“وادي عربة”.. فرص وإمكانات كامنة تنتظر الاستغلال
العقبة -رغم ما تتمتع به منطقة وادي عربة شمال مدينة العقبة، من مقومات سياحية وزراعة، إلا أنها ما تزال تعاني من غياب المشاريع الاستثمارية التي تحد من نسب الفقر والبطالة بالمنطقة التي تصنف ضمن أحد جيوب الفقر بالمملكة.
وكانت منطقة وادي عربة قد ضمت وبقرار من مجلس الوزراء قبل 10 أعوام إلى سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بهدف جذب استثمارات اقتصادية وتنفيذ مشروعات مختلفة وهو ما تسعى اليه سلطة العقبة من خلال مخططها الشمولي 2040.
وتعمل جهتان على تطوير المنطقة، الأولى: وهي شركة تطوير وادي عربة التي أنشئت في عام 2016، وهي مسؤولة عن تطوير وتنمية كامل المنطقة، والثانية: وهي سلط العقبة، ومسؤولة عن تنمية المساحة الممتدة من مدينة العقبة شمالا إلى ما بعد منطقة قطر ورحمة والبالغة 80 كلم.
ويطالب سكان المنطقة بتوفير مشاريع استثمارية زراعية لما توفره المنطقة من مساحات زراعية واسعة، اضافة الى إقامة مشاريع سياحية باستغلال التضاريس والطبيعة الخلابة للمنطقة.
كما يطالب السكان بتطوير منطقتهم، لتصبح حاضنة للصناعات والطاقة المتجددة، والزراعة العصرية لتعزيز الإنتاج الزراعي المحسن، وحاضنة جيوبيئية فريدة بمقاصدها ومساراتها السياحية المتنوعة، إضافة إلى تنمية المجتمعات المحلية وتمكينها في أراضيها.
وتقع منطقة وادي عربة في الجزء الجنوبي من المملكة، والى الشمال من مدينة العقبة، ويقطنها ستة تجمعات سكانية ذات كثافة سكانية متدنية تبلغ (5) فرد/كم2 وبعدد (1911) أسرة وبما لا يتجاوز (9500) نسمة، وعلى الرغم من وقوع المنطقة ضمن ثلاث مناطق ذات نمو اقتصادي واستثماري متسارع إلا أنها تصنف من مناطق جيوب الفقر في المملكة.
ويطالب أبناء وادي عربة بإيجاد شراكة حقيقية بين القطاع الحكومي والمجتمعات المحلية والجمعيات الزراعية، لتطوير القطاع الزراعي وتوظيف التقنيات الحديثة لحل مشاكل القطاع الفنية والتسويقية.
يقول أحمد الاحيوات، إن منطقة وادي عربة ما تزال تفتقد إلى وجود إستراتيجية لتنمية المنطقة تقوم على مفهوم تنموي شامل لجذب النشاطات الاقتصادية المختلفة، وبما يسهم برفع سوية الخدمات المقدمة لأهالي، لا سيما أن ما يزيد على 70 % من سكان وادي عربة دون خط الفقر، وهناك نسبة عالية جدا من البطالة تتفشى بين السكان الذين يبلغ عددهم نحو 10 آلاف يتوزعون على مساحة ألفي كيلومتر مربع، مشيرا إلى أن تعدد المرجعيات الإدارية وتبعثر الجهود الإنمائية، وغياب التنسيق بين الجهات التي تعمل في وادي عربة مع عدم وجود إستراتيجية تنموية ومخطط شمولي، أدى إلى قلة وتعثر المشاريع وزيادة الفقر والبطالة، مؤكدا أن الحل يكون بإيجاد آلية ومظلة لتوحيد الجهود أو تحويل المنطقة إلى إقليم تنموي وزراعي وإعداد إستراتيجية تنموية شاملة بمنهجية تشاركية وتطوير مخطط شمولي للمنطقة، خصوصا أن المنطقة زاخرة بالأماكن السياحية والأراضي الزراعية والثروات المعدنية.
