هل تكبح صواريخ “خرداد” الإيرانية الغارات الإسرائيلية على سورية؟
طهران – مع استمرار استهداف ما تسميها إسرائيل “أهدافا إيرانية” في سورية، أعلنت وكالة “إرنا” الرسمية الإيرانية التوصل إلى اتفاق تزوّد طهران بموجبه الجيش السوري بصواريخ الدفاع الجوي “15 خُرداد” لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، فهل تتمكن تلك المنظومة من كبح الغارات الإسرائيلية.
وذكرت الوكالة الإيرانية أن “الهجمات المتتالية من قاذفات النظام الصهيوني وفشل أنظمة الدفاع الروسية إس-300 وإس-400 المتمركزة في سورية في التعامل معها، دفعت السلطات العسكرية السورية إلى شراء نظام الدفاع الجوي الإيراني (15 خرداد)”.
وجرى الاتفاق خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها قادة القوات الجوية السورية إلى إيران واجتماعهم مع وزير الدفاع الإيراني وكبار القادة العسكريين، والتي جاءت بعد الهجمات الإسرائيلية في 19 الشهر الماضي.
ويدور الحديث وفق مصادر مطلعة غير رسمية، عن صفقة وُقعت في طهران، تشمل 3 مراحل، وجرى حتى الآن تنفيذ المرحلتين الأولى والثانية الخاصتين بأماكن نشر المنظومة وتوفير البنى التحتية لها في سورية، وكذلك تدريب السوريين على كيفية استخدامها وإدارتها. وما تبقى، الذي تم الاتفاق عليه السبت الماضي، هو تسليم المنظومات إلى دمشق ونصبها.
ويقول الخبير في العلاقات الإيرانية العربية ورئيس تحرير القسم الدولي في وكالة “مهر” الإيرانية محمد رضا مرادي، إن سورية حليف إستراتيجي لإيران ومن الطبيعي أنه من أجل فهم هذه الخطوة يجب أن ننظر إلى القضايا من هذه الزاوية. ويرى مرادي أن نهج إيران يستند إلى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
ويأتي نصب مضادات جوية متطورة خارج الأراضي الإيرانية للمرة الأولى وعلى “حدود” إسرائيل، في ظل تراجع الدبلوماسية والتفاوض وسيطرة فكرة المواجهة في كل ما له علاقة بإيران وملفاتها النووية والصاروخية وما تعتبره مناطق نفوذ، كما يقول الخبير مرادي.
ويلفت إلى أن النظام العام في منطقة الشرق الأوسط والخليج ليس كما تريده إيران، مضيفا أن جهودها تهدف إلى إنشاء نظام مبني على وحدة مصالح المنطقة وترسيخ الأمن فيها بمساعدة الدول الأخرى المؤثرة فيها مثل السعودية وقطر وتركيا والإمارات.
وفي اتجاه إنشاء هذا النظام، يقول مرادي “من الطبيعي أن تعمق إيران علاقاتها مع كل دول المنطقة، لأنها ستكون أحد الأطراف المهمة في هذا النظام”. مضيفا أن “تطور العلاقات لن يقتصر على الصعيدين السياسي والاقتصادي، بل سيطال التعاون العسكري أيضا كجزء من إستراتيجية إيران، ومن هذا يأتي بيع الأسلحة العسكرية لسورية أو أي دولة عربية أخرى”، على حد رأي مرادي.
وفيما يخص تأثير هذه الصفقة على خطوات عودة سورية إلى “الحضن العربي”، يستبعد مرادي أن تضر هذه الصفقة عملية “تطبيع” العلاقات بين الدول العربية وسورية، ويرجع ذلك مساعي إيران للتقرب من الدول العربية وتجنبها إثارة أي خلاف جديد معها.
وبالمقارنة مع المنظومات الدفاعية الروسية الموجودة لدى النظام السوري، يقول الخبير في الشؤون الإيرانية ورئيس تحرير جريدة “الوفاق” الرسمية مختار حداد، إن منظومة “15 خرداد” دقيقة ومتطورة وتنافس المنظومات المشابهة في مختلف دول العالم، “حيث طورت الجمهورية الإسلامية قدراتها العسكرية لا سيما في مجال الدفاع الجوي خلال السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ”.
ولا يعتقد حداد بضرورة وجود فرق أو أفضلية بين المنظومات الروسية المستقرة في سورية ونظيرتها الإيرانية، نافيا أن تكون روسيا قد منعت سورية من استخدام منظوماتها المستقرة في دمشق بسبب علاقاتها مع إسرائيل قبل الحرب الأوكرانية.
وفي هذا الصدد، يرى المحلل أن إسرائيل قد تكون استهدفت مناطق من الأراضي السورية لم تغطها المنظومة الروسية في سورية، لم تواجه بأي تصد سوري.
ويقول الدبلوماسي الإيراني السابق أبو القاسم دلفي إن المنظومة الدفاعية الروسية في سورية “لا تلبي احتياجات الأخيرة أو من الممكن أن موسكو لم تسمح لدمشق باستخدام جميع إمكانيات المنظومة للتصدي للهجمات الإسرائيلية”، موعزا ذلك إلى “تنازلات” قدمتها موسكو للغرب لعودتها إلى الشرق الأوسط من خلال وجودها في سورية.
وعما إذا كانت تستطيع هذه المنظومة التصدي للغارات الإسرائيلية المتكررة، يقول مختار حداد إن تزويد إيران لسورية بهذه المنظومة يأتي في سياق التعاون الإستراتيجي بينهما، مؤكدا أن منظومات إيران الدفاعية متطورة “ولا شك أنها ستساعد سورية في الدفاع عن أراضيها والتصدي لأي هجمات إسرائيلية”.
ومن جانب آخر، وبعد أن أعلنت إسرائيل أنها ستزود أوكرانيا بمنظومة الدفاع الجوي “القبة الحديدية” دفاعا عنها مقابل المسيرات الروسية، يستبعد الخبير مختار حداد أن يكون هناك اتفاق بين إيران وروسيا حول تسليم طهران لدمشق منظومة “15 خرداد” للدفاع الجوي، رغم وجود تعاون دفاعي بين إيران وسورية منذ 40 عاما.
ويُبعد الدبلوماسي أبو القاسم دلفي التعاون الإيراني الروسي في ظل “محور المقاومة” عن حسابات إيران مع الشرق وعلاقاتها مع روسيا وحتى الصين.
ويضيف حداد أن إيران لا تريد أن تصبح طرفا في الحرب الأوكرانية بهذا الشكل، موضحا أن “هناك من يدعم أوكرانيا مثل الكيان الصهيوني والغرب وحلف الناتو، بينما أكدت إيران أنها لا تريد دعم أي من الأطراف في هذه الحرب. وفي حال أرادت روسيا الرد على الدعم الإسرائيلي لأوكرانيا فسترد من دون الاستعانة ببلد ثالث مثل إيران أو سورية”.
وتستطيع منظومة “15 خُرداد” تحديد أهداف مختلفة، بما في ذلك الطائرات الحربية والطائرات المسيرة في نطاق 150 كيلومترا، وتستطيع تتبعها على مدى 120 كيلومترا.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.