وادي النخيل بالشوبك.. موقع ساحر يصلح لهواية المغامرة ينتظر الاهتمام
الشوبك – ما يزال “وادي النخيل” في لواء الشوبك بمحافظة معان يعاني الاهمال، رغم كونه منتجا سياحيا طبيعيا، بتضاريس خلابة من التشكيلات الصخرية والشلالات المدهشة والنباتات الفريدة، في لوحة فنية متكاملة مؤهلة لـ”رياضات التسلق والمغامرة والاستكشاف والاستشفاء”.
ويمكن للوادي “السحر الطبيعي” ان يكون وجهة لهواية الاستكشاف والمغامرة والتخييم للسياح والزائرين، حيث تتنوع فيه النباتات العطرية والطبية والأشجار والحيوانات النادرة والطيور المقيمة والمهاجرة، إلا أن غياب عمليات الترويج له سياحيا داخليا وخارجيا تعيق عملية استثمار الموقع بإنشاء خدمات موازية لأهميته تشجع الإقبال على زيارته والتمتع بجماليته لاسيما في فصل الربيع، ليكون متنفسا سياحيا طبيعيا.
ويشكل الوادي أيضا متعة لمن يبحثون عن روح المغامرة والطبيعة، بالمسير في سيق صخري طويل ومتعرج يشبه الى حد ما سيق البترا من حيث التكوين، بصخوره الوردية الملونة، التي تعتليها أشجار النخيل ونباتات معلقة تنمو على قمتها، وتمتد جذوعها وتعلق بين الصخور بطريقة عجيبة وأشكال غريبة وقد تفرعت وانطلقت لتشكل أسطورة بالقدرة على البقاء، وتكمل هذه اللوحة الفنية من ألوان الصخور والنخيل مسارات مائية تقع بجبال شاهقة وشلالات وينابيع متفرقة فيما تأتي أشعة الشمس متخللة الشقوق الصخرية والنباتات لترسم لوحة الضوء والظلال.
يقول هشام الطورة من سكان اللواء، ما تزال مواقع سياحية وأثرية وطبيعية في لواء الشوبك رغم أهميتها السياحية والعلاجية على هامش النشاط السياحي، مغيبة عن الخريطة السياحية.
ويطالب الطورة بإيلائها الاهتمام لها وضرورة الترويج السياحي للواء، وإدراج مناطقه ضمن البرامج السياحية الحكومية وتوفير الخدمات لتساهم في دفع عجلة التنمية، لافتا الى ضرورة إعطاء وادي النخيل الاهتمام والرعاية من قبل وزارة السياحة، وإضافته إلى المسار السياحي الجديد والذي يتضمن قلعة الشوبك والبترا، وإقامة العديد من الخدمات فيه كأماكن انتظار ومركز دفاع مدني واستراحة، كونه يشكل منطقة جذب سياحية مهمة.
وبين عبدالله الشوبكي، أن مسؤولية وادي النخيل تقع على عاتق المكاتب السياحية بترويجه كمكان مميز ونادر وذي إطلالة غاية في الروعة والجمال، لكي يصبح الوادي واحدا من الأماكن المهمة ومقصدا يرتاده عشاق الاستكشاف والمغامرة من الداخل والخارج، مشيرا الى أن الزائر وقبل وصوله إلى مكان الوادي يقطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام نتيجة وعورة الطريق وافتقار المنطقة لطريق معبد وخدمات سياحية وصحية واستراحات.
ويؤكد أحمد البدور، أن وادي النخيل يعد من أهم المناطق الطبيعية في الشوبك التي تصلح لسياحة المغامرات والاستكشاف غير أنها لم تلق الترويج السياحي والاهتمام الكافي حتى الآن، مبينا أن المنطقة يقصدها عدد قليل من الزائرين من المناطق المجاورة للشوبك وبعض المجموعات السياحية، إلا أن هذا العدد لم يصل إلى مستوى الطموح، نظرا لعدم توفر الخدمات.
واعتبر محمود الشقيرات، أن وادي النخيل بمثابة منجم سياحي وبيئي واستشفائي، إلا أن افتقاره للبنى التحتية والخدمات لجذب الكثيرين للتمتع والاستشفاء أبعده عن أهميته الإستراتيجية، لافتا إلى أن الوادي يحتاج إلى خطة طموحة لتوفير خدمات الجذب السياحي ما يعني فرص عمل وقيمة مضافة لقيام منشآت سياحية، وحدائق ونزلا بيئية، داعيا إلى مزيد من الاهتمام ودعم مساعي التنمية السياحية في المنطقة التي تمتاز بجماليات متنوعة، تتطلع لأن تكون مقصدا أكثر أهمية للسياح القادمين من شتى دول العالم.
وقال علي الرفايعة، إن وادي النخيل يحتاج إلى جهد وعمل جماعي من جميع الأطراف المختصة من خلال إيجاد مرافق وخدمات سياحية للزوار، مع إمكانية إنشاء منتجع سياحي بمعايير دولية يحوي مشروعات زراعية وبيئية على مقربة من المنطقة، بهدف إنعاش التنمية السياحية في اللواء وتوفير فرص عمل وجذب المستثمرين للمنطقة.
وكانت دراسة علمية أجراها الباحث البروفسور عمر الخشمان، من جامعة الحسين بن طلال العام الماضي تطرقت الى عوامل استدامة الجذب السياحي والاهتمام بما يزخر به لواء الشوبك من خصائص وميزات سياحية ومقومات بيئية وطبيعية وتنوع حيوي فريد من نوعه على مستوى العالم، من خلال استغلال هذه الثروات والتي ستسهم بجذب الزوار وتنشيط الحركة السياحية بشكل أفضل وتجعل من القطاع ذراعا لتعزيز واقع التنمية في اللواء.
وأوضحت الدراسة، أن وادي النخيل الذي يبلغ طوله أكثر من 20 كلم يحتوي على تنوع بيئي متميز وشلالات وبرك صغيرة وعدد كبير من الينابيع المائية والتي تعتمد في تدفقها على معدل سقوط الأمطار، وخاصة الثلوج، لافتة إلى أن مصادر المياه في الشلالات والبرك والينابيع المائية في منطقة الوادي عذبة ونظيفة وتمتاز بجودة ونقاوة وصالحة للشرب، وهي منطقة جاذبة لأنواع كثيرة من الطيور والحيوانات والنباتات النادرة وتشمل ما يقارب (400) نوع نباتي و(227) نوعا حيوانيا وطيورا، ووجود أشجار النخيل وغيرها من الأشجار ذات جمالية بيئية مميزة.
وبينت الدراسة، أن أهمية الوادي الذي يعتبر موقعا سياحيا مهما في المنطقة تتشكل كونه يأتي من منطقة غورية غرب مرتفعات الشوبك الشاهقة تمتاز بوجود مقومات السياحة الطبيعية والبيئية والجيولوجية والأثرية، بالإضافة إلى السياحة الامتع هي سياحة المغامرات الآمنة، حيث إن الأودية والجبال المطلة على البرك والشلالات والتي تجعل من عشاق المغامرات والاستكشاف والهدوء والطبيعة الخلابة مكانا مناسبا لممارسة مثل هذه الهوايات.
وأوصت الدراسة، أنه وبهدف تطوير وتنمية المنطقة من خلال الاستثمار فيها بالتركيز على سياحة المغامرات الآمنة من خلال مغامرة النزول على البرك بالحبال والسباحة فيها ومغامرة السير في المسارات الجبلية واكتشاف الكهوف أو تسلق الجبلي، والاستكشاف وحب الاستطلاع والتمتع بالمناظر الخلابة، خاصة في فصل الربيع الذي يحوي أنواعا جميلة وفريدة من الورد والاقحوان والزهور الطبيعية، إلى جانب أن تكون المنطقة مكان استجمام ونقاهة لكثير من المرضى الذين يعانون الأمراض الصدرية وبعض الأمراض المزمنة لغايات العلاج والاستشفاء.
وأكدت الدراسة، أن الاستثمار يتطلب تحسين وتطوير الخدمات الأساسية وضرورة تزويد المنطقة بالكهرباء والمياه وتعبيد الطريق الواصل للمنطقة، وإقامة مخيمات ومرافق وشاليهات سياحية وبيئية مكملة كالساحات والمظلات وغيرها وإيجاد مركز متخصص لتدريب الهواة لتقنيات تسلق الجبال وكيفية استخدام المعدات والعمل عليها بالطريقة المناسبة لضمان سلامة المغامرين وهواة تسلق الجبال.
من جهته، اكد مدير سياحة محافظة معان حمزه كريشان، ان لدى وزارة السياحة خطة بتطوير واستغلال مسارات جديدة في لواء الشوبك، ما يجعل الاهتمام بوادي النخبل أولوية قصوى ليكون هناك تنوع سياحي ومنتج جديد يجذب المزيد من السياحة الخارجية والداخلية.
واعتبر كريشان ان الوادي يشكل لوحة جمالية سياحية نادرة وهو ما يستعدي توفير بعض العوامل الضرورية لتهيئة الأجواء الملائمة للزوار وخاصة لمحبي الطبيعة والمغامرات والاستكشاف والتحدي.
واشار إلى أن الوزارة تضع تطوير الواقع السياحي في لواء الشوبك على برامج وخطط عملها وضمن الأولويات، كما أنه سيتم إدراج موقع الشوبك على العديد من الرحلات والبرامج التي تنظمها الوزارة، لافتا الى حرص الوزارة على النهوض بواقع السياحة في اللواء من خلال الترويج المستمر لما يزخر به اللواء من خصائص وميزات سياحية وطبيعية فريدة ومتنوعة.
وكان أمين عام وزارة السياحة والآثار الدكتور عماد حجازين، قد كشف خلال اجتماع عقد في مقر الوزارة مؤخرا، عن خطة عمل حكومية لتطوير السياحة في لواء الشوبك والتي تعمل عليها الوزارة.
وأكد حجازين، أن خطة التطوير تشمل محاور إعادة تأهيل وتحسين الخدمات في مركز زوار الشوبك، وإنشاء مركز للتحدي والاستكشاف، وتأهيل أربع مسارات، بحيث يتم البدء بتأهيل مسار (وادي النخيل – وادي غوير) كمرحلة أولى.
وقال، إنه سيجري البدء بترميم المرحلة الأولى من قرية الجاية، من خلال المباشرة بأربعة بيوت تراثية، بحيث يتم لاحقاً دراسة توفير المخصصات اللازمة لاستكمال ترميم القرية التراثية، مؤكداً ضرورة العمل على وضع دراسة لإضافة مسار مؤهل للسير على الأقدام يربط مركز الزوار بقلعة الشوبك، وإقامة سوق للحرف اليدوية المحلية بالقرب من مركز الزوار.
وأضاف حجازين، أن هذه المشاريع هي حالياً قيد الإجراء ومخصصاتها متوفرة للتنفيذ، إذ تم الانتهاء من إعداد الدراسات ووثائق العطاء لتنفيذ مشروع إعادة تأهيل مركز زوار الشوبك، وإنشاء مركز للاستكشاف والتحدي، موضحاً أن الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي هي من تمول مشروع إعادة ترميم قلعة الشوبك، وترميم أربعة بيوت في قرية الجاية، وتأهيل مسار (وادي النخيل – وادي الغوير)، وكذلك توفير سوق للحرف بالقرب من مركز زوار الشوبك.
حسين كريشان/ الغد
التعليقات مغلقة.