وقف الهجرة للعاصمة والمدن الرئيسة يتطلب نقل عام كفؤا

يعد إنجاز الباص سريع التردد بين عمان والزرقاء واحدة من الوسائل لتخفيف هجرة سكان المملكة من الاطراف الى المركز، فيما يعد الشروع بالقطار ليربط أوصال المملكة في بعضها وسيلة أخرى ينبغي توفيرها للحيولة دون تكدس السكان في العاصمة والمدن الرئيسية.
يشار هنا الى أنّ عدد سكان عمّان حالياً 4.642 مليون نسمة، يشكلون 42 % من إجمالي سكان المملكة والبالغ نحو 11 مليون نسمة، تليها اربد وتضم 18.5 %، فالزرقاء التي تضم 14.3 %.
ولا بدّ من الاشارة هنا، الى أنّ 40.5 % من إنفاق الأسر الأردنية، يذهب الى السكن والمياه والكهرباء والغاز والنقل بشقيه (العام والخاص)، بحيث تظهر الأرقام المعلنة من دائرة الإحصاءات العامة حول الانفاق في 2017/2018، أن المسكن والمياه والكهرباء والغاز، تستحوذ على 23 % من إنفاق الأسرة بينما النقل وحده يأخذ 17 % من إنفاقها.
في الوقت الذي ينتظر الانتهاء من المرحلة الأخيرة من مشروع حافلات النقل السريع التي تربط عمان بالزرقاء مع نهاية العام الحالي، كشف خبيرا نقل أن المشروع الذي لم يجرب حتى الآن “سيشعر به المواطن وستكون كلفه أيسر وقليلة على جيب المواطن”، مشددين على أن مشروع الربط السككي أو القطار بين المحافظات من الأنظمة الفعالة اذا ما طبقت، إلا أن كلفه المالية عالية ويحتاج الى دعم مالي كبير.
وأشارا، في تصريحين منفصلين مع “الغد”، الى أن تمركز النشاط الاقتصادي في العاصمة عمان وفي مراكز المحافظات يتطلب التنقل اليومي بين هذه المدن، لذلك لا بد من توفير ورفع كفاءة خدمة النقل العام بين المدن لوقف الهجرة الى العاصمة والمدن الرئيسية، وهذا يؤدي الى زيادة نسبة التحضر ويحد مما ينتج عن الازدحامات من مشاكل تتعلق بالازدحام المروري والضغط على الخدمات.
وأكدا أن مشروع الباص المنتظم التردد يسهم بشكل كبير بتنظيم منظومة النقل وتحسينها، وهو الأساس لإنشاء منظومة نقل عام ذات كفاءة وموثوقية، شريطة الالتزام بإنجاز المراحل المطلوبة لتنفيذه وفقاً لبرنامج زمني محدد.
وفي السياق، قال خبير النقل وزير النقل الأسبق جميل علي مجاهد “إن هنالك أربعة أنماط من النقل بين المدن عالميا هي: نقل جوي بالطائرات، السكك الحديدية بالقطارات، الحافلات، والسيارات الخاصة، ويتم اعتماد النمط بناء على المسافة بين المدن وعدد الركاب وتكلفة النقل”، لافتا الى أن خدمة النقل بين المدن بحافلات النقل العام تعد من أكثر الأنماط استخداما، فهي خدمة آمنة وقليلة التكلفة وتسهم بالحد من استخدام السيارات الخاصة.
وتابع “إن ما يميز خدمة النقل بين المدن أن هنالك مواقف محدودة على طول المسار وموقف واحد في المدينة أو خارجها بعكس النقل داخل المدن الذي يحتاج الى التوقف أكثر من مرة للتنزيل والتحميل، إضافة الى التأخير في الرحلات نتيجة الازدحام”.
وأشار مجاهد الى أن خدمة النقل العام بين المدن في الأردن والتي تتم حاليا بواسطة الحافلات يمكن اعتبارها مقبولة من حيث أعداد وسائط النقل المتوفرة، ولكن تحتاج الى تطوير في رفع كفاءة وفعالية هذه الخدمة من حيث الالتزام بمواعيد محددة واستخدام حافلات أكثر أمنا وراحة، إضافة الى إعادة هيكلة ملكية هذه الوسائط التي غالبيتها مملوكة لمالكين فرديين مع وجود شركات نقل محدودة تعمل بين المدن.
