7 مواقع أردنية على قائمة التراث العالمي.. ما الفائدة وكيف نعظمها؟

يعيد إدراج موقع أم الجمال الأثري ضمن قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو”، واقع حال المواقع الأثرية في مختلف محافظات المملكة إلى الواجهة مجددا، في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المطالبة بإيلاء تلك المواقع المزيد من الاهتمام لتأهيلها وإبرازها عالميا، وبالتالي المضي في خطط لإدراج بعضها في قائمة التراث العالمي أو الإسلامي (إيسيسكو).

وبالإضافة إلى أم الجمال، تضم تلك القائمة العالمية (يونسكو) مواقع أثرية أردنية عدة، هي البترا وقصير عمرة وأم الرصاص ووادي رم والمغطس والسلط، فيما هناك العديد من المواقع التي وجدت لها مكانا في قائمة (إيسيسكو)، ومنها قلعة عجلون، ومسجد عجلون الكبير، بالإضافة إلى مواقع طواحين السكر وقلعة العقبة وقصر المشتى وقلعة ضبعة.

وفي قراءة عامة لواقع المواقع الأثرية في محافظات المملكة، يظهر أن ضعف الاهتمام يطال أغلبها، نظرا لمحدودية المخصصات المالية المتعلقة بأعمال البنى التحتية والصيانة والتأهيل، وغيرها من الخدمات أو المتطلبات اللازمة لتحسين واقعها، بالإضافة إلى محدودية أعداد الكوادر العاملة في المواقع الأثرية “المسجلة” على قاعدة البيانات في دائرة الآثار العامة والتي يزيد عددها على 15 ألف موقع، وسط تحديات تواجه عملهم، لا سيما المتعلقة بحماية تلك المواقع من السرقة وأعمال التخريب والعبث.

البلقاء.. مواقع كثيرة غير مؤهلة لاستقبال الزوار
في محافظة البلقاء، وتحديدا على امتداد وادي الأردن، هناك عشرات المواقع الأثرية معظمها لا يلقى الاهتمام اللازم للحفاظ عليها باستثناء قلة من المواقع المؤهلة لاستقبال الزوار كموقع عماد السيد المسيح (المغطس).

ورغم أن تل دير علا وتل الكفرين وتل الرامة وحقول الدولمة، جميعها مواقع أثرية تمثل حقبا تاريخية مهمة، إلا أنها ما تزال تعاني قلة الاهتمام، فيما يبقى موقع أقدم ميناء بحري في العالم هو الأهم من بين المواقع التي من الممكن تأهيلها لإبرازها عالميا واستقبال الزوار.

فميناء “هيرود” الواقع على الشاطئ الشرقي للبحر الميت، يعد واحدا من أقدم الموانئ التي عرفتها البشرية وما تزال بقاياه موجودة، إلا أنه في المقابل، يعاني من قلة الاهتمام لإبرازه كموقع سياحي فريد.

والموقع الذي يضم بقايا شواهد أثرية كالقصر أو ما يُعرف بـ(الفيلا) بحسب علماء آثار، يمثل حقبة تاريخية مهمة وهي الفترة الهلنستية في الأردن (332 ق.م – 63 ق.م)، التي تعد من أكثر الفترات التاريخية إثارة للاهتمام، نظرا للعدد المحدود جدا من المباني التي ترجع إلى هذه الفترة، والمتمثلة بقصر العبد في عراق الأمير، وقلعة مكاور، وقصر هيرود في عين زارة على الشاطئ الشرقي للبحر الميت.

بشأن ذلك، يؤكد الرئيس التنفيذي لجمعية أصدقاء البحر الميت زيد السوالقة، أن ميناء هيرود هو واحد من 25 موقعا أثريا يقع على ضفاف البحر الميت، لافتا إلى أن غالبية هذه المواقع غير مستغلة ومهملة، رغم أنها تستقطب أعدادا كبيرة من السياح من مختلف أنحاء العالم.