وأشار الخبير التنموي الدكتور محمد الفرجات أنه قبل أعوام صدر قانون شركة تطوير وادي عربة للاهتمام بالمنطقة من جنوب البحر الميت وحتى حدود مدينة العقبة، ومضمون الرؤية حسب القانون الجديد هو تحويل منطقة وادي عربة إلى حاضنة للصناعات الثقيلة والمتوسطة والزراعة العصرية، وتنمية السياحة فيها لتصبح مقصدا سياحيا عالميا، للسياحة البيئية والفلكية والجيولوجية والآثارية، إضافة إلى تنمية المجتمعات المحلية وإشراكهم في العملية، وجعل الطاقة المتجددة من الشمس وتحلية المياه عصبين داعمين للعملية.
يقول الفرجات مشروع البوتاس يحد منطقة الاختصاص لتطوير وادي عربة من الشمال، والعقبة الاقتصادية الخاصة بمطارها الدولي وموانئها ولوجستياتها تحد المنطقة من الجنوب، مما يجعل مستقبل وادي عربة واعدا، وينتظر منه أن يعود على الأردنيين بالنفع والفائدة، الى جانب أهمية إنشاء “مركز دراسات وأبحاث التكيف والتعايش مع آثار التغير المناخي” في منطقة رحمة، ليتبع لشركة تطوير وادي عربة، ليقدم الدراسات والأبحاث المتخصصة بالجفاف والزراعة العصرية، وأبحاث وابتكارات تكنولوجيا تحلية المياه والطاقة المتجددة والبيئة، ليصبح في يوم من الأيام معهدا قادرا على استقطاب المشاريع العلمية وطلبة الدراسات العليا من شتى أنحاء العالم، ويستقطب المنح الدولية والتمويل للدراسات والأبحاث.
ويقول المواطن محمد السعيديين إن المنطقة تحتاج الى تنمية حقيقية تبدأ من الإنسان وتطويره، ليكون قادرا على خدمة وطنه على أكمل وجه خاصة مع توفر البيئة الطبيعية بمواردها وثرواتها والتي تشكل مفارقة كبيرة، حينما تقارن مع خصائص المجتمع المحلي ونوعية الحياة التي يحياها، ويتجسد ذلك في ضوء ما يتوفر لهذه المنطقة من فرص تنموية واعدة للاقتصاد الوطني بشكل عام، وما ينتظرها من مشاريع تنموية إستراتيجية على المستويين الوطني والإقليمي طال انتظارها.
ووفق أرقام دائرة الإحصاءات العامة، فإن 70 % من سكان المنطقة تحت خطر الفقر، فيما تقدر إحصاءات غير رسمية أن نسبة البطالة بين السكان تزيد على 28 %.
ويتوفر في منطقة وادي عربة فرص استثمارية كبيرة أمام القطاع الخاص في مجالات السياحة البيئية، فالمنطقة تعد واحدة من أهم مناطق الترواث الطبيعية التي تفتح الآفاق لسلسلة غير متناهية من الأفكار في مجال تنمية السياحة البيئية، إذا ما أخذت كبرنامج متكامل يجمع عناصر الجذب في البتراء ورم والعقبة مع صحراء وادي عربة ومرتفعاتها ومرتفعات الشوبك الغربية.
في المقابل، تعمل شركة تطوير وادي عربة كشركة مساهمة خاصة على إدارة وتشغيل مشاريع الري بالتنسيق مع سلطة وادي الأردن بمتابعة وتنفيذ مشاريع الري ومصادر المياه. وتم السير في تنفيذ مشاريع خاصة من قبل الشركة ومن مخصصاتها المالية وعلى الرغم من أنه لم يتم فصل موازنة الشركة عن موازنة سلطة وادي الأردن، إلا أنها تعمل جاهدة لاستحداث موازنة خاصة بها والبحث عن طرق وفرص أخرى لتمويل مشاريعها وتحقيق إيرادات خاصة بها، بالإضافة الى مشروع ري قاع السعيدين (الريشة) والذي يهدف إلى مكافحة مشكلتي الفقر والبطالة والعمل على الاستقرار السكاني في هذه المنطقة وتحسين ظروفهم المعيشية.
كما عملت الشركة على مشروع ري بئر مذكور من خلال إعادة تأهيل وتشغيل 4 آبار في المنطقة، إلى جانب مشروع ري رحمة ويتضمن تقسيم المساحات الى وحدات زراعية بمساحة 20 دونما لكل منها.
وبينت الشركة ردا على استفسارات “الغد” أنها تعمل على تنفيذ مشروع إنتاج الأعلاف المستدام بهدف التوسع في زراعة القمح والأعلاف بالتعاون مع المجتمع المحلي للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي وسد فجوة الأعلاف التي يعاني منها قطاع الثروة الحيوانية.
ويضم المشروع أربعة مواقع رئيسة، موقع بئر مذكور ويشتمل على (32) وحدة زراعية من الوحدات المخصصة للمزارعين وموقع قاع السعيديين وموقع القريقرة ويتألف من الوحدات الزراعية المخصصة للمزارعين بمساحة إجمالية قدرها (210) دونم وموقع قاع السعيديين المؤجر من المزارعين لشركة تطوير وادي عربة بمساحة تبلغ (400) دونم بواقع (20) وحدة زراعية.
ويوفر هذا المشروع للمزارعين المستفيدين منه كافة الآليات الزراعية اللازمة، بدءا من عمليات التسوية والحراثة، وانتهاء بأعمال الحصاد، إضافة إلى البذار والأسمدة وتجهيز الوحدات الزراعية وتوريد وتركيب شبكات الري والمضخات وإنشاء وتجهيز البرك الزراعية، وبلغت كلفة المشروع حوالي مليون ومائة ألف دينار.
من ناحيتها وفي الجزء المخصص التابع لسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ولمسافة 80 كلم، تعمل السلطة بالشراكة مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي “جايكا” على وضع تصور جديد لـ80 كم من وادي عربة والتي ضمت قبل سنوات للسلطة لتمكين المنطقة من أن تكون منطقة جذب صناعات خفيفة ذات قيمة مضافة بتنافسية عالية.
هذه الخطط الطموحة والتي لم تكتمل بعد ستجعل من المنطقة بؤرة تركيز استثمارية لكبرى الشركات العالمية خاصة في الاستزراع الشمسي والصناعات الغذائية خاصة بعد اكتمال مشروع جر مياه البحر للمنطقة الشمالية الغربية للمدينة السياحية بالإضافة الى مشاريع الاستزراع السمكي وهي مشاريع ممكنة اقتصاديا وغير مكررة وصديقة للبيئة.
وسيعمل المخطط الشمولي والتصور المبدئي للمنطقة على نهضة اقتصادية شاملة في غضون السنوات القليلة القادمة من خلال تنفيذ مشاريع صناعية وزراعية وسياحية ونقل وغيرها التي ستوفر بمجملها آلاف من فرص العمل لأبناء المنطقة وغيرهم، وما يرافقها من تحولات جذرية في حياة مواطني المنطقة والتصدي لظاهرتي الفقر والبطالة وانعكاسات ذلك على تحسن مستوى المعيشة في جميع المجالات التعليمية والصحية والسكنية والاجتماعية والخدماتية وغيرها.
ويؤكد مدير التخطيط في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة المهندس خالد أبو عيشة أن المخطط الشمولي والذي يناقش الآن على مستوى عالي إلى جانب عقد لقاءات حوارية مع كافة الجهات والشركاء في جميع القطاعات أخذ بعين الاعتبار كافة الملاحظات لا سيما المساحة المحدودة للمدينة، مؤكدا أن المنطقة الشمالية للعقبة باتجاه منطقة وادي عربة ولمسافة 80 كم ستكون منطقة واعدة سكنيا واستثماريا ولجميع القطاعات لا سيما الصناعات الخفيفة والصديقة للبيئة وغير التقليدية.
وبين أبو عيشة أن هذه الخطط الطموحة والتي لم تكتمل بعد ستجعل من المنطقة – ويقصد وادي عربة – بؤرة تركيز استثمارية لكبرى الشركات العالمية خاصة في الاستزراع الشمسي والصناعات الغذائية.
وأضاف، سيعمل المخطط الشمولي والتصور المبدئي للمنطقة على نهضة اقتصادية شاملة في غضون السنوات القليلة القادمة من خلال تنفيذ مشاريع صناعية وزراعية وسياحية.
التعليقات مغلقة.