هل يسهم بنك البذور بتحقيق السيادة الوطنية على الأمن الغذائي؟

فيما يتوجه الأردن حثيثا لإنشاء بنك بذور وطني، أكد خبراء زراعيون أهمية هذا البنك لحفظ الأنواع والأصول الجينية من الزوال والاندثار، ويعد من الخطوات المهمة للغاية في عملية التنمية الزراعية التي تساهم بزيادة إنتاجية القطاع الزراعي.

وقالوا إن بنك البذور يحقق السيادة الوطنية على الغذاء، مشيرين إلى أن هذه البنوك هي أول ما يستهدف في الدول التي تدور فيها صراعات، نظرا لأهميته الكبرى.

وفي السياق، اعتبر سفير الأمم المتحدة للأغذية سابقا والخبير الدولي في الأمن الغذائي فاضل الزعبي أن بنك البذور هو من الخطوات المهمة جدا في عملية التنمية الزراعية وزيادة إنتاجية القطاع الزراعي، ولذلك لا بد من الحرص على توفير هذا البنك في أي دولة في العالم.
وأضاف الزعبي أن البنك فضلا عن أنه يسهم بتحقيق الأمن الغذائي من ناحيتين؛ الأولى تتمثل بالحفاظ على البذور الوطنية الملائمة للبيئة المحلية والمناسبة جدا لإعطاء إنتاجية مناسبة لهذا القطاع.
أما الناحية الثانية، ولأن بنك البذور يتحمل دورا آخر في عملية تطوير هذه البذور والحفاظ على شبكاتها الوراثية الأصيلة، بحيث تكون قادرة على تحمل التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، والصمود بوجه الملوحة والجفاف وشحة المياه، وهذا كله جهد يقع ضمن زاوية توفر هذه المواد المحلية لرفع سوية المزارع، بحيث يكون عائد الزراعة بالنسبة له أفضل، وبالتالي تحقيق مستوى من التنمية الريفية.
وبين أن من شأن البنك أن يحقق السيادة الوطنية على الغذاء، وهذا مهم جدا، مشيرا إلى أن ذلك تجسد في عدة مواقف، منها ما حدث للعراق على سبيل المثال، إذ كان أول استهداف بيت البذور العراقي، وكذلك الأمر في سورية حيث كان المستهدف الأكبر مراكز بحوث البذور في حلب.
وقال الزعبي، إننا في الأردن خطونا خطوة كبيرة على صعيد توفير هذا البنك الذي تم بمبادرة ملكية، وبدعم وتمويل من الجامعة الهاشمية والمركز الوطني للبحوث الزراعية، والذي تم الانتهاء من بنائه.
وأضاف أن البنك سيكون مصدرا وكنزا وطنيا أردنيا مهما للحفاظ على التنمية الزراعية المستدامة، والذي سيسهم بزيادة دخل المزارعين وزيادة توفير السلع الغذائية المحلية بشكل اقتصادي مناسب، ناهيك عن إسهامه في عملية تسريع التنمية وزيادة نسبة مشاركة قطاع الزراعة في الدخل القومي، وسيكون لهذا الأمر أثر كبير في تشغيل الأيدي العاملة، وفي زيادة حركة السوق على صعيد حلقات الإنتاج، ابتداء من المزرعة، وصولا إلى التصنيع الغذائي والأسواق وغيرها.
من جهته، بين وزير الزراعة الأسبق سعيد المصري، أن موضوع بنك البذور يعد مرفقا مهما لحفظ الأنواع والأصول الجينية من الزوال والاندثار.
وحول كيفية تحول بنك البذور إلى قطاع منتج للبذار المحسنة من الأصول الجينية indigenous species، فقال المصري إنه صناعة متقدمة تستوجب التعاون بين البنك ومراكز البحوث المتخصصة، مع استثمارات القطاع الخاص، أو عن طريق استثمار شراكة القطاعين الخاص والعام، وعندها يمكن أن يساهم البنك في إنتاج البذار المحسنة التي توائم البيئة المحلية.
فيما قال مدير اتحاد المزارعين محمود العوران، إن تطوير وبناء بنك البذور الوطني أتى بتوجيهات من جلالة الملك، ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، عقب أزمة كورونا، وبعد اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، ما استدعى وجود هذا البنك نظرا لأهميته في تحقيق الأمن الغذائي واستقراره.
وأضاف العوران إن أهم ما يستوجب توفيره للبنك أن يبنى على قاعدة بيانات، وكذلك تحديد الأصناف التي نعتزم التركيز عليها، فمثلا نحن نعرف أن هناك بعض الأصناف من النباتات عمرها 150 سنة، فنلجأ إلى دراسة الوضع المناخي، ومن خلال الإحصاءات العامة، يمكننا معرفة طبيعة الطقس والمناخ في تلك الفترة، بحيث تتعايش مع هذه الأصناف ضمن التغيرات المناخية، ويكون هناك بحث علمي حقيقي يتزامن مع علم الأرصاد والعلم الوراثي.
والأهم من ذلك، بحسبه، العمل من خلال بنك البذور على صيانة موروث نباتي أردني يستطيع الاستجابة للتغيرات المناخية ومقاومة الآفات ويتحمل الجفاف وشح المياه.
يذكر أن وزير الزراعة خالد الحنيفات قال خلال زيارته السبت الماضي إلى بنك البذور الوطني للاطلاع على سير العمل بتجهيزاته ضمن المركز الوطني للبحوث الزراعية، إن البنك جاء بتوجيهات ملكية وفق رؤية التحديث الاقتصادي والخطة الوطنية للزراعة المستدامة والإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، لحفظ الموروث النباتي، بالتعاون مع الجامعة الهاشمية.
وأضاف إن تأثير الأزمات الأخيرة التي عصفت بالعالم، نبهت الدول إلى أهمية الأمن الغذائي في المحافظة على استقرارها وأمنها، مشيرا إلى أن جلالة الملك نبه إلى ذلك في حوار بورلوغ عام 2020، إذ كانت توصياته نبراسا وموجها للعمل العالمي والمحلي لمواجهة الأزمات وتأثيرها على الأمن الغذائي.

عبدالله الربيحات/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة