هدم منازل 86 عائلة مقدسية في حي البستان ينتظر التنفيذ
دخل قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم منازل المقدسيين في حي البستان ببلدة سلوان، في القدس المحتلة، حيز التنفيذ، منذ يوم أمس، بعد انتهاء المهلة التي حددتها لطرد 86 عائلة فلسطينية من مدينتهم لصالح المستوطنين، وسط رفض فلسطيني واستياء أوروبي واسع.
ورفض المقدسيون الانصياع للقرار بعدما انتهت أمس المدة الزمنية المحددة بـ21 يوماً التي أمهلتها سلطات الاحتلال لأهالي الحي المقدسي التاريخي، إما بهدم منازلهم بأنفسهم أو أن تقوم بالمهمة مع تغريم السكان كلفة الهدم، وهو الأمر الذي ناهضه الأهالي، مؤكدين تمسكهم بأرضهم ووطنهم، وعدم مغادرته مطلقاً.
تنفيذ قرار الاحتلال بإخلاء 86 عائلة فلسطينية، تضم 725 فرداً، قسراً من منازلهم لصالح جمعية “عطيرات كوهانيم” الاستيطانية المتطرفة، يعد خطوة ضمن مخطط إسرائيلي للاستيلاء على حي البستان المقدسي، الممتد على مساحة 70 دونماً، بالكامل، وطرد نحو 1550 نسمة منه لصالح المستوطنين.
ويُنذر نفاذ قرار الاحتلال بالهدم بجريمة إسرائيلية ضد حي فلسطيني كامل، بالإضافة إلى حي “بطن الهوى” القريب من “البستان”، والقريبان بدورهما من المسجد الأقصى المبارك بمسافة لا تبعد سوى 300 متر عنه فقط.
ويُواجه المواطنون الفلسطينيون في القدس المحتلة قرابة 33 ألف قرار هدم، لمنشآت سكنية وتجارية فلسطينية، بينما تمنع سلطات الاحتلال الأهالي من البناء في 86 % من مساحة سلوان، والبالغة 6540 دونماً، مقابل السماح بإقامة آلاف الوحدات الاستيطانية ضمنها.
ويُشار إلى أن سلطات الاحتلال تسعى منذ العام 2005 لهدم حي البستان بحجة بناء حديقة يهودية مكانه، إلا أن أسر الحي ومن ورائهم المقدسيين خاضوا مواجهات مع قوات الاحتلال لمنع ذلك.
وفي تشرين الثاني (نوفبمبر) 2004، قررت ما يسمى بلدية الاحتلال في القدس، هدم منازل المقدسيين في حي البستان بحجة البناء من دون ترخيص، فيما بدأت، في مطلع العام التالي، بتوزيع أوامر الهدم على سكان الحي، وقامت خلال العام نفسه بهدم بيوت تابعة لعائلتين فيه، وفق الأنباء الفلسطينية.
وإثر ضغوط دولية، وافقت بلدية الاحتلال العام 2006 على تعليق قرارات الهدم، لحين قيام السكان بـ”ترخيص” منازلهم، وعند قيامهم بتقديم مخطط هيكلي للحي رفض بادعاء ضرورة الحفاظ على تلك المنطقة “مفتوحة”.
بعد ذلك اقترحت ما يسمى بلدية الاحتلال، العام 2009، اخلاء السكان من منازلهم طواعية إلى منطقة أخرى، إلا أنهم رفضوا ذلك بشكل قاطع، فقامت، العام 2010، بتقديم مخطط جديد لإقامة متنزه سياحي “حديقة الملك” في حي البستان، وأخطرت بهدم نحو 22 من المباني القائمة، على أن يجري النظر في مصير بقية المباني، وعادت في العام ذاته وأبلغت السكان بنيتها هدم الحي كاملا.
وقد جوبه القرار الإسرائيلي برفض أوروبي، وفق ما جاء على لسان المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي شادي عثمان، الذي أكد بأن موقف الاتحاد فيما يتعلق بالقدس المحتلة والاستيطان واضح وهو الرفض القطعي للمشاريع الاستيطانية.
وقال عثمان، في تصريح له أمس، إن “الاتحاد يعمل عبر القنوات السياسية ومن خلال الحوار بين الدول الأعضاء والجانب الإسرائيلي على محاولة وقف هذه السياسة، وضمان ألا يكون هناك تهجير للمواطنين الفلسطينيين في مدينة القدس”.
وقال إن “حي الشيخ جراح أحد تلك المناطق التي يسعى الاتحاد الأوروبي للحيلولة دون تهجيرها”، لافتا الى أن الاتحاد على تواصل مستمر مع كل مكونات المجتمع المقدسي، والمجتمع المدني، ومع القيادة الفلسطينية، للاطلاع على ما يجري في حي الشيخ جراح، وفي الأحياء الأخرى، وتحديداً سلوان.
وبين عثمان أن موقف الاتحاد الأوروبي من ما يحدث في حي الشيخ جراح هو حساس وصعب، ولا يمكن أن يقبل بتهجير السكان الفلسطينيين تحت أي ذريعة، باعتبار هذا الحي قائم على أرض فلسطينية محتلة، وبالتالي حكومة الاحتلال وفق القانون الدولي ملزمة بحمايتهم وليس تهجيرهم.
وأوضح بأن “الجهود الآن منصبة لضمان عدم تهجير سكان الحي، ونأمل بأن تكون هناك بوادر إيجابية”.
من جانبها؛ قالت حركة “حماس”، إن مساعي الاحتلال لهدم حي البستان وحي “بطن الهوى” وتشريد الأهالي من حي الشيخ جراح، في القدس المحتلة، يعد استكمالاً لقرار “ضم” القدس المشؤوم، وتعبيراً عن عقلية التطهير والاستئصال التي يمارسها الكيان الإسرائيلي.
وأضافت الحركة، في تصريح لها بمناسبة مرور أربعة وخمسين عاماً على القرار الإسرائيلي بضم شرقي القدس في حزيران (يونيو) 1967، إن محاولات الاحتلال ضم مدينة القدس، “مخطط صهيوني لا يتوقف، يقابله تحد فلسطيني لن يفتر”.
واعتبرت أن معركة “سيف القدس” (التي أطلقت مسماها على حرب الاحتلال ضد غزة في شهر أيار الماضي) خير رد على ما يسمى قانون “الضم”، إذ قلبت الطاولة فوق رأس الاحتلال الذي ظن أنه يملك التحكم وترسيم الوقائع في القدس، والاعتداء على الأهالي بالقمع والتشريد دون أن يحرك الشعب الفلسطيني ساكناً، فجاءه الرد مدوياً من غزة وسائر فلسطين.
وأضافت أن “قرار ضم شرقي المدينة، واعتباره سياسياً وإدارياً تحت سيادة الاحتلال، ومن ثم عاصمة له، فتح الباب واسعاً أمام الاستيطان في جبال القدس وضواحيها، حيث كان التطبيق الفعلي له قد بدأ مع وضع الاحتلال الصهيوني، حجر الأساس الأول، في إقامة أول تواجد يهودي في الحرم القدسي”.
وبينت “حماس” أن ذكرى هذا القرار المشؤوم تمر وحرب المحتل الضروس على القدس تضرب أطنابها، ومحاولات التهويد والتقسيم للمسجد الأقصى تغرس أنيابها عميقا في جسد القدس.
ولفتت إلى أن حكومة الاحتلال تتذرع بقرار إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، باعتبار القدس عاصمة للاحتلال، لتنفيذ الاعتداءات وإعادة ترسيم “سيادة” موهومة له على القدس بفرض إجراءات على المسجد الأقصى، وتغيير معالم في البلدة القديمة، وتشديد الخناق على المقدسيين وملاحقتهم وتهجيرهم عن القدس.
ودعت جماهير الشعب الفلسطيني إلى مواصلة الانتفاض لأجل القدس، وأن يقضوا مضاجع المحتل كلما تجرأ في العدوان على الأقصى أو على الأهالي في القدس، واعتبار معركة “سيف القدس” مستمرة إلى أن يتوقف الاحتلال عن عدوانه.
كما دعت الحركة، العالم العربي والإسلامي للتحرك للحفاظ على هوية القدس والمسجد الأقصى، وحثت المجتمع الدولي على الوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني فيما يتعلق بالقدس، والذي أيده أكثر من قرار أممي ببطلان قرار وإجراءات الاحتلال بالخصوص.
وكالات
التعليقات مغلقة.