وادي الأردن: 10 سنوات والقطاع الزراعي في تراجع مستمر
وادي الأردن- يخوض مزارعو وادي الأردن منذ نحو 10 سنوات، معارك خاسرة في مواجهة التحديات التي أنهكتهم ماديا ومعنويا، وها هم يستقبلون موسمهم الجديد بتحد هو الاعظم، بالنسبة للقطاع الزراعي يتمثل بشح مياه الري.
وقد بدأ الموسم بخسارة الاسواق التصديرية، لارتفاع كلف الإنتاج ومشكلة العمالة الزراعية، وغياب الدعم الحكومي وتمسك المزارع بالأمل بعودة الاوضاع إلى سابق عهدها، وهذه مجتمعة، عوامل اغرقت المزارع بالديون، وحرمته من القدرة على الاستمرار في فلاحة الارض.
ويرى الخبير الزراعي المهندس عبدالكريم الشهاب، ان القطاع الزراعي يعاني مشكلات مزمنة، تعاظمت في السنوات الاخيرة وما تزال تنتظر حلولا، موضحا ان بعض هذه التحديات عائد الى التغيرات المناخية، كالصقيع والفيضانات والرياح وتراجع الهطول المطري، وانتشار الامراض والآفات الزراعية، وارتفاع ملوحة التربة، وبعضها بسبب العشوائیة وعدم وجود تشريعات وقوانين وانظمة لتنظيم القطاع الزراعي، واخرى سياسية نتيجة الاوضاع الامنية في الاقليم.
ويوضح، ان اهم التحديات التي واجهها القطاع في السنوات الاخيرة، وجود فائض انتاج بسبب اغلاق الاسواق التصديرية الرئيسة، ما ادى لخسائر فادحة للمزارعين، وتحملهم ديونا طائلة، حتى بات معظمهم مطلوبين للجهات القضائية.
وأشار إلى ان ما نشهده الآن من تراجع في الإنتاج، مرده هجرة شريحة كبيرة من المزارعين لأراضيهم ومزارعهم، لعدم قدرتهم على التكيف مع هذه التحديات.
ويرى الشهاب “ان تفاقم التحديات تسبب بواقع اجتماعي واقتصادي هش للمجتمعات المحلية في وادي الأردن، نتيجة تراجع مصادر الدخل وارتفاع نسب الفقر والبطالة”، مشيرا إلى انه وفي ظل شح مياه الري الزراعية، فإن القطاع الزراعي بات يواجه مستقبلا مجهولا، قد يطيح بالبقية ممن استطاعوا البقاء إلى الآن.
ويرى المزارع نواش العايد، ان اخطر ما في الأمر، بأن هذه التحديات ألقت بظلالها بشكل اكبر على صغار المزارعين ممن لم يعد بمقدورهم المنافسة مع الاستثمارات والمشاريع الزراعية الكبيرة، ما اجبر معظمهم على هجر القطاع والتوجه إلى قطاعات اقتصادية اخرى، ما انعكس سلبا على الواقع الاجتماعي والاقتصادي في الوادي بارتفاع نسب الفقر والبطالة.
ويضيف “وبرغم ان حالة من التردي طالت جميع مكونات القطاع، لكن المتضرر الأكبر، كان المزارع نفسه الذي بات عاجزا عن توفير لقمة العيش لأسرته، في حين ان التحديات ما تزال تتفاقم يوما بعد يوم”.
ويقول إن “تحديات التسويق وارتفاع كلف الانتاج والعمالة وشح المياه، باتت تهدد معظم الحيازات الزراعية الاسرية والصغيرة بالخروج من حلبة السباق، ما سيضاعف من التحديات الاقتصادية التي يواجهها ابناء الوادي، سواء صغار المزارعين او العاملين بالقطاع، ناهيك عن انعكاساته على المستهلك”.
ويعد الأردن من ضمن الدول العشر الاكثر فقرا في مصادر المياه في العالم، اذ تبلغ حصة الفرد من الموارد المائية حوالي 150 م3 سنويا، ما يزيد من اولوية مياه الشرب على حساب مياه الري الزراعية.
ويقول رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام، ان القطاع الزراعي آمن اقتصاديا واجتماعيا وغذائيا للمواطن، وهذا يستدعي وقفة طويلة وتكاتف الجهود للنهوض بالقطاع وحمايته من الاستنزاف.
ويبين ان اهمية القطاع الزراعي، تكمن في قيمته التنموية والاجتماعية، نظرا لكونه ركيزة اساسية للامن الغذائي الوطني، ومصدر دخل لمئات الآلاف من الاسر التي يمثل القطاع نمطا لحياتهم.
ويبين أن نقص المياه تحد جديد يضاف الى التحديات التي تواجه القطاع في ظل تراجع تساقط الأمطار في السنوات الأخيرة، وتراجع مخزون السدود وازدياد الطلب على مياه الشرب، ما يتطلب وضع استراتيجية وطنية شاملة، للتعامل مع التغيرات المناخية واستغلال كل قطرة ماء تهطل في فصل الشتاء، والتي يذهب معظمها هدرا.
ويلفت إلى ان المزارع الذي بات اكثر وعيا في استخدام المياه باتباع الاساليب العلمية الحديثة في انظمة الري، للتقليل من استهلاكها لاغراض الزراعة، سيكون في وضع صعب في ظل تناقص هطل الامطار على المنطقة، وازدياد تملح المصادر المائية.
ويشير الخدام الى ان تعامل الحكومات المتعاقبة مع القضایا الزراعیة، لم یرتق الى مستوى اهمیة القطاع كركيزة للامن الغذائي، ورافد انتاجي موفر لآلاف فرص العمل، مبينا ان الحلول ليست مستعصية اذا ما وجدت اراداة حقيقية وجادة، تسعى الى معالجة التحديات بدأ من التسويق الى العمالة والطاقة وارتفاع الكلف.
يذكر ان الإنتاج الخضري بوادي الأردن يشهد تراجعا غير مسبوق الموسم الحالي وصل إلى ما يزيد على 50 % مقارنة بالموسم الماضي.
حابس العدوان/ الغد
التعليقات مغلقة.