الحرائق تأتي على الأخضر والظاهرة في ازدياد.. ما الحل؟

فتحت ظاهرة حرائق الغابات التي شهدتها مناطق في محافظة عجلون الأسابيع الماضي الباب أمام إطلاق دعوات بـ”ضرورة تبني الحكومة خطة للإدارة المتكاملة لمثل هذه الحوادث، عبر إنشاء شرائط خضراء من الأشجار عريضة الأوراق في المواقع الغابوية للحد من انتشار الحريق في الغابة”، وفق خبراء.

وقدم الخبراء  جملة من الحلول للتعامل مع هذه الظاهرة على رأسها ” تطوير أنظمة للكشف عن حرائق الغابات والإبلاغ عنها في الوقت المناسب، وفرض جهد أمني لمعرفة المعتدين، ودوافع الاعتداء، وتنظيم سوق بيع الأحطاب، ومخالفة كل من يتعامل في بيع الحطب الناتج عن الاعتداء على الغابات الطبيعية”.

وتعتبر الأشجار المخروطية من الأنواع الأكثر عرضة للحرائق، بسبب وجود المادة الصمغية في سيقانها وأوراقها، وبالتالي فإن وجودها في الغابات النقية في الأردن وخاصة شجر اللزاب والصنوبريات منها، يجعل المناطق الغابوية أكثر تعرضا لانتشار الحريق، بحسب خبير الغابات د. ليث الرحاحلة.
وأضاف الحاحلة: “تكون سرعة انتشار الحرائق في تلك الغابات تحديدا كبيرا جدا، وخاصة مع وجود الأعشاب الجافة في الطبقة الأرضية، والتي يجب التخلص منها عبر فتح الرعي خلال المواسم المخصصة لذلك ولا سيما المطرية منها”.
وللحد من سرعة انتشار الحرائق، دعا إلى “زراعة الغابات المختلطة التي تتميز بوجود أشجار ذات أنواع متعددة مثل عريضة الأوراق كالسنديان، والبلوط والخروب، مع الإبقاء على الصنوبريات”.
وبين أن “هنالك مفهوما جديدا يندرج عالميا وهو الإدارة المتكاملة لحرائق الغابات، والذي يتطلب الأخذ بعين الاعتبار سلسة من التدخلات، من أهمها إزالة الأحطاب والسيقان الجافة باعتبارها مادة قابلة للاشتعال”.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل لا بد من “التوسع في نقاط التزويد المائي التي لا توجد بكثرة في مناطق الغابات في الأردن، والمستخدمة في عمليات إطفاء الحرائق، مع تدريب كوادر وزارة الزراعة على المراقبة والاستجابة للحريق”، كما أكد.
وشدد على أن “الممارسات والأنشطة البشرية هي السبب الرئيسي في انتشار الحرائق في الغابات، وخاصة خلال فترات التنزه في موسم الصيف، والتي لا يتم أثناؤها أخذ الاحتياطات الواجبة من المتنزهين لمنع التسبب بالحريق”.
وأشار إلى أن “تداخل الأراضي الزراعية والمدن المجاورة مع مناطق الغابات، مثل منطقة برما ومحافظة جرش، تعد من الأسباب لانتشار الحرائق بفعل الممارسات الخاطئة للمزارعين والمجتمعات المحلية، والتي تتسبب بخسائر بشرية ومادية”.
ونوه بـ”أهمية التوسع بإنشاء الطرق التي تتضمن مرور الآليات وفرق الإطفاء بيسر وسهولة في المناطق الغابوية، والمضي بالمشروع الوطني للتقليم الصناعي للأشجار، وإزالة الأغصان الجافة، وبيعها للمجتمع المحلي كبديل لوقود التدفئة في فصل الشتاء”.
وقال الرحاحلة إن على الحكومة “المضي بتصميم الشرائط الخضراء في الغابات من الأشجار عريضة الأوراق، والتي تكون بمثابة حواجز تعمل على منع انتشار الحرائق”.
وتلعب التغيرات المُناخية وارتفاع درجة الحرارة دورا “في زيادة شدة الحرائق وخطوة تعرض الغابات للحريق، ولكنها لا تعد سببا رئيسيا، وخصوصا في الأردن”، بحسب الرحاحلة.
وفي رأي المختص في مجال التنوع الحيوي إيهاب عيد، فإن “تطوير خطة استجابة استباقية للحرائق لحماية الغابات في الأردن، يعد من أهم الحلول التي يجب على صناع القرار والجهات المعنية اتخاذها”.
وتندرج ضمن هذه الخطة، وفق قوله، إجراءات عدة من بينها “تطوير أنظمة للكشف عن حرائق الغابات والإبلاغ عنها في الوقت المناسب، بما في ذلك استخدام أبراج المراقبة، وتقنيات الاستشعار عن بعد”.
وأضاف عيد: “كما لا بد من منح تدريب لمراقبي الحرائق، وتطوير تقنيات الاستشعار عن بعد، مع إنشاء نظام إنذار مبكر يتكون من كاميرات للمراقبة”.
وأما بما يتعلق بأبراج المراقبة، فأكد عيد “ضرورة أن توزع بحسب حساسية المناطق، أو درجة تعرض الغابات تاريخيا للحرائق، واستخدام التقنيات الحديثة مثل الطائرات بدون طيار المجهزة بأجهزة استشعار للأشعة تحت الحمراء كلما أمكن ذلك في النقاط الرئيسية، والمواقع التي تتسم بأنها عالية الخطورة للحرائق لمراقبة أي علامات للدخان”.
إضافة إلى ذلك “يتوجب البدء بالاستفادة من صور الأقمار الصناعية، وتكنولوجيا الاستشعار عن بعد لاكتشاف التغيرات في صحة الغطاء النباتي، والشذوذات الحرارية التي يمكن أن تشير إلى وجود حرائق في الغابات”، بحسبه.
ومن بين الحلول كذلك “تركيب محطات مراقبة الطقس داخل منطقة الأراضي الغابوية لتتبع درجة الحرارة، والرطوبة، وسرعة الرياح، وهطول الأمطار، وأجهزة استشعار أول أكسيد الكربون”.
واقترح عيد “العمل على تحليل كافة هذه البيانات لتقييم مؤشرات خطر الحرائق، والتنبؤ بسلوك الحريق، وربط هذه الأنظمة مع شبكات الاتصالات لإطلاق الإشعارات، ونشر التنبيهات في الوقت المناسب إلى المؤسسات ذات العلاقة، ومن أهمها الدفاع المدني”.
ولا بد أن تتضمن الخطة أيضا “برامج تدريب تتجاوز الجهات المختصة لتشمل للمؤسسات الفاعلة في المناطق الغابوية لمجابهة تأثير الحرائق”.
وشدد على أن “الغابات تُشكل أهمية بيئية مجتمعية واقتصادية، فهي تعتبر محطة للاستجمام والتنزه للمواطن في ظل التغيرات المناخية التي تشهدها المملكة”.
وفي رأي الخبير في السياسات البيئية عمر الشوشان فإن “مكافحة الحرائق تحتاج إلى إدارة الإمكانات المالية والفنية والإدارية المتاحة، ولا تحتاج إلى تخصيص مبالغ طائلة لوقف استنزاف الثروة الحرجية”.
واستدرك شوشان: “ولا يكون ذلك، إلا من خلال فرض جهد أمني لمعرفة المعتدين، ودوافع الاعتداء، والعمل على إزالة مسببات الحرائق المفتعلة، من خلال توفير الحماية اللازمة، وتنظيم سوق بيع الأحطاب، ومخالفة كل من يتعامل في بيع الحطب الناتج عن الاعتداء على الغابات الطبيعية”.
كما لا بد من “تدريب وتأهيل فرق الإطفاء المحلية، والمتطوعين على تقنيات مكافحة الحرائق والوقاية منها، ومن ثم إنشاء فرق استجابة سريعة للتعامل مع الحرائق تتضمن قوات الدفاع المدني والبلديات، ومديرية الحراج”.
ومن بين المقترحات المهمة التي قدمها الشوشان “إشراك المجتمع المحلي في برامج التطوع لتعزيز جهود الحماية، ومكافحة الحرائق، مع تنظيم حملات توعية مستمرة لتعليم السكان المحليين، والمزارعين حول طرق الوقاية من الحرائق، وأهمية الحفاظ على الغابات”.
ومن وجهة نظره فإن “ثمة حاجة ملحة لتعزيز الموارد المحلية من خلال استغلال الغابات بشكل مستدام لتعزيز الموارد الاقتصادية المحلية، مثل السياحة البيئية والصناعات الحرجية، والاستفادة من الأحطاب الناتجة من حوادث طبيعية مثل الأغصان التي تتلف نتيجة تراكم الثلوج، أو الجفاف الحاد”.
ويعد “تعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية للحفاظ على التنوع البيولوجي، وتقليل خطر الحرائق، وتنفيذ برامج إعادة التشجير، واستعادة النظم البيئية للمناطق المتضررة من الحرائق من الحلول في مواجهة الحرائق مستقبلا”، كما أفاد شوشان.

فرح عطيات/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة