الذكاء الاصطناعي والحب // سعيد ذياب سليم
يقولون أن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل الإنسان !ولما لا ؟ فقد شاهدنا “الروبوتات” تؤدي عملها في بيئات تحتاج إلى دقة متناهية كأن يجري عملية جراحية دقيقة وفي بيئات قاسية في قاع المحيط وفي الكوارث الطبيعية والحرائق بل شاهدنا أداءه في الحروب، فقد قدمت إسرائيل للعالم أجمع كيف كانت طائراتها المسيرة و كلابها الآلية على الأرض تلاحق المقاتلين الفلسطينيين وتختار أهدافها وفق معادلات و “أكواد” كان يختارها رجال “نتنياهو” فيقتلون بأعداد كبيرة لم يسبق لبشر ان فعلها في أي حرب من الحروب من قبل! هل كان اختيار الأطفال كأهداف في محيط المعركة من المعايير والشروط التي تُغذَى بها هذه الأجهزة؟
بدأت مساهمة الذكاء الاصطناعي في الإعلام على صورة “روبوتات” بصورة رجال و نساء من صفاتهم الوسامة و الجمال يقدمون الأخبار من خلال شاشات عربية و صينية و يابانية تميز أداؤها بالدقة و الخلو من الأخطاء والاستمرارية و عدم الإرهاق والتحدث باللهجات المحلية و بعدة لغات عالمية.
حدث ذلك أمام نقابات العاملين في الصحافة و الإعلام فهل لهم رأي في ذلك؟
جانب آخر بدا لنا أثناء تقديم المذيعة “للروبوت” المذيع محمد على شاشة العربية فقد لمسها بطريقة غير أخلاقية متحرشا!! هل أن موضوعات الذكورة و الأنوثة والإثارة تدخل في برمجة وتصميم أدائها ؟وماذا عن الجانب الأخلاقي و العرف العام؟ أم أن ما رأيناه محض خطأ في البرمجة!!
انتشر مقطع “فيديو” مزوّر يمثل “إيلون ماسك” مالك شركة “تسلا” ومنصة اكدس وهو يُقبل زوجة آلية تمثل آخر ما وصل إليه الذكاء الاصطناعي ! لم يفعلها الرجل لكن الفيديو تم صناعته باستخدام برامج ” Software “تعتمد الذكاء الاصطناعي .
تمكن هذه البرامج مستخدميها من تصميم شخصيات افتراضية تؤدي حركات و أقوال وباللهجات المحلية وما أكثرها على الشبكة العالمية كشخصية الفتاة المغربية “كنزة ليلى” اول مؤثرة صممها الذكاء الاصطناعي في المغرب يتابعها ما يقارب مئتي ألف شخص تتحدث في الموضة و الأسرة و المجتمع تبدو كفتاة محافظة تمثل الفتاة المغربية العصرية تستقبل الرسائل و ترد عليها على صفحتها في منصة “إنستغرام”.
لكن خيال الإنسان الآثم استطاع توظيف الذكاء الاصطناعي في تجارة الجنس وذلك بابتكار صور إباحية ثابتة و متحركة (مزورة) تمثل شخصيات افتراضية يتم تسويقها على المنصات الاجتماعية يوفرون للمهتمين ما يشاؤون من شخصيات بأعمار وسمات وأوضاع مخلة لا يمنعهم خُلق ولا حتى “الأخ الأكبر” الذي يعمل في الخفاء، جنت هذه الشركات أموال طائلة دفعت العاملين الحقيقيين في هذه التجارة للاحتجاج لدى إدارة “ميتا” ويطالبونها المعاملة بالمثل.
بدأت الدوائر القانونية -في بريطانيا مثلا- منع استخدام المبتكرين لهذه البرامج و منع تسويقها وفرض غرامات ضدهم.
لا تحتاج -عزيزي القارئ -إلى ذكاء أو مهارة خاصة للولوج إلى برامج الذكاء الاصطناعي “شات جي بي تي” فيمكنك سؤالها حول أي ناحية علمية أو اجتماعية أو ثقافية ويمكنك أن تجد حلولا و نصائح في المجال العاطفي -مثلا- وجدت أنها تحرص على الأخلاق المجتمعية وتنبهك على ذلك إن طرحت سؤالا يتميز بالشخصنة أو الحميمية.
هل تذكرون الانفجار العظيم ” Big bang”؟ هذا أشبه الأشياء باندفاع الشركات و المصممين إلى تطبيقات مصممة وفق الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات و على الأخص التطبيقات الرومانسية مثل تطبيق صديق أو صديقة الذكاء الاصطناعي ” AI girlfriend ” و ” AI boyfriend “والتي تؤمن صداقة رومانسية افتراضية تحاكي بتصرفاتها أشخاص حقيقيين ، تطبيقات تعتمد على قدر كبير من البيانات و الخوارزميات تؤمن لك رغباتك الخاصة دون أن تكون الخصوصية و الأمان مما تحرص عليه هذه الشركات فهي تدخل إلى جهازك وأسرارك و تسجل محادثاتك لكن كيف ستستخدمها هذه الشركات موضوعات لا تطرحها للنقاش. فاحرص أن لا تستغلك هذه البرامج الغبية خاصة التي تعرض خدماتها مجانا ! لماذا تفعل ذلك؟.
على مدى عقود خلت طرحت سينما الخيال العلمي أفلاما تدور فكرتها حول إمكانية وجود مشاعر حب (أو كراهية) بين البشر و الآلة وهل يمكن الربط بينهما بعلاقة بديلة للعلاقة الطبيعية يبدو أن الانسان والذكاء الاصطناعي سيقومون أخيرا بالمغامرة!
كتب الروائي البريطاني “كازو إشيغورو” الحائز على جائزة نوبل عام 2017 روايته كلارا والشمس ” Klara and the Sun ” حول فتاة “الروبوت” كلارا التي تم شراؤها من محل مختص ببيع الأجهزة الآلية المرافقة للأطفال لرفع كفاءتهم في التعليم، اختارتها “جوزي” فتاة عمرها 14 عاما، كلارا تتمتع بالذكاء و دقة الملاحظة وتتعلم باستمرار, تتغذى على طاقة الشمس وترى فيها “الإله” الذي يهب الحياة للأشياء في هذا العالم وتسميه “هو” تضطر أن ترجوه في دعاء خاص لينقذ صديقتها “جوزي” تعده فيه بتقديم أضحية تقوم فيها بتدمير الآلة المسؤولة عن نشر التلوث الذي يعزل ضوء الشمس، هذه الفتاة الآلة تحب و تكره لكن جسدها الآلي الصغير بقي كما هو ووجدت نفسها أخيرا ملقاة في ساحة للخردة تستمتع بضوء الشمس وترقب حركتها و تقلب صفحات الذكريات وقد تعطلت أنظمة الحركة لديها وباتت قواها تخبو بالتدريج وكأنها عجوز في نهاية العمر، وكما يفعل الأدب عادة زاوجت الرواية بين الواقع و المتخيل واهتمت بموضوعات إنسانية و أخلاقية وقدمت تعلق الآلة بفكرة الله وكأن تطور الذكاء الصناعي احدى مراحل التعرف إلى “الله”!
بين يدي شبابنا و أطفالنا وعلى أجهزتهم المحمولة تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تقدم لهم حلولا لمشاكلهم التي يواجهونها في الحياة و التعليم، و مصدر هائل للمتعة تجعلنا نلاحظ أن الطريقة التقليدية في التعليم و البحث تغيرت و تفرض علينا أساليب جديدة للحياة ولا شك أنها بدأت تؤثر في نفسياتهم و سلوكهم هل لاحظتم ذلك؟
أما عن تأثير الذكاء الاصطناعي على العلاقات الإنسانية و الجنس مستقبلا وبعد أن أعلنت الشركة المصنعة عن أن “شات جي بي تي” في نسخته الجديدة وغير المجانية قد امتلك ذاكرة أي أنها بدأت تعرفك و تشكل فكرة عنك من خلال أحاديثك لكن متى سيكون لها قلب تحب وتكره وتحاكي الإنسان بمشاعره فهو موضوع خيال حتى اليوم.
استخدمت تطبيقات مختلفة للذكاء الاصطناعي وطرحت عليه بعض الأسئلة ها أنا أعرض بعضها:
– ماهي الحدود القصوى للعلاقة بين الرجل والمرأة؟
**أعتقد أنه من المهم أن تكون العلاقات مبنية على الاحترام المتبادل والتواصل الصادق. يجب أن تكون الحدود واضحة ومحترمة، وينبغي الالتزام بالقوانين والأخلاقيات المحلية.
-هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يحب و هل نستطيع مبادلته الحب؟
**الذكاء الاصطناعي ليس لديه قدرة على الشعور بالمشاعر مثل الإنسان، بما في ذلك الحب. يمكن للذكاء الاصطناعي التحايل على تقديم سلوك يبدو كما لو كان يظهر حبًا، ولكن هذا ليس حبًا حقيقيًا بمعنى الكلمة.
– ماذا عن مستقبل الجنس والذكاء الاصطناعي?
** مستقبل الجنس والذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون معقدًا ومثيرًا للاهتمام. يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير تكنولوجيا جديدة لتحسين تجربة الجنس والعلاقات الحميمة. ومع ذلك، يجب أن يتم استخدامه بشكل أخلاقي ويحترم الخصوصية والموافقة. هل تود مناقشة أمر محدد حول هذا الموضوع؟
وما زال البحث مستمرا ومازال الحب موضوع خلاف في ميادين العلم والفلسفة.
التعليقات مغلقة.