يرى السوالقة، أن “قلة الاهتمام بموقع ميناء وقصر هيرود تسببت بتخريبه وأحالته إلى مكرهة صحية”، مشيرا إلى أن “مثل هذا الموقع المهم يحتاج إلى المزيد من الرعاية والتأهيل والتطوير والترويج له كوجهة سياحية كبقية المواقع الأثرية في الأردن”.

وقال، “إن بقاء موقع أثري تاريخي وإرث إنساني مهم بوضعه الحالي، أمر غير مقبول”، مشددا على “ضرورة العمل على النهوض بهذا الموقع وتأهيله ووضعه على خريطة السياحة الأردنية، خصوصا أنه يقع ضمن منطقة الزارة التي تشهد إقبالا كبيرا للسياح والزوار”.

وتضم محافظة البلقاء ما يقارب 76 موقعا أثريا، يتفاوت حجم الاهتمام بها، بينما يبرز اهتماما لافتا بمتحف السلط التاريخي (بيت أبو جابر) الذي يعد واحدا من أبرز البيوت التراثية في وسط مدينة السلط العتيقة، ويعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، ونظرا للأهمية التاريخية والمعمارية لهذا المبنى، قامت وزارة السياحة والآثار باستملاكه وترميمه وتحويله إلى متحف، إذ تم افتتاحه في العام 2010، ويتزايد عدد زواره من داخل المملكة وخارجها عاما بعد عام.

ومن بين أبرز المعالم التراثية في البلقاء، المستشفى الإنجليزي الذي بدأ كمستوصف طبي عام 1883، وبعدها جهز كمستشفى في العامين (1904 – 1905)، حيث نقلت إليه المعدات والأدوات الطبية والممرضين من المستشفى الإنجليزي الذي كان قائما في مدينة عكا منذ عام 1900، أما في الوقت الحاضر، فقد جهز من أجل تدريب وتأهيل المعلمين من داخل المملكة وخارجها لكيفية تدريب الصم والبكم.

ولا يمكن المرور عن مدرسة السلط الثانوية للبنين التي تم إنشاؤها عام 1918، وبدأ التدريس فيها عام 1919، وتعد أول مدرسة ثانوية في إمارة شرق الأردن، وما تزال تلعب دورا مهما في تخريج أفواج جديدة من الطلبة المتسلحين بالعلم والمعرفة، وقد خرّجت عددا من رؤساء الوزارات والوزراء، وعددا كبيرا من النواب والأعيان في المملكة.

وفي محافظة البلقاء أيضا، المتحف الأثري الذي يقع فــي حي السلالم السفلي بمدينة السلط، في مبنى تراثي تم بناؤه بين عامي (1900-1905)، و الذي يحتوي على قطع قديمة تعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد، وكذلك قلعة السلط التي يرجع تاريخ بنائها إلى العام 1220 في عهد الملك المعظم عيسى بن العادل ابن أبي بكر بن أيوب، بالإضافة إلى صرح الجندي التركي المجهول الذي أقيم بجانب قلعة السلط على مقبرة يرقد تحت ثراها الضباط الأتراك الذين وافتهم المنية أثناء القتال مع القوات البريطانية في الحرب العالمية الأولى سنة 1918.

إربد.. أهمية أم قيس لا تشفع لتطويرها
وتبرز في محافظة إربد العديد من المواقع الأثرية هي طبقة فحل وبيت راس وقويلبة وأم قيس التي يقول رئيس لجنة السياحة والآثار في مجلس المحافظة سمير عديلات إن العمل في الموقع الأثري هناك، يسير ببطء شديد ودون المستوى المطلوب، مشددا على أن “الموقع الأثري في أم قيس بحاجة إلى عناية كبيرة في ظل وجوده على الخريطة السياحية العالمية”.

وسبق أن اختارت منظمة السياحة العالمية أم قيس ضمن أفضل القرى السياحية في العالم، وذلك بعد تحقيقها للشروط والمتطلبات كافة المطلوبة من المنظمة.

ولفت عديلات، إلى أن “مجلس المحافظة خصص هذا العام 5 آلاف دينار وهذا الرقم ضئيل في ظل حاجة الموقع إلى ملايين الدنانير لاكتشاف الآثار التي ما تزال تحت الأرض”، مبينا أن “نسبة اكتشاف الموقع ما تزال لا تتجاوز 15 %، وبالتالي المطلوب تخصيص أموال من الموازنة العامة للدولة لهذا الموقع العالمي”.

وأضاف، أن “الموقع الأثري بحاجة إلى تطوير البنية التحتية وإيجاد أسواق تجارية من خلال طرح المواقع للاستثمار المحلي لإقامة أسواق تجارية تراثية لعرض المنتجات المحلية والتراثية والتحف وغيرها”، مشيرا في الوقت ذاته إلى “الحاجة أيضا لعربات أو سيارات كهربائية لنقل السياح إلى الموقع الأثري، خصوصا أن المدينة الأثرية مترامية الأطراف وبحاجة إلى تأهيل طريق لتسلكه تلك المركبات، لا سيما أن المنطقة الغربية غاية في الجمال، ويوجد فيها أعمدة وحجر بازلت أسود، إلا أنها بعيدة ما يقارب الكيلو عن الموقع الأثري وبحاجة إلى تأهيل طريق من أجل الوصول إليها”.

وأكد عديلات أن “المدينة الأثرية بحاجة إلى تزويدها بوحدات إنارة من أجل إضاءتها بشكل كامل، إضافة إلى تأهيل المدرج الموجود في الموقع لعمل فعاليات سنوية أسوة بموقع جرش الأثري”، مضيفا أن “هناك منحة بقيمة 5 ملايين دينار للقيام بأعمال حفريات تم تخصيصها لموقع قويلبة الأثري، إضافة إلى وجود منحة أخرى لترميم المدرج الروماني في موقع أم قيس الأثري”.

أما مدير آثار إربد الدكتور زياد غنيمات، فيؤكد من جهته، أن “المواقع الأثرية في محافظة إربد تحظى باهتمام من قبل وزارة السياحة، فيما يوجد في المحافظة مئات المواقع الأثرية التي ما تزال غير مرممة وتحتاج إلى مبالغ كبيرة لإظهارها على الخريطة السياحية”.

وأشار غنيمات إلى أن “مدينة أم قيس الأثرية تعد من أبرز المواقع الأثرية والسياحية في المحافظة، وبدأ العمل بها في ستينيات القرن الماضي من أعمال تنقيب والكشف على المعالم الأثرية كالمسرح الروماني الغربي والشمالي وشارع الأعمدة والحمامات الرومانية والكنائس وأكبر نفق مائي، إضافة إلى القرية التراثية ووجود 32 حوشا ترابيا”.

كما أن “مجلس المحافظة لم يخصص هذا العام إلا 5 آلاف دينار، وهذا المبلغ تم تخصيصه للقيام بأعمال النظافة وإزالة الأعشاب الجافة في الموقع الأثري، رغم أن الموقع يزوره الآلاف سنويا سواء من سياح محليين أو عرب أو أجانب”.

ولفت كذلك إلى “المتحف الواقع فوق مرتفع الأكروبوليس لمدينة جدارا القديمة (أم قيس) والذي بني في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي أواخر الفترة العثمانية 1860، حيث استملكت دائرة الآثار العامة الموقع الأثري ورممته بالتعاون مع المعهد البروتستانتي الألماني عام 1990، واستخدم كمتحف لحفظ آثار موقع مدينة أم قيس الأثرية”.

وبحسب غنيمات، تشرف مديرية آثار إربد على ما يفوق 150 موقعا أثريا مستملكا ومسجلا لدى دائرة الآثار العامة، بالإضافة للكثير من المواقع الأثرية غير المستملكة، مشددا على أن “مديرية آثار إربد تعمل على الحفاظ على المواقع الأثرية في المحافظة من خلال إجراء صيانة وترميم وإدامة للمباني والمواقع الأثرية وبشكل دوري وضمن خطط عمل مستمرة وتفقد تصريف المياه والنظافة، ثم إدامة المباني وصيانتها بشكل دوري”.

الأنظار تتجه إلى قلعة الكرك
أما في محافظة الكرك، فإن أكثر ما تواجهه المواقع الأثرية المنتشرة بمختلف مناطق المحافظة، هي توفير الحماية لها من التخريب والتدمير، إضافة إلى توفير البنية التحتية الضرورية لجعلها جاذبة للزيارات السياحية الداخلية والخارجية.
وتؤكد سجلات الآثار الرسمية، أن محافظة الكرك تضم زهاء 2167 موقعا أثريا، كبيرا وصغيرا، وهي منتشرة على امتداد مناطق المحافظة، وبعض هذه المواقع مسجلة رسميا لدى دائرة الآثار العامة ويتم متابعتها ومراقبتها رسميا، وبحسب أهميتها، في حين تقدر مصادر غير رسمية بأن المواقع الأثرية بالكرك تصل إلى حوالي 5 آلاف موقع.

ومن أبرز المواقع الأثرية والمنتشرة في المحافظة، قلعة الكرك التاريخية التي يجري الإعداد لتقديمها ضمن قائمة (إيسيسكو) وكذلك (يونسكو)، إلا أن هناك مواقع أخرى كثيرة يعود أغلبها إلى مختلف العصور التاريخية، ما تزال مهملة تنتظر التأهيل والصيانة، لتصبح جزءا من المسارات السياحية بالمحافظة، خصوصا أن الكثير من السياح لا يعرفون عن المواقع الأثرية سوى قلعة الكرك.

وكان وزير السياحة والآثار مكرم القيسي، زار المحافظة الأسبوع الماضي يرافقه فريق وزاري لمتابعة مشاريع رسمية، حيث أكد أن العمل قائم لإدراج قلعة الكرك الأثرية ضمن قائمة التراث الإسلامي، حيث سيتم في شهر آب (أغسطس) المقبل تقديم الملف الخاص بها، معربا عن أمله في أن يصار إلى إدراجها قبل نهاية العام الحالي، وأن يتم إنجاز ملف متكامل عن القلعة لإدراجها العام المقبل على اللائحة التمثيلية لـ(يونسكو).

والجدير بالذكر، أن غالبية المواقع في الكرك، تعاني من ضعف المخصصات المالية لها للاهتمام بها، حيث تشير أرقام مجلس المحافظة إلى أن مخصصات قطاع الآثار في موازنة المجلس على مدار سنوات متتالية تقدر بـ40 ألف دينار فقط، وهي مخصصات لا ترتقي إلى أهمية القطاع وحاجته الماسة للنهوض به، بينما تغيب عن معظمها عمليات الصيانة والتأهيل، ما يبقيها عرضة لعمليات العبث والتعدي والتخريب الذي قد تصل إلى حد تدميرها أثناء عمليات البحث العشوائي عن الدفائن.

ووفق رئيس مجلس المحافظة الدكتور عبدالله العبادلة، فإن “موازنة المحافظة للعام الحالي، بلغت نحو 8 ملايين و696 ألف دينار، وتشكل أقل قيمة بين موازنات المحافظات، وتوزعت الموازنة على 17 قطاعا استفاد منها 156 مشروعا فقط”.
وأشار العبادلة إلى أن “مخصصات قطاعي السياحة والآثار في موازنة العام الحالي بلغت 40 ألف دينار، وتوزعت على قطاع  الآثار بواقع مشروعين، ومشروع واحد لقطاع السياحة.

من جهته، يؤكد مدير مشروع حماية الأثر المادي في جمعية السلم والتضامن بالكرك طارق مبيضين، أن “محافظة الكرك من أكثر المناطق بالمملكة احتواء على مواقع أثرية”، مشيرا إلى أن “دائرة الآثار العامة لا تستطيع توفير الحماية الكاملة للمواقع لكثرتها، وأحيانا يوجد مواقع في مناطق بعيدة وصعبة ويتم اكتشافها بالصدفة وتتعرض لتدمير بسبب ضعف الوعي المجتمعي بقيمتها وأهميتها”.

وأضاف مبيضين، أن “على الأجهزة المعنية، صيانة وإعادة تأهيل هذه المواقع لتصبح جزءا من المسارات السياحية بالمحافظة، وحينها يصبح الاعتداء عليها صعبا مع وجود حركة سياحية”، لافتا إلى أن “هناك العديد من المواقع الأثرية التي تلقى الرعاية والاهتمام الرسمي من دائرة الآثار العامة، وتجري لها عمليات ترميم دائمة حرصا عليها”.

أما الناشط والباحث السياحي محمود الصعوب، فيرى أن “هناك مواقع مثل آثار بلدة القصر النبطية، وآثار الربة القديمة، وآثار ذات رأس وشقيرا، وأكثر من موقع بالأغوار الجنوبية، وجميعها مواقع مهمة، لكنها مهملة، ولا يتوفر فيها أي مرافق وخدمات أو حتى صيانة ويجب الاهتمام بها ووضعها على خريطة السياحة، ناهيك عن أهمية الصيانة والتأهيل في حماية المواقع وإدامتها وزيادة أعداد زوارها من الداخل والخارج”.

جرش.. مواقع تتحول لمكب نفايات
في محافظة جرش، تتعرض العشرات من المواقع الأثرية المستملكة من قبل دائرة الآثار العامة للعبث والتخريب، وتحول بعضها إلى مكبات للنفايات ومراع للمواشي بسبب الإهمال وتركها بدون صيانة أو حراسة أو تنظيف.
ووفق أرقام وزارة السياحة والآثار، فإن عدد المواقع الأثرية المسجلة في محافظة جرش هو 85 موقعا، بينما المكتشف يصل إلى 160 موقعا.

ولا يخفى على أي زائر، سوء أوضاع غالبية المواقع الأثرية من حيث العبث فيها، والبحث عن الدفائن وتراكم أطنان من النفايات، والعبث بحجارتها وتاريخها وقيمتها الأثرية، باستثناء مدينة جرش الأثرية التي تلقى اهتماما خاصا كونها على الخريطة السياحية.

ووفق خبراء، فإن 78 % من المواقع الأثرية في جرش ما تزال تحت الأرض، وأن المكتشف منها لا يزيد على 28 %، بالرغم من السنوات الطويلة من التنقيب وإنفاق ملايين الدنانير.

ومن وجهة نظر الخبير السياحي ورئيس لجنة السياحة في مجلس محافظة جرش الدكتور يوسف زريقات، فإن “آثار مدينة جرش ما يزال معظمها غير مكتشف، ومن هذه الآثار منطقة الحمامات الشرقية المهملة، والكثير من المعابد، وسور المدينة، ومنطقة الجسر الروماني”، مبينا أن “ما تم ترميمه لم يزد عن المناطق الظاهرة أصلا، والتي لا تحتاج إلى بذل جهود كبيرة، كما أن معظم عمليات التنقيب تمت من قبل بعثات أجنبية متطوعة، وطلاب من المعاهد الإيطالية”.

وأضاف زريقات، أن “مدينة جرش عبارة عن كنز أثري تراثي تاريخي عالمي ذي قيمة أثرية كبيرة ومهمة جدا، ويجب أن يتم إيلاؤها مزيدا من الاهتمام والعناية والرعاية، وتعيين حراس عليها لحمايتها من العبث والبحث عن الدفائن وحماية حجارتها من العبث والتخريب، وحمايتها من النفايات التي حولتها إلى مكاره صحية”.

وقال إن “دائرة الآثار العامة كل ما قامت به هو استملاك المواقع الأثرية التي منها ما كان معروفا ومنها ما عثر عليه مواطنون، وتركتها على نفس الحال التي تم العثور عليها به من دون أي عناية أو اهتمام”، لافتا إلى أن “استثمار هذه المواقع من أهم المشاريع الأثرية السياحية التي سترفع مدينة جرش إلى قائمة التراث العالمي، خصوصا أن المواقع الأثرية متعددة، ومنها سياحية دينية يمكن أن يتم استثمارها بهذا الجانب لكثرة الكنائس المكتشفة في جرش، ومنها الكنيسة المثمنة وكنيسة البرج وكنيسة قرمل وكنيسة زقريط وكنيسة الجسر وكنيسة بالقرب من مركز أمن مدينة جرش وموقع الحمام الروماني في موقع البركتين الأثري”.

وأكد زريقات أن “مواقع عدة مستملكة منذ عشرات السنين وبمساحات مختلفة، ومنها قصر الباشا في بلدة سوف والمستملك لوزارة السياحة منذ أكثر من 30 عاما، الذي ما يزال بنفس الوضع طيلة هذه المدة، ولم تجرَ فيه أي أعمال صيانة أو ترميم أو تطوير أو أي استثمار مما عرضه للعبث والتلف بفعل عوامل الطبيعة، فضلا عن تركه مكبا للنفايات وسط بلدة سوف”.

إلى ذلك، قال مصدر مطلع في مديرية آثار جرش، إن “المواقع الأثرية المهمة التي يتم اكتشافها في مدينة جرش من قبل فرق التنقيب أو من قبل المواطنين وأصحاب الملكيات الخاصة وقراها، وهي متعددة، إما أن يتم استملاكها أو نقلها إلى متحف جرش الأثري إن كانت مهمة وتاريخية وأثرية وذات قيمة كبيرة. ويحدد قيمتها وأهميتها خبراء من دائرة الآثار العامة ومديرية آثار جرش، وتقوم الدائرة بعد ذلك بتعيين حارس عليها أو وضع سياج”.

وأضاف المصدر ذاته، أن “الوضع المادي يحول دون تمكن الدائرة من متابعة أعمال التنقيب في بعض المواقع أو متابعة الاستملاك أو الصيانة والتطوير، ويتم مراقبتها بين الحين والآخر، إلا أنها بحاجة إلى صيانة أسوارها سنويا لعبث المواطنين بها”.

عجلون.. تركيز على القلعة والمسجد الكبير
إلى محافظة عجلون، حيث ينصب التركيز على ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام بقلعة عجلون ومسجد عجلون الكبير، اللذين تم إدراجهما ضمن قائمة (إيسيسكو)، من حيث الحاجة لأعمال الصيانة والترميم، والترويج لهما إعلاميا وسياحيا.

ذلك الأمر من وجهة نظر الباحث محمود الشريدة، “سيكون له بالغ الأثر في إبراز هذا المسجد التاريخي القديم كمعلم ديني وتراثي، ويتيح للجهات المعنية الاستفادة من الرعاية والدعم المتوقع سواء كان بالترويج له أو توفير المخصصات الكافية لكل ما يحتاجه من أعمال صيانة وترميم”.

من جهته، يؤكد مدير سياحة المحافظة فراس الخطاطبة، أن “المجموعات السياحية العربية والإسلامية القادمة تزور ضمن المسار السياحي المسجد الذي يتوسط المدينة وقلعة عجلون”.

ووفق مدير أوقاف المحافظة، الدكتور صفوان القضاة، فإن مسجد عجلون يعد ثاني أقدم المساجد الأردنية بعد المسجد الحسيني بالعاصمة عمان، مشيرا إلى أنه يتسع مع التوسعات الجديدة لأكثر من ألف مصل، ويضم المسجد القديم ثلاث خلوات، واحدة للمعتكفين، وأخرى دار للقرآن الكريم، ومدرسة شرعية على هيئة الكتاتيب القديمة.

العقبة.. إهمال لأقدم ميناء أثري و”العباسية التاريخية”
ورغم أن المواقع الأثرية والتاريخية في مختلف مناطق محافظة العقبة، تلقى اهتماما واسعا من قبل سلطة منطقة العقبة الاقتصادية العامة ودائرة الآثار العامة، إلا أن بعضها ما يزال يحتاج إلى المزيد من الرعاية، لا سيما إيجاد مسار سياحي لمنطقة العباسية التاريخية في منطقة الحميمة، بالإضافة إلى أقدم ميناء أثري أموي على ساحل المدينة السياحية.

