الحفر الامتصاصية بالغور الشمالي.. مصائد موت للأطفال
الغور الشمالي – جددت حادثة سقوط طفل في إحدى الحفر الامتصاصية المنتشرة بكثرة وبشكل عشوائي بلواء الغور الشمالي، مطالب سكان اللواء بضرورة الإسراع في إنشاء شبكة للصرف الصحي، للحد من مخاطر انتشار هذه الحفر سواء على السلامة العامة أو البيئة.
حادثة سقوط الطفل ليست الأولى، وسبق أن سجل اللواء حوادث مشابهة لأطفال منهم من تم إنقاذه، وآخرون لم يحالفهم الحظ، وأصبحوا ضحايا الإهمال وعدم الاكتراث لخطورة الحفر التي تفتقد أغلبها لعناصر السلامة العامة.
ورغم عدم وجود إحصائية دقيقة لعدد حوادث السقوط بالحفر الامتصاصية بلواء الأغوار، إلا أن مصدرا بالدفاع المدني أوضح أنها تتكرر، وكان آخرها الأسبوع الماضي، لطفل ما يزال يعاني من أضرار السقوط.
ولفت المصدر أن حوادث السقوط أغلبها تحدث لأطفال أثناء لعبهم بالقرب من إحدى الحفر التي تفتقد لعناصر السلامة، وبينما من الممكن أن تكون الحفرة غير عميقة ويكتب للطفل النجاة مع أضرار وإصابات مختلفة، فإن اللواء سجل على الأقل وفاة طفلين نتيجة سقوطهما بحفرة امتصاصية، وهناك حوادث نتج عنها إصابات وإضرار نفسية.
خطورة السقوط بإحدى الحفر الامتصاصية لا تنتهي عند عملية الإنقاذ والنجاة، فأكثر الحالات التي نجت من مثل هذه الحوادث خضعت لعمليات تنظيف وتأهيل طبي مكثف. يؤكد مدير مستشفى أبو عبيدة الدكتور مؤيد بشتاوي، أن حوادث السقوط في الحفر الامتصاصية تكثر في مناطق الغور خصوصا في فصل الصيف، جراء لعب الأطفال بين المنازل.
وأضاف أن أغلب حوادث السقوط تكون لأطفال، مشيرا إلى أن المستشفى استقبل قبل أيام حالة لطفل يبلغ من العمر 10 سنوات كان سقط بحفرة امتصاصية، وتم إسعافه من قبل كوادر الدفاع المدني وتم تقديم الإسعافات الأولية له.
وقال البشتاوي إن نسبة الضرر الذي قد يلحق بالمصاب تعتمد على طريقتي انتشاله وإسعافه، مشيرا إلى أن أغلب حالات السقوط تؤدي إلى الموت، ولكن بعض الحفر ليست عميقة، والسقوط بها قد لا يؤدي للموت، لذلك يصل المصاب إلى المستشفى ويتم تقديم العلاج له ووضعه على أجهزة التنفس ومراقبة العلامات الحيوية ووظائف الأجهزة لديه، خوفا من حدوث أي مضاعفات، كما تتم عملية تنظيف وغسيل للجهاز التنفسي.
واشار البشتاوي إلى أن أي حالة سقوط ونجاة المصاب منها، فهو بحاجة إلى تأهيل نفسي وجسدي مكثف.
ويرى سكان باللواء، أن استمرار انتشار الحفر الامتصاصية بين الأحياء السكنية، هو تهديد حقيقي لسلامة السكان، ناهيك عن التلوث البيئي الذي تلحقة هذه الحفر بالمنطقة.
ويقول المواطن محمد القويسم من سكان الغور، إن انتشار الحفر الامتصاصية بين المنازل وفي الطرق الموصلة للأحياء الأخرى، يشكل تهديدا لحياة المواطنين، وخصوصا الأطفال منهم، علاوة على أنها مشكلة حقيقية للبيئة، كونها بيئة مناسبة لتكاثر وانتشار الحشرات الضارة.
واعتبر القويسم الحفر الامتصاصية “مصائد خطرة” تنتشر بين منازل المواطنين، خصوصا في الوقت الحالي مع دخول فصل الصيف، وغياب أماكن اللعب بالنسبة للأطفال، مما يدفعهم إلى التواجد واللعب في الشوارع والأماكن العامة وبين الاحياء، خصوصا أن أغلب أطفال اللواء ليس لديهم وسائل حديثة للترفيه عن انفسهم، وما يمكنهم فعله هو اللعب بالشوارع.
وقال علي خالد من منطقة المشارع، إن هذه الحفر تتسبب بانتشار الروائح الكريهة، خصوصا في فصل الصيف، كونها تفتقر إلى شروط السلامة العامة المطلوبة، فأغلبها مكشوفة ولا يتم نضحها، ومنها ما تفيض منه المياه العادمة بشكل دائم، مشيرا إلى أن عمليات التخلص من المياه العادمة بواسطة الصهاريج تكبد السكان مبالغ باهظة، في ظل مستوى دخل متدن.
وقال إن انتشار الحفر بشكل عشوائي، يزيد من احتمال حوادث السقوط بها، مشيرا إلى أن هناك العديد من حوادث السقوط نتج عنها حالات وفاة، وكانت تلك الحالات في بداية 2020 لطفلين من ذات المنطقة، كما أن هناك العديد من حالات السقوط في الحفر تسببت في إعاقة دائمة، وحالات ما زالت قيد العلاج لغاية الآن، مستشهدا بذلك على حادثة الطفل التي وقعت الأسبوع الماضي، وما زال يعاني الطفل من عدة إصابات مختلفة في جسمه، كما تعرض الأشخاص الذين قاموا بإنقاذه إلى جروح وخدوش والعديد من الإصابات المختلفة.
وتبلغ أجرة نضح الحفرة عبر صهريج النضح نحو 30 دينارا، ما يجعل أغلب السكان بالوقت الحالي، لا يقومون بنضح الحفر جراء عدم قدرتهم المالية، وهو أمر تتسبب بزيادة الخطورة.
ويقول والد الطفل محمد الذي سقط في الحفرة الامتصاصية، إن ابنه كان يلعب في الشارع العام، وخلال اللعب سقط في الحفرة، مؤكدا أن الحفرة لا يتوفر بها شروط السلامة العامة، وليس هناك أي علامات تحيط بها تدل على وجودها، قائلا “ابني كان يلعب مع ابن الجيران، وهو من أبلغنا عن حادثة السقوط، ولولا ذلك لما عرفنا شيئا عن الحادثة وربما ما كان بالإمكان إنقاذه”.
وأشار إلى أن وضع الطفل ما زال حرجا، ويتلقى العلاج في مستشفى الملك عبدالله الثاني.
وتشير دراسات سابقة، أن الحفر الامتصاصية في مناطق الأغوار، تهدد سلامة المياه الجوفية وتشكل كارثة بيئية لوجود عدد من الحفر بالقرب من الآبار التي تغذي المنطقة، والتي لا يتعدى عمقها 50 مترا.
وقال علي صبري، إن إقامة شبكة للصرف الصحي ستحسن من الوضع البيئي في المنطقة، كما أنها ستحد من حوادث السقوط في تلك الحفر التى تنتشر بشكل عشوائي، مشيرا إلى أن بعض المواطنين يستخدمون وسائل جديدة تماشيا مع ظروفهم المعيشية، وهي استخدام براميل سعة 100 لتر، كبديل للحفر لعدم مقدرتهم على إنشائها وعدم قدرتهم على نضحها في حال إنشائها.
بدوره، أكد عضو اللجنة المركزية عقاب العوادين على ضرورة التزام المواطنين بالشروط الواجب توافرها عند إنشاء أي حفرة امتصاصية، مهما كان عمقها، ومن أهم هذه الشروط توفير باب للحفرة وإغلاقه بإحكام، والعمل على تفريغها من المياه بين الحين والآخر، وأن تكون بعيدة عن الشارع العام.
من جانبه، أكد رئيس بلدية طبقة فحل كثيب الغزاوي، أن تكلفة إنشاء شبكة للصرف الصحي في اللواء تعتبر عائقا أمام تنفيذ المشروع الذي تقدر كلفته بأكثر من 6 ملايين دينار، موضحا أن هناك دراسات تؤكد أهمية إنشاء شبكة صرف صحي في المنطقة.
وأشار إلى أنه تم عرض الموضوع على الجهات المعنية، ولكن لغاية هذه اللحظة نتلقى وعودا سرعان ما تذهب أدراج الرياح دون تنفيذها.
ويضم لواء الغور الشمالي 3 بلديات رئيسة يتبع لكل منها عددا من المناطق، فيما يقدر عدد سكانه بأكثر من 140 ألف نسمة.
التعليقات مغلقة.