هل تنجح عمليات غسيل الأموال في إخفاء حقيقة الأموال الغير نظيفة ؟


أحمد غزالة – مصر

= 

أصدقائي القراء أتناول معكم في هذا المقال جريمة اقتصادية ذات طابع خاص ، وهي عمليات غسيل الأموال والتي انتشرت في الآونة الأخيرة بصورة كبيرة سواء على المستوى المحلي أو الدولي ،ويقوم بتنفيذها عقول إجرامية قد ماتت ضمائرها وقلوبها حيث باعوا أنفسهم للوهم والشيطان ، وتملكت من نفوسهم الضعيفة شهوة المال فتحصلوا عليه بكافة الوسائل الغير مشروعة ، وقداعتاد المجتمع فى معظم الجرائم أن مرتكبيها يتصفون دائما بالجهل وغياب الفكر والثقافة ،

ولكن هذه الجرائم ذات طابع مختلف فالكثير من مرتكبيها قد يتصفون بأنهم على درجة عالية من العلم والثقافة والفكر، وأحياناً من أصحاب السلطة والوظائف العامة في الدولة ،ولكن بكل أسف قد خالفوا ضمائرهم ، وخانوا الأمانة الموكلة إليهم فتربحوا من وظائفهم بالرشوة وكافة سبل الفساد ، حتى أصبحت هناك فجوة واضحة بين مصادر دخولهم المشروعة ، وبين ما يمتلكونه من ثروات ،

وهنا تبدأ تلك العقول الإجرامية في محاولاتها لإخفاء هوية أموالها الغير نظيفة ،  والتي لا تتناسب مع حقيقة دخولهم ، وذلك في محاولة لخداع المجتمع والهروب من ملاحقة القانون لهم ، فيقومون بتوجيهها نحو اسـتـثـمارات مـشـروعة وأنـشـطـة مـقـبولة اقتصادياً وقانونياً واجتماعياً ؛ لمحاولة إضفاء الصفة المشروعة عليها ، ويقومون بمحاولة إظهارها للمجتمع كأنها أموالاً مشروعة أو نظيفة ، وهى بمثابة إخفاء وتمويه لحقيقة الأموال المكتسبة بطرق غير مشروعة ،

وهناك من الاقتصاديـين يطلق عليها لفظ ( الأموال القذرة )  ، وتلك العقول الإجرامية التى تلجأ لهذه العمليات قد تمارسها خارج حدود الدولة بعد تهريب الأموال إلى دول تساعد على عمليات الغسيل ، وفى أوقات كثيرة نجد أن أصحاب هذه الأموال القذرة لا يستطيعون ممارسة عمليات غسيل الأموال بأنفسهم فقد يكونوا من أصحاب الوظائف العامة التي لا تسمح لهم بممارسة أنشطة تجارية ، فيضطرون لدفع هذه الأموال لاستثمارها عن طريق وسطاء حتى لا يتم إلقاء الضوء عليهم فيكون من السهولة كشف تربحهم من وظائفهم بعد أن خانوا الأمانة وحنثوا فى اليمين إذا كانت وظائفهم من الوظائف التى تستلزم حلف اليمين قبل ممارستها ، وأيضاً عند القيام بعمليات الغسيل لا يقومون بدفع هذه الأموال نحو الاستثمار دفعةً واحدة ، ولكن يحاولون إدخالها إلى الدورة الاقتصادية تدريجياً  بمكر ودهاء ثم إظهارها إلى المجتمع وكأنها أموالاً نظيفة جاءت من مصادر مشروعة وتضخمت تلك الأموال بأسباب التجارة والأرباح ، ،

ولكن هل تنجح تلك العمليات في إخفاءة حقيقة هذه الأموال فعلاً ؟ وهل ينجح القائمون عليها في الحفاظ على صورتهم أمام المجتمع والهروب من مسائلة القانون لهم  ؟ وإذا نجحوا في ذلك وهذا أمر مستبعد في معظم الحالات  ، فهل ينجحون في خداع الله عز وجل ؟! ، وبماذا يجيبون على الله  يوم الوقوف بين يديه وسؤالهم عن أموالهم من أين اكتسبوها وفيما أنفقوها ؟  ، والأمر الذي يدعوا لمزيد من التعجب حول تلك الشخصيات الغير سوية أنهم قد يحافظون على المظاهر الدينية والتبرع لأوجه الخير في محاولة جديدة لخداع المجتمع بأنهم من أهل البر والإحسان ، والله غني عنهم وعن أموالهم الغير نظيفة ، وإلى اللقاء مع القارىء الكريم في كتابات لاحقة إن شاء الله .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.