هل يغرق جيش الاحتلال في كمائن العنكبوت؟
مع توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي نحو كيلومتر واحد داخل قطاع غزة، وتطويقها خلال الأيام الماضية لمدينة غزة من عدة محاور قاطعة شمال القطاع عن جنوبه، أكد مسؤولون من كيان الاحتلال أنهم فرضوا كماشة على مدينة غزة في الجزء الشمالي من القطاع المكتظ بالسكان.
وأوضحوا أن الجنود يخوضون قتالا مع مقاتلي حماس على بعد مئات الأمتار إلى الشمال والجنوب، الا أن قوات الاحتلال تواجه باستمرار كمائن من الأنفاق تحت الأرض، ما أدى إلى مقتل 30 جنديا حتى الآن، مع أن المقاومة الفلسطينية تشكك في الرقم وتؤكد أنه أكبر.
ومع تأكيد وزير دفاع كيان الاحتلال يوآف غالانت في مؤتمر صحافي عن “معارك ضارية داخل غزة”، مع دخول قواته لمناطق مأهولة، إلا أن العديد من المصادر الأمنية أكدت أن ما ينتظر القوات البرية الإسرائيلية في غزة لن يكون نزهة، لا سيما مع وجود شبكة أنفاق بنتها حماس على مدى سنوات، تمتد مئات الكيلومترات ويصل عمقها إلى 80 مترا، كانت وصفتها الأسيرة الإسرائيلية يوشيفيد ليفشيتز التي أفرج عنها الشهر الماضي، بأنها “شبكة عنكبوت”.
ووصفها خبير أمني بأنها “أكبر بعشرة أمثال من أنفاق فيت كونج”، أو الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام، وفق ما نقلت رويترز.
كما كشفت مصادر مطلعة في الغرب والشرق الأوسط أن لدى حماس أنواعا مختلفة من الأنفاق الممتدة أسفل قطاع غزة الساحلي الذي تبلغ مساحته 360 كيلومترا مربعا وأسفل حدوده، بما في ذلك أنفاق للهجوم والتهريب والتخزين والعمليات.
وذكر مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة تعتقد أن القوات الخاصة بكيان الاحتلال ستواجه تحديا لم يسبق له مثيل، إذ سيتعين عليها خوض قتال مع حماس مع محاولة تجنب قتل الرهائن المحتجزين تحت الأرض.
فعلى الرغم من أن دولة الاحتلال أنفقت كثيرا على وسائل كشف الأنفاق، بما في ذلك حاجز تحت الأرض مزود بأجهزة استشعار أطلقت عليه اسم “الجدار الحديدي”، ما يزال يعتقد أن حماس لديها أنفاق تصلها بالعالم الخارجي.
وكان يحيى السنوار القيادي الرفيع في حماس، الذي توعد غالانت أمس بقتله، قال بعد جولة التصعيد في 2021، “بدأوا بالقول أنهم دمروا 100 كيلومتر من أنفاق حماس. أنا أقول لكم إن ما لدينا من أنفاق في قطاع غزة يزيد على 500 كيلومتر. يعني لو صحت روايتهم فهم دمروا فقط 20 %”.
التقديرات بامتداد الأنفاق لمئات الكيلومترات أيدها بشكل واسع العديد من المحللين الأمنيين، على الرغم من أن طول الشريط الساحلي المحاصر لا يتجاوز 40 كيلومترا.
من جهتها، تعتقد حماس أنه مع التفوق العسكري الإسرائيلي سواء بالقدرات الجوية أو بالآليات العسكرية المدرعة، فإن الأنفاق هي وسيلة لتقليص بعض هذه المزايا من خلال إجبار الجنود الإسرائيليين على التحرك تحت الأرض في مساحات ضيقة يعرفها مقاتلو حماس عن ظهر قلب.
يشار إلى أن مصادر أمنية من الاحتلال كانت قالت سابقا أن القصف الجوي الإسرائيلي المكثف ألحق أضرارا طفيفة بالبنية التحتية للأنفاق.
وقال أمير أفيفي القائد السابق بالجيش الإسرائيلي “على الرغم من هجومنا المكثف لأيام وأيام، فإن قيادة حماس ما تزال متماسكة إلى حد كبير وقادرة على توجيه الأوامر والسيطرة، بل وحتى قادرة على محاولة شن هجمات مضادة، مضيفا أفيفي الذي تقلد مناصب كبيرة منها نائب قائد فرقة غزة المكلفة بالتعامل مع مسألة الأنفاق، “توجد مدينة بأكملها أسفل غزة على عمق يتراوح ما بين 40 و50 مترا. ثمة مخابئ ومقرات ومخازن وبالطبع هي متصلة بأكثر من ألف موقع لإطلاق الصواريخ”.
فيما قدرت مصادر أخرى عمق الأنفاق بما يصل إلى 80 مترا.
في حين أكد مصدر أمني غربي “أنها تمتد لأميال… وهي مصنوعة من الخرسانة وبشكل جيد جدا. كما أنها تبلغ عشرة أمثال أنفاق فيت كونج” وأشار إلى أنه كان لدى حماس “أعوام عدة وكثير من المال لحفرها”.
بينما رأى مصدر أمني آخر من إحدى الدول المجاورة لدولة الاحتلال أن أنفاق حماس من مصر ما تزال نشطة، موضحا أن “سلسلة الإمداد ما تزال تعمل دون تأثر”، وفق زعمه.
فيما أفاد مصدران أمنيان وتاجر في مدينة العريش المصرية بأن عددا صغيرا من أنفاق التهريب الضيقة والعميقة كانت ما تزال تعمل حتى وقت قريب بين مصر وغزة، لكنها تباطأت جدا منذ اندلاع الصراع .
من جهته، رأى أمنون سوفرين القائد السابق لسلاح الهندسة القتالية أن القوات الإسرائيلية ستواجه داخل غزة “الكثير من الأفخاخ الملغومة”. وقال” لديهم أسلحة حرارية لم تكن لديهم في 2021 وهي أكثر فتكا.. أعتقد أنهم حصلوا على الكثير من أنظمة الأسلحة المضادة للدبابات التي سيحاولون أن يضربوا بها ناقلات الجنود المدرعة والدبابات”.
وأضاف سوفرين، الذي كان أيضا رئيسا سابقا لإدارة المعلومات الميدانية في الموساد، أن حماس ستحاول أيضا اختطاف جنود.
يذكر أن حفر الأنفاق بدأ حتى قبل 2005 حينما سحبت دولة الاحتلال جنودها والمستوطنين من غزة وفازت حماس في انتخابات 2006، لكنه أصبح أسهل على الحركة منذ ذلك الحين.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.