لأول مرة.. مصر تدخل سوق “التمويل الإسلامي” بصكوك بالمليارات
بصدور قانون “الصكوك السيادية”، تكون مصر قد دخلت رسميا سوق التمويل الإسلامي لأول مرة الذي يصل حجم إصدارات الصكوك به إلى 2.7 تريليون دولار، وهي صكوك يتوافق إصدارها مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
وأكد وزير المالية المصري محمد معيط، في تصريحات نشرتها رئاسة مجلس الوزراء عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن “الصكوك السيادية” ستساعد على جذب مستثمرين جدد مصريين وأجانب للاستثمار المتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية بالعملتين المحلية والأجنبية، على أن يتم قيد الصكوك المصدرة في السوق المحلي ببورصة الأوراق المالية، ويتم حفظها بشركة الإيداع والحفظ المركزي.
وأوضح أنه يتم قيد الصكوك المصدرة بالأسواق الدولية الصادرة بالعملات الأجنبية بالبورصات الدولية وفقًا للقواعد المتبعة للإصدارات الحكومية الدولية، بما يُسهم في توفير سيولة نقدية إضافية للاقتصاد المصري وخفض تكلفة تمويل الاستثمارات، خاصة أن هذه الصكوك تصدر طبقًا للصيغ المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
ولفت إلى أن إصدار قانون “الصكوك السيادية”، يسهم في تحقيق المستهدفات المالية، والاقتصادية، والتنموية من خلال تنويع مصادر تمويل عجز الموازنة العامة للدولة، وتوفير المخصصات المالية اللازمة للمشاريع الاستثمارية، على نحو يتسق مع جهود الدولة في تعزيز أوجه الإنفاق على تحسين مستوى معيشة المواطنين.
وأوضح الوزير معيط أن إصدار الصكوك يكون على أساس الأصول التي ستكون مملوكة للدولة ملكية خاصة، وذلك عن طريق بيع حق الانتفاع بهذه الأصول دون حق الرقابة، أو عن طريق تأجيرها، أو بأي طريق آخر يتفق مع عقد إصدار هذه الصكوك وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية، على أن يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتحديد الأصول الثابتة والمنقولة المملوكة للدولة “ملكية خاصة” التي تصدر على أساسها الصكوك، بحيث تكون هناك آلية لتقييم حق الانتفاع بتلك الأصول التي تصدر على أساسها الصكوك أو مقابل تأجيرها لهذا الغرض.
وأشار إلى أنه سيتم إصدار الصكوك في شكل شهادة ورقية أو إلكترونية بالمواصفات التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون، وتكون اسمية، ومتساوية القيمة، وتصدر لمدة محددة بالجنيه المصري أو بالعملات الأجنبية، عن طريق طروحات عامة أو خاصة بالسوق المحلي أو بالأسواق الدولية.
وأضاف الوزير معيط أنه سيتم إنشاء شركة مملوكة للدولة لإدارة وتنفيذ عملية “تصكيك” الصكوك السيادية الحكومية التي تكون وكيلاً عن مالكي الصكوك، على أن يتم الإصدار طبقًا لأي من الصيغ المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي تقرها لجنة الرقابة المنصوص عليها بالقانون، وعلى أساس عقد الإصدار، ويخضع إصدارها، وتداولها واستردادها للضوابط والقواعد والإجراءات المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
وقال الوزير معيط إن الحد الأقصى لمدة تقرير حق الانتفاع بالأصول التي تصدر على أساسها الصكوك أو مدة تأجيرها هو ثلاثون عامًا التزامًا بأحكام الدستور، ويجوز إعادة تأجير هذه الأصول للجهة المصدرة، مؤكدًا أنه يحظر الحجز أو اتخاذ إجراءات تنفيذية على الأصول التي تصدر على أساسها الصكوك، مع بطلان أي إجراء أو تصرف مخالف لذلك، وتقرير عقوبة جنائية على المخالفين.
وبين مؤيد ومعارض، أثار القانون جدلا كبيرا سواء داخل البرلمان أو بين خبراء الاقتصاد، وفي نهاية المطاف وافق مجلس النواب، على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن الصكوك السيادية من حيث المبدأ.
وشهدت الجلسة العامة للنواب، بحسب مواقع مصرية، جدلا خلال مناقشة مشروع القانون، حول تعريف كلمة “الأصول” الواردة؛ حيث طالب النائب ضياء داود بإضافة جملة (عدا السد العالي وقناة السويس) حتى لا يتم تداول صكوك بشأنهما باعتبارهما مشروعين مهمين.
وعلق وزير المالية، بقوله “لا توجد غضاضة في النص على ذلك، خاصة أن القانون خاص بأصول الدولة المملوكة ملكية خاصة وليس عامة”، مشيرا إلى أن “المشاريع القائمة بالفعل لن يتم تمويلها طبقا للقانون”.
وبدوره، ساق النائب محمد عبادة (حزب مصر الحديثة 11 مقعدا) جملة من الاعتراضات على مشروع القانون، من بينها الانتقاص من دور هيئة الرقابة المالية.
وقال -خلال مداخلته المصورة بالجلسة أثناء مناقشة القانون- إن الدستور جعل رقابة الهيئة عامة، وتشمل أنواع الصكوك كافة، والقانون المعروض خفف من رقابة الهيئة بشكل كبير يصل لحد الانتقاص من اختصاصها الدستوري.
وينص التعريف الوارد بمشروع القانون على أن “الأصول هي أي من الأموال الثابتة أو المنقولة ذات القيمة الاقتصادية المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لأي من الأشخاص الاعتبارية العامة، عدا الموارد الطبيعية”.
الصكوك من منتجات الدخل الثابت، وتشبه السندات التقليدية ولكن لا تُحتسب عليها فائدة. ولكنها -وفق مذكرة الحكومة الإيضاحية لمشروع القانون- تتميز بعائد مرتفع مقارنة بأدوات الدين الأخرى نظرا لارتفاع حجم المخاطر فيها.
ومصر مضطرة لطرق كل أبواب الاقتراض من أجل تلبية احتياجاتها المالية المتزايدة، من بينها متطلبات الدين الخارجي الذي قفز بنحو 14.7 % على أساس سنوي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي مسجلا 129.19 مليار دولار.
وذكرت وكالة التصنيف الدولية “ستاندرد آند بورز”، الشهر الماضي، أن آجال استحقاق الدين الخارجي للحكومة والبنك المركزي المصري كبيرة على المدى القريب، حيث تبلغ حوالي 21 مليار دولار خلال العام 2021.
وبشأن ما يثار من مخاوف على أصول الدولة، أوضح معيط أن إصدار الصكوك يكون عن طريق بيع حق الانتفاع بهذه الأصول دون حق الرقبة، أو عن طريق تأجيرها، مضيفا أنه يحظر الحجز أو اتخاذ إجراءات تنفيذية على الأصول التي تصدر على أساسها الصكوك، مع بطلان أي إجراء أو تصرف مخالف لذلك.
وبين الوزير أن الحد الأقصى لمدة تقرير حق الانتفاع بالأصول -التي تصدر على أساسها الصكوك أو مدة تأجيرها- 30 عاما التزاما بأحكام الدستور، ويجوز إعادة تأجير هذه الأصول للجهة المصدرة.
غير أن الاقتصادي المصري جودة عبد الخالق، ووزير التضامن الاجتماعي الأسبق، يرى في أدوات الدين الدولية فخا يجب الحذر منه، واتهم الحكومة بأنها “وبخلاف إحلال الديون، تقترض لسداد الديون القائمة”.
وحذر بشدة، في مقال له، من فقاعة ديون يمكن أن تنفجر أي لحظة، لافتا إلى أن خدمة الدين أصبحت مثل الثقب الأسود تكاد تبتلع كل الموارد، ووصف الموازنة الجديدة بأنها جباية واستدانة، وليست موازنة تنمية مستدامة.
وفي تقديره، فقد طرحت مصر منذ تحرير سعر الصرف في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، 10 إصدارات سندات تتراوح آجالها بين 3 و40 عاما بالأسواق الدولية، وبلغت قيمتها 26.5 مليار دولار، إضافة إلى 4 مليارات يورو.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.