ويطالب مواطنون ومختصون بضرورة إعادة عمليات التنقيب والبحث في جولة ثانية للميناء الأثري للكشف عن الأجزاء المدفونة ووضعه على الخريطة السياحية، ليضاف كمنتج سياحي جديد للعقبة التي تشهد تدفق آلاف السياح من مختلف دول العالم، إلى جانب الاهتمام بآثار مولد الدولة العباسية (الحميمة) والتي بقيت منذ عشرات السنين على حالها وسط حالة متردية، رغم مطالبة أبناء المنطقة المتكررة بالاهتمام بها لخلق فرص استثمارية في المنطقة السياحية.

وبين أجزاء مدفونة تحت التراب وأخرى تغمرها مياه البحر، يعاني ميناء أثري يعود للعصر الأموي في مدينة العقبة تم اكتشافه في العام 2018 من الإهمال، بانتظار تسليط الضوء عليه وإخراجه من عتمة التهميش ليكون حاضرا على المسار والخريطة السياحية بشكل يليق بمكانته الأثرية والمدينة الإسلامية التاريخية التي كان يخدمها.

وكانت أعمال تنقيب بحرية أجرتها الجمعية العلمية لحماية البيئة البحرية بداية العام 2018، أظهرت وجود ميناء بحري يعود إلى الفترة الإسلامية الأموية، فيما يعد الميناء الغارق تحت المدينة التي عرفت باسم “أيلة” في العصور القديمة أول عمارة بحرية غارقة يتم الكشف عنها في المنطقة.

ويقول المواطن محمد القرالة، إن “مدينة أيلة الإسلامية تعاني من تهميش في الترويج السياحي، رغم وجود ميناء بحري أثري”، مؤكدا أن “الموقع على وضعه الحالي غير مهيأ لاستقبال السياح والزوار بسبب عدم وجود أماكن للسير عليه، إضافة إلى عدم وجود لوحات إرشادية تعريفية للموقع”.

أما المواطن ماهر البطايبة، فيرى أن “الاكتشاف الكبير الذي جرى في العام 2018 لا يمكن أن يترك دون تحرك رسمي، للتنقيب في الموقع والإعلان عن الميناء البحري، لزيادة قيمة العقبة السياحية والأثرية والتاريخية”، مؤكدا أن “الجهات ذات العلاقة لا تقوم بدورها كما ينبغي، فالميناء كنز أثري يجب التوسع بالترويج له وربطه بالمقومات السياحية كافة الموجودة في العقبة”.

كما تعاني المنطقة الأثرية” العباسية” من العديد من الجوانب السلبية، أبرزها خلو المكان ووحشته إلى جانب عدم الاهتمام بمركز الزوار والذي تعرض لتكسير وخلع أبوابه وتراكم الأتربة فوق الآثار دون عناية، إضافة إلى عدم توفر الماء والمواصلات والمكان الملائم لإقامة السياح.

ويطالب أبناء المنطقة الذين يقطنون الحميمة الجديدة على الطريق الصحراوي، بإيجاد برامج تسويقية لمنطقة الحميمة القديمة الواقعة شمال مدينة العقبة السياحية مسافة 65 كيلو مترا، إضافة إلى وضع الحميمة على الخريطة السياحية، خصوصا أنها تقع في منتصف المثلث الذهبي للسياحة بين العقبة ووادي رم والبترا.

ووفق المواطن حسين الحساسين، فإن “الحميمة من أكثر القلاع الملكية المحفوظة في الشرق الأوسط، تعيش حالة استثنائية من التهميش، فأبناء المنطقة منذ سنوات يطالبون بضرورة إعادة إنشاء الشارع القديم الذي يوصل للمنطقة الأثرية وحاجته للتوسيع وفرشه بخلطة إسفلتية ساخنة، وإنشاء جسور وعبارات لتصريف مياه السيول في موسم الشتاء الذي يصبح فيه الوصول إليها صعبا لانقطاع الطريق”.

وأضاف الحساسين، أن “المنطقة تمتلك إرثا عربيا وإسلاميا متميزا، إلا أن ضعف البنية التحتية كان وراء غيابها عن المشهد السياحي والاقتصادي”.

 

الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة