الشقيقة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض التهاب الأمعاء
يعاني أكثر من مليار شخص حول العالم من نوبة شقيقة واحدة على الأقل سنويًا، ووفقًا لبحث حديث صادر عن كلية الطب بجامعة سيول الوطنية في كوريا الجنوبية، قد توجد صلة بين الشقيقة وزيادة خطر الإصابة بأمراض الأمعاء الالتهابية (IBD).
تظهر الأبحاث السابقة أن الشقيقة قد تزيد خطر تعرض الشخص لكثير من المشكلات الصحية، مثل السكتة الدماغية وأمراض القلب والصرع ومشكلات النوم والقلق والاكتئاب، وظهر أيضًا ارتباطها بأمراض الجهاز الهضمي مثل متلازمة الأمعاء الهيوجة (IBS).
أما البحث الحديث فيعرض إمكانية وجود صلة بين الشقيقة وزيادة خطر الإصابة بأمراض التهاب الأمعاء (IBD)، وهو مصطلح شامل يضم مرض كرون والتهاب القولون التقرحي.
الشقيقة وأمراض التهاب الأمعاء IBD:
وفقًا للدكتور بروكس دي كاش، الأستاذ ورئيس قسم أمراض الجهاز الهضمي وأمراض الكبد والتغذية في UTHealth Houston في تكساس، الذي لم يشارك في هذه الدراسة، لقد أدرك مجال أمراض الجهاز الهضمي منذ سنوات أن الشقيقة مرتبطة بكثير من متلازمات الجهاز الهضمي المزمنة وأمراضه.
ويقول: «تدعم البيانات الواردة في هذا التقرير التقارير السابقة عن وجود علاقة بين الشقيقة ومرض التهاب الأمعاء».
لم تفاجئ نتائج البحث الدكتور رودولف بيدفورد، المختص المُجاز من هيئة أمراض الجهاز الهضمي في مركز بروفيدنس سانت جون الصحي في سانتا مونيكا، كاليفورنيا، ولم يشارك أيضًا في هذه الدراسة.
أضاف الدكتور بيدفورد: «نرى بعض المظاهر خارج الأمعاء تظهر مع مرض التهاب الأمعاء مثل التي تنطوي على العين أو الإبصار، وقد تكون عصبية بطبيعتها، لذلك لم يكن الأمر مفاجئًا».
هذه ليست الدراسة الأولى التي تبحث في العلاقة بين الشقيقة ومرض التهاب الأمعاء. فقد وجدت دراسة نُشرت في مارس 2021 في الولايات المتحدة انتشارًا أعلى للشقيقة أو الصداع الشديد بين البالغين المصابين بمرض التهاب الأمعاء مقارنة بمن لا يعانون منه. وذكرت الأبحاث التي نُشرت في مارس 2023 زيادة انتشار مرض التهاب الأمعاء لدى الأشخاص المصابين بالشقيقة مع الهالة أو دونها.
هل تزيد الشقيقة خطر الإصابة بأمراض الأمعاء الالتهابية؟
وفقًا للدراسة الحالية، حلل الباحثون بيانات أكثر من 10 ملايين شخص عبر نظام الرعاية الصحية على مستوى البلاد لمواطني كوريا الجنوبية. وأظهرت النتائج أن حوالي 3% من السكان الذين أجريت عليهم الدراسة مصابون بمرض التهاب الأمعاء.
من خلال البيانات، وجد العلماء أن معدل الإصابة بمرض التهاب الأمعاء مرتفع ارتفاعًا ملحوظًا لدى الأشخاص الذين يعانون من الشقيقة مقارنة بمن لا يعانون منها.
راجع العلماء أيضًا بيانات مجموعات فرعية لمرضى مصابين بداء كرون والتهاب القولون التقرحي. وكان المصابون بالشقيقة في كلتا المجموعتين الفرعيتين أكثر عرضة للإصابة بداء كرون والتهاب القولون التقرحي مقارنة بالأشخاص غير المصابين بالشقيقة.
بعد تشخيص الشقيقة، وجد الباحثون أن الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بداء كرون بعد مراقبة ومتابعة استمرت 5 سنوات. إضافةً إلى ذلك، أفاد العلماء أنه داخل المجموعات الفرعية يكون تأثير الشقيقة في خطر الإصابة بالتهاب القولون التقرحي لدى الرجال أكثر من النساء.
نتائج الدراسة ليست حاسمة أو نهائية:
بناءً على هذه النتائج، يقترح فريق البحث مراقبة المصابين بالشقيقة بعناية لكي لا يصابوا بمرض التهاب الأمعاء.
لكن الدكتور كاش يرى أن البيانات المقدمة غير مقنعة لدعم هذا النهج أو التوصية، وقال: «نسب الاحتمالات التي أبلغ عنها في هذه الدراسة -التي قد تُعد احتمالات متزايدة لنتيجة وهي الإصابة بمرض التهاب الأمعاء مع التعرض لنوبة شقيقة- كانت مبنية على نسبة التعرض للنتيجة، وهو ليس نتيجة حتمية ويمكن بسهولة إساءة تفسيرها أو تحريفها. بأفضل أحوالها توحي النتائج بوجود ارتباط بين الشقيقة ومرض التهاب الأمعاء، وهذا معروف من أبحاث سابقة ويستحق مزيدًا من التقييم. لكن الحد الأدنى لزيادة احتمالات الإصابة بمرض التهاب الأمعاء الذي أبلغت عنه الدراسة لا يكفي للتوصية بزيادة مراقبة مرضى الشقيقة الذين قد يصابون بداء كرون أو التهاب القولون التقرحي».
أهمية تحديد المحفزات المحتملة لمرض التهاب الأمعاء:
قال الدكتور بيدفورد إنه من المهم تحديد المشكلات الصحية المحتملة التي قد تؤدي إلى مرض التهاب الأمعاء، فقد يتمكن الطبيب من التخفيف من أعراض مرض التهاب الأمعاء إذا كان يعرف ما قد يرتبط به.
وتابع: «قد تكون نوبات الشقيقة منهكة جدًا، وعادةً لا نسأل المرضى الذين يعانون من مرض التهاب الأمعاء إن كانوا يعانون من الشقيقة أم لا، لذلك من المحتمل أن يكون شيئًا يجب فعله أكثر مستقبلًا».
قال الدكتور كاش: «تضيف هذه النتائج إلى مجموعة أبحاث قوية نسبيًا تشير إلى أن متلازمات الألم المزمن أكثر شيوعًا إحصائيًا لدى المرضى الذين يعانون من المتلازمات للجهاز الهضمي أو أمراضه. ليس لدينا ما يكفي من المعلومات أو الأدلة حتى الآن لإقامة علاقة سببية في كلتا الحالتين. لكن بالوسع استخدام هذه البيانات لشرح بعض الأساليب العلاجية التي قد تفيد أعراض الجهاز الهضمي والأعراض العصبية لدى مرضى الصداع النصفي».
الخطوات المستقبلية التي يجب أن تطبقها الأبحاث:
فيما يتعلق بالخطوات التالية لهذا البحث، أشار الدكتور كاش إلى وجود حاجة إلى بيانات للتقييم الأسباب المحتملة لهذه الملاحظات لتفسير هذا الارتباط. وقال:
«حاليًا، كل ما لدينا هو فرضيات، فهل توجد تغييرات في مسارات الاتصال بين الأمعاء والدماغ أو التصورات الحسية في الجهاز المعوي والعصبي المركزي؟ هل لميكروبيوم الأمعاء تأثير؟ هل توجد عوامل نفسية تؤدي دورًا في الإصابة؟»
وأضاف أيضًا: «ما إن نحدد مثل هذه العلاقات السريرية، نحتاج إلى التحرك نحو محاولة شرح سبب وجود هذه العلاقات، وهذا بدوره قد يقودنا إلى تطوير علاجات أكثر استهدافًا وفاعلية يمكنها معالجة الأعراض والمتلازمات المتعددة».
اقترح الدكتور بيدفورد أن يبحث الباحثون عن علاقة بين IBD والشقيقة التي تحدث في نفس الوقت. نظرًا لأن الشقيقة مرتبطة بإطلاق السيروتونين، فقد شجع الباحثين على تفقّد الدور الذي تؤديه ناقلات السيروتونين داخل الجهاز الهضمي والأمعاء الصغيرة والقولون.
قال الدكتور بيدفورد: «أعتقد أنه يجب النظر في سؤال مرضانا عن مشكلات جودة الحياة، وهل توجد طريقة تمكننا من التخفيف من نوبات الشقيقة، ما قد يمنع تهيّج مرض الأمعاء الالتهابي، أو العكس».
وكالات
التعليقات مغلقة.