الزعامة والوجاهة قد توفرت في شخصيته الفريدة . ولكم أن تتخيلوا معي مدى أهمية وجود هكذا شخصية في مجتمع كانت تسيطر عليه كل عوامل البساطة وضعف التعليم والفقر وخاصة مع أوائل القرن العشرين ، يبقى الشيخ المغفورله أبو حمزة رمزاً وعنواناً للمحبة والإخاء والوفاء للأردن أولاً ولعجلون ثانياً .
إنتقل إلى رحمة الله تعالى عام ١٩٨١ تاركاً خلفهُ إرثاً مباركاً من الأبناء والأحفاد إضافه إلى صفات متميزة قلما تجتمع معاً في شخصية واحدة في قرية عنجرة أو غيرها، آنذاك واستودعكم بحفظ الله ورعايته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة .
الأستاذ فرح خليفات الأكرم
بإسم عشيرة السيوف وبالنيابة عن أحفاد المرحوم أبو حمزه نرجوا منكم تقبل وافر التحية والتقدير لما أبديتموه من تقدير ومحبة الى عشيرة السيوف وعنجره وعشائرها المقدرة عامه وذلك بإلقاء الضوء على نهضة عجلون وعنجره وبعض ما بذله أبو حمزه خلال فترة التطوير.
كلنا أمل بأن يتم تخليد أسم المرحوم الشيخ أحمد حامد السيوف أبو حمزه على أحدى شوارع عجلون وعنجره أو أحد الميادين العامة أو القاعات الرئيسية في البلديات أو المدارس وذلك أسوة بما هو مطبق في بلديات قرى عجلون أو مدن المملكة الكبرى.
كل الشكر لكم وندعوا الله أن يحفظ الوطن بخير