وشدد مجاهد على أن خدمة الحافلات سريعة التردد تقدم بحافلات ذات سعة عالية وبتردد كبير، مشيرا الى أنه عادة ما يكون لها مسارات خاصة ويتم إعطاؤها الأولوية على التقاطعات، مما يجعلها خدمة ذات اعتمادية، مريحة وسريعة، لأنها قادرة على تجنب التأخير الذي يحصل نتيجة الازدحام على الطرق، ويتم اللجوء الى هذه الخدمة داخل المدن.
وحول مشروع الحافلات سريعة التردد بين عمان والزرقاء، قال مجاهد “إن تنفيذه جاء لاعتبارات كثيرة وبعد إجراء دراسات جدوى للمشروع، بينت أن حجم التنقل اليومي بين المدينتين كبير جدا والمسافة بين وسطي المدينتين قليلة، مما يتطلب تقديم الخدمة بتردد كبير وبسرعة”، وأضاف “أن هنالك ترابطا بين الأحياء السكنية بين المدينتين، وهي مناطق حضرية ذات كثافة سكانية عالية، مما يجعل من الصعب التخطيط للنقل على اعتبار أنهما مدينتان منفصلتان”. فالمشروع ناجح بالمقاييس كافة إذا ما تنفيذه بشكل جيد وفعال.
واعتبر أن تعميم فكرة خدمة الحافلات سريعة التردد بين المدن يحتاج الى دراسات جدوى لبيان مدى الحاجة الى مثل هذه الخدمة من حيث التكلفة والبنية التحتية وماذا ستضيف هذه الخدمة للمواطن من حيث السرعة والتكلفة.
وعبر عن اعتقاده أنه، واعتمادا على الدراسات التي تمت سابقا، فإننا لسنا بحاجة الى خدمة الحافلات سريعة التردد بين المدن الأردنية، وما نحتاجه الى تطوير الخدمة بالحافلات بين المدن من حيث الأعداد وتقديم هذه الخدمة بكل كفاءة وفعالية وبمواعيد محددة لتصبح ذات اعتمادية، مريحة وآمنة.
وتابع “لكن من الضروري أن يتم دراسة تنفيذ مشروع الشبكة الوطنية للسكك الحديدية التي تربط شمال الأردن بجنوبه وتمر بين معظم المدن الأردنية واستخدام الشبكة لنقل الركاب بين المدن، إضافة الى نقل البضائع، وهذا سيؤدي الى توفير خدمة النقل العام للركاب والبضائع بفعالية وكفاءة أكبر، وهو من المشاريع التي سيكون لها تأثير كبير على تطور الاقتصاد الوطني، إضافة الى تقديم خدمات نقل آمنة وسريعة وصديقة للبيئة”.
ومن جهته، قال خبير النقل وزير النقل الأسبق الدكتور هاشم المساعيد لـ “الغد”، “إن المشروع الحالي للباص السريع في عمان والزرقاء لم يتم تشغيله بعد ولا يشعر به المواطن في الوقت الحالي، ولكن هناك دراسات قبل البدء فيه تبين أن حجم الركاب كبير وبحاجة الى نمط جديد”، لافتا الى أنه تم، مؤخرا، الاتفاق على مشروع الباص السريع ونأمل بأن يفي بالغرض وأيضا هو مناسب للمواطن لأن أجوره قليلة.
وأضاف المساعيد حول الخيارات الأفضل لربط العاصمة بالمحافظات، أن مشروع القطار قد يكون أحد الأنظمة الفعالة والمناسبة، ولكن تكاليفه عالية جدا وتحتاج الى دعم كبير.
وجاء رأي الخبيرين في الوقت الذي كشفت فيه وزارة النقل، أن مشروع حافلات التردد السريع بين عمان والزرقاء في مراحله النهائية؛ حيث بلغت نسبة الإنجاز لكامل مراحل المشروع 85 % تقريبا.
وقالت الوزارة، في تصريحات لـ”الغد” على لسان الناطق باسمها علي عضيبات، إن المشروع الحيوي تبلغ كلفته الكلية حوالي 180 مليون دينار تقريبا، يسعى الى الارتقاء بمنظومة النقل في المملكة لتكون قادرة على خدمة المواطن، بحيث توفر عليه الوقت والجهد والخدمة التي تليق به، وذلك من خلال وجود شبكات نقل متنوعة ذات ملامح واضحة.
وأشار عضيبات لـ”الغد”، إلى أن الأعمال القائمة تتمثل في مشاريع حافلات التردد السريع بين مدينتي عمان والزرقاء بتوسيع طريق الأتوستراد وبناء جميع الأعمال المتعلقة بالمحطات وهدم الجسور القائمة وبناء جسور جديدة وتمديد الإنفاق الموجودة، إضافة إلى بناء التحويلات المؤقتة بحسب ما تقتضي الحاجة، والجدران الاستنادية.
وفيما يتعلق بتعويض المواطنين عن استملاكات المشروع، قال عضيبات إنه لا يوجد استملاكات؛ حيث تم العمل بالمشروع ضمن حرم الأتوستراد والبالغة 60 مترا، وفي حال تبين ضرورة الاستملاك سيتم تعويض أصحابها. وفيما إذا ما كانت هناك احتجاجات من التجار والمراكز التجارية في مثل هذه المشاريع وكيف ستعمل الوزارة على التعامل معها بسبب الأعمال الإنشائية، أشار عضيبات إلى أنه لا يوجد أي احتجاجات أو اعتراضات وردت للوزارة.
وفي رده على سؤال، هل هناك تأخير متوقع على المشروع مثل ما حدث في مشروع الباص السريع عمان؟، قال إنه لا يوجد أي تأخير في المشروع، ومن المتوقع انتهاء الأعمال المدنية نهاية العام الحالي.
يذكر أن مشروع الباص السريع يتكون من أربعة أجزاء وبطول حوالي 20 كيلومترا، وبكلفة إجمالية تقدر بـ180 مليون دينار بتمويل من الضمان الاجتماعي كمشروع استثماري، والمالك وزارة النقل.
وعن تفاصيل هذا المشروع، فإن البداية ستكون من مجمع المحطة والنهاية في مدينة الزرقاء بالقرب من المجمع الداخلي الحالي للحافلات، مروراً بمحطات عدة يتوقع أن يكون عددها أربع محطات، وسيبلغ مسار الحافلات حوالي 20 كيلومترا.
وعن عدد الركاب المتوقع نقلهم، فسيكون 4100 راكب في الساعة في الاتجاه الواحد، بواقع 23 دقيقة للرحلة الواحدة.
وحول تذكرة الرحلة في الباص السريع التي ستدفع من خلال ماكينات خاصة يدفعها الراكب قبل الصعود للباص، قال عضيبات، إنها ستكون قريبة من أجرة النقل التي تتقاضاها وسائط النقل الأخرى بين عمان والزرقاء.
ويحتاج المشروع، وفقا لعضيبات، الى مشغلين لتغذية الخط من المناطق المجاورة لمساره؛ حيث ستكون مدة الرحلة وانتظام تردد الحافلات على الخط حافزا للمواطنين للاستغناء عن مركباتهم واستخدام الباص السريع، وفق الوزارة.
وأكد أن التقدم في سير العمل يسير بوتيرة جيدة، بحيث يتم تزويد الوزارة بتقرير دوري، يتضمن سير الأعمال في المشروع، لافتاً إلى أنه تم الإيعاز بتزويد الوزارة بأي عائق يواجه سير العمل في المشروع ليصار إلى حله بشكل فوري.
يشار الى أن هناك مشروعا آخر للربط بين صويلح والسلط، يأتي استكمالا لمشروع عمان الزرقاء ومشروع الباص السريع لأمانة عمان الكبرى.

حنان بشارات